كتاب عربي 21

أزمة الصحفيين.. والذي خبث!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
عندما يصدر عن "برلمان السيسي"، ما يفيد اختراع نص قانوني لا وجود له، فاعلم أن الحاصل في مصر الآن، تجاوز في الهبوط مستوى التفاهة بمراحل!

فرئيس الكيان المسمى برلمانا هو أستاذ للقانون، وقد حصل على الليسانس، والماجستير، والدكتوراه، وعندما يقبل أن يصدر بيان كالذي صدر أمس (الأحد) في أزمة نقابة الصحفيين، ولا يستشعر الحرج، فليس لنا إلا أن نقول على الدنيا السلام، فليس في دوائر الانقلاب من يشغله مبدأ احترام الذات، ولهذا فقد صار الجهر بالمعصية أمرا طبيعيا، وإذا كان هناك دائما بجانب الطغاة "ترزية قوانين"، يقومون بتفصيلها بما يمكن سيدهم من أن يوظف القانون في البطش، فإن هؤلاء كانوا دائما يحاولون أالظهور أمام الناس أنهم يجتهدون في فهم القانون وفلسفته، فإذا كان الخطأ حليفهم فلهم أجر المجتهدين، لكن هذا المستوى الذي وجدناه في بيان اللجنة ينحدر بأصحابه لقاع غير مسبوق، ولو في عهد المخلوع!

لقد قال البيان، إن وزارة الداخلية عندما اقتحمت نقابة الصحفيين، كانت تنفذ قرارا صادرا من النائب العام. وهذا الانحياز معروف بالضرورة من اللجنة المشكلة للتحقيق، وكان هناك تصريحات سابقة لرئيسها أسامة هيكل تسقط عنه الحياد المفترض، فقد بدا كما لو كان "المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية"، ولا تثريب عليه، فهو اختيار العسكر عقب الثورة لتولي منصب وزير الإعلام، وهو اختيار السيسي في إدارة قائمة "في حب مصر" فيما عرف بالانتخابات البرلمانية، وهو رجل فاروق حسني وزير ثقافة مبارك، المحفوف بعناية "أهل بيته"، عندما عينه مشرفا على صالون بالأوبرا، وبراتب ضخم!
وإذا كان مجلس نقابة الصحفيين سعى للخلاص من الأزمة وقد رأى العين الحمراء، ونذر الحرب، والتهديد بفرض الحراسة على النقابة التي حوصرت بالبلطجية والشبيحة الذين حملوا صور السيسي، فقد وافق من باب المضطر على لجنة تفتقد ولو للحياد الشكلي، فإنه يجوز والأمر كذلك أن تجد هذه اللجنة برئاسة "هيكل"، أن وزارة الداخلية طبقت القانون ونفذت أمرا صادرا لها من جهة قضائية هي النائب العام، الذي يمثل الشموخ المعروف للقضاء المصري.

ما لا يجوز هو أن تعلن اللجنة البرلمانية في تقريرها عدم صحة الاستناد للمادة (70) من قانون نقابة الصحفيين؛ بحجة أن ما جرى من دخول رجال وزارة الداخلية للنقابة بهدف القبض على اثنين من الصحفيين، صدر ضدهما قرار بالضبط والإحضار من النائب العام إنما تسرى عليه المادة (99) من قانون الإجراءات الجنائية. وهو مأزق لا يقع فيه طالب بالسنة الأولى بكلية الحقوق، ناهيك عن لجنة تخضع لإشراف من هو حاصل على درجة الدكتوراه في القانون، ويعمل أستاذا جامعيا لدارسي القانون.
المادة (70) من قانون نقابة الصحفيين، تحظر تفتيش مقر النقابة إلا بعد حضور ممثل عن النيابة العامة وفي وجود نقيب الصحفيين، وعندما جرت الإحالة في تقرير "سيد قراره سابقا"، للمادة (99) من قانون الإجراءات، ظننت أنني أمام كشف قانوني مذهل، فإذا بي أمام محاولة في أحسن الأحوال تستهدف إدخال الغش والتدليس على الرأي العام وعلى الجماعة الصحفية، لأننا في أسوأ هذه الأحوال نكون أمام جهل بالقانون مطاع، لا يعذر صاحبه به، لموقعه الأكاديمي، ولأنه يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا على المستوى العلمي للأجيال القادمة!

المادة (99) المشار إليها تنص على: "لقاضي التحقيق أن يأمر بالحائز لشيء يرى ضبطه أو الإطلاع عليه بتقديمه، ويسري حكم المادة 284 على من يخالف ذلك الأمر، إلا إذا كان في حالة من الأحوال التي يخول القانون فيها الامتناع عن الشهادة.."

وهو أمر يطرح هذه الملاحظات:

أولا: إن القاعدة المستقرة أن الخاص يقيد العام، والمادة (70) الخاصة بنقابة الصحفيين هي الأولى بالتطبيق إذا تعارضت مع نص آخر في قانون الإجراءات الجنائية أو قانون العقوبات أو غيرهما.

ثانيا: أن نص المادة (99) من قانون الإجراءات يتحدث في موضوع آخر، هو الخاص بالشهادة، وعزز هذا التفسير نص المادة (284) المشار إليها والتي تحدثت عن امتناع الشاهد عن أداء اليمين أو الإجابة، وقد قرر القانون عقوبة ذلك بعشرة جنيهات في الجنح، ومئتي جنيه في الجنايات!

ثالثا: إذا تم أخذ النص على إطلاقه في ما يختص بالحائز لشيء يرى قاضي التحقيق ضبطه أو الإطلاع عليه، فلنا أن نسأل عن الشيء في عملية اقتحام النقابة ومن الذي يحوزه؟!

رابعا: إذا اعتبرنا أن الشيء هما الزميلان "عمرو بدر" و"محمود السقا" وأن من يحوزهما هو النقابة، فهل صدر قرار من قاضي التحقيق يأمر النقابة أو النقيب بضبط هذا الشيء أو الإطلاع عليه؟!

خامسا: أين قاضي التحقيق في الموضوع كله، فلا يوجد قرار من قاضي التحقيق باقتحام النقابة لضبط هذا الشيء، أو الإطلاع عليه، والقضية كلها دارت بعيدا عن قاضي التحقيق، فقرار ضبط الزميلين اللذين يمثلان "هذا الشيء" صدر من النائب العام، والتحقيق معهما تم من خلال النيابة العامة، وليس من  قاضي التحقيق.

وبعيدا عن المادة (99) من قانون الإجراءات الجنائية، وما احتوته من غرامة باهظة هي في حالتنا "عشرة جنيهات"، أي أقل من دولار، وما احتوته كذلك من حديث عن "هذا الشيء"، فإن النائب العام نفسه لم يكلف وزارة الداخلية باقتحام النقابة والقبض على الزميلين، ليس لأننا سنسلم بصحة هذا الإجراء، ولكن لكي نغير من مسار المعركة، فالقانون لا يخول له اقتحام النقابة، إلا في حضور نقيبها، وهي حصانة مكفولة لمنازل القضاة، وأعضاء البرلمان، وللسفارات الأجنبية والأحزاب السياسية ولعموم النقابات المهنية؛ فليست حكرا على نقابة الصحفيين.

وإذا كانت المادة (99) من قانون الإجراءات، تجاوزت فكرة الحصانة، فلماذا لم يتم تنفيذ قرار قاضي التحقيق بضبط وإحضار "هذا الشيء" ممثلا في المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي، وباقتحام السفارة الأمريكية التي اختبأوا فيها، وقد جرت وقائع القضية في عهد حكم المجلس العسكري، وفي قضية كان الجنين في بطن أمه يعلم أن عبد الفتاح السيسي هو من يقف وراءها، قبل أن يرى برهان ربه في البيت الأبيض، فيتم استدعاء قاض آخر ليلغي قرار الضبط والإحضار والمنع من السفر ليسافر المتهمون، بعد أن تحرروا من الوصف بـ "هذا الشيء" تصحبهم السلامة.

ولماذا لم يتم اقتحام منزل القاضي زوج ابنة مرتضى منصور وقد صدر ضد مرتضى قرار بالضبط والإحضار، وأعلنت وزارة الداخلية أنها لا تستطيع اقتحام منزل القاضي وتنفيذ قرار المحكمة بضبط وإحضار "هذا الشيء"!

لقد عرفنا رجال قانون، كانوا يقدمون اجتهادات باطلة ليزينوا للحاكم سوء عمله فيراه حسنا، وكانوا وهم يجتهدون ويبذلون جهدا كبيرا للالتفاف على النصوص، ولم نشاهد هذا التلفيق الكاشف عن ضعف المستوى ورداءة المرحلة، إلا في ظل هذا الانقلاب العسكري، الذي مثل سبة في جبين الانقلابات العسكرية!

"والذي خبث لا يخرج إلا نكدا". 
التعليقات (2)
يسري ابو فول
الإثنين، 16-05-2016 04:07 م
هل تطلب من قاطع طريق ان (يسمي الله) قبل ان يقتل او ينهب او يسرق ؟؟؟؟؟؟؟
هشام ميشلان
الإثنين، 16-05-2016 02:50 م
أخذت أتحسس رأسي و أنا أقرأ مقالتك اليوم يا أستاذ عزوز , فلقد عهدتك صحفيا ذائع الصيت و لك وزنك و مقامك في بلاط صاحبة الجلالة , لكنني لم أعهدك محاميا و لا قاضيا و لا مدعي عاما و لا فراشا في المحاكم حتى , لكنني تذكرت و أنا أقرأ البنود المرقمة و المؤرخة تذكرت أنك من القلة القلائل الذين تخصصوا في علم الأنثروبولوجيا مناصفة مع الإعلامية القديرة جمانة نمور , و بما أنني طباخ متخصص في علم الطبيخ بالنار كالمشويات و المقليات و المطهوات , و من دون نار كالمملحات و المحفظات و المرقدات و المدخنات , و بما أن علم الطبيخ يستند إلى المقادير و الأوزان و طرق التحضير و مدد الطهو , فلقد وجدت بأن تخصصك و تخصصي يلتقيان في مشتركات كثيرة , بناء على مبدإ أو مقولة : أنت ما تأكل , و بما أن علم الانثروبولوجيا (: Anthropology) هوعلمُ الإنسان.اي الدراسة العلمية للإنسان، في الماضي والحاضر، الذي يُرسم ويُبنَى على المعرفة من العلوم الاجتماعية، وعلوم الحياة، والعلوم الإنسانية. وقد نُحتت الكلمة من كلمتين يونانيتين هما Anthropo ومعناها "الإنسان" و Logy" ومعناها "علم". وعليه فإن المعنى اللفظي لإصطلاح الأنثروبولوجيا (anthropology) هو علمُ الإنسان.وتعُرّف الأنثروبولوجيا تعريفاتٍ عدة أشهرها الإنسان علمُ الإنسان وأعماله وسلوكه علمُ الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها علمُ الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي واجتماعي وحضاري. علمُ الحضارات والمجتمعات البشرية. وتدرس مُخترعات الشعوب البدائية، وأدواتها، وأجهزتها، وأسلحتها، وطرُز المساكن، وأنواع ألالبسة، ووسائل الزينة، والفنون، وألآداب، والقصص، والخرافات، أي كافة إنتاج الشعب البدائي المادي والروحي. كما تركز على الإتصال الحضاري بين الشعب ومن يتصل بهِ من الشعوب. وما يقتبسهُ منهم، والتطور الحضاري، والتغير الإجتماعي, لكنني بحكم تخصصي كطباخ إكتشفت أن الشعوب التي تكثر من أكل لحوم حيوان معين لا نذكره مراعاة لمشاعر إخواننا في الوطن , فهذه الشعوب تكتسب كل مميزات و سلوكيات هذا الحيوان , كما تكتسب أمراضه الوراثية , و بما أننا شعوب عربية مسلمة نكثر من أكل لحوم الخراف و الماعز , و مع مرور السنين و القرون تحولنا إلى خراف تمشي على قدمين , مسالمون لحد العبط و الهبل , و نتقبل المهانات بروح خرفة , و نسالم من يطعمنا برسيما مغشوشا مع أننا نعلم أنه سيذبحنا في العيد الكبير , و إذا طرأ طارئ و جاءت السيدة بولد ذكر كانت العقيقة من لحمنا الحي خروفين أقرنين لا شية فيهما و لا عيب و لا عور و لا عرج و لا حرج عليهما , أما إذا جاءت السيدة حرم السيد بأنثى نجى أقرن من الأقرنين إلى حين , و هناك شعوب رأيتها تكثر من أكل لحوم الكلاب كالآسيويين , فوجدت فيهم من الوفاء و الإخلاص للسيد لقاء وجبة دسمة و جولة مسائية في الحديقة العمومية لقضاء الحوائج الفيسيولوجية , و الاتصال بباقي أفراد الفصيلة المستوطنة للحي , و تراهم يلهثون و لو كانوا يغطون في النوم من شدة الطموحات التي تشغلهم قياما و نياما , و هذه الشريحة البشرية أخذت كل هذه الصفات و أصبحت مستأنسة و مطيعة لأوامر السيد , إنبح يا كلب , ينبح الكلب , تمسح يا كلب , يغرقك لعابا و حنانا و عناقا , و لست أدري هل هو نفاق أم جين كلابي غير معروف , أما آكلي الأرانب فهم عداؤون متميزون , سيقانهم أسرع من لمح البصر , يهربون ثم يفكرون ماذا كان سبب الهروب , و لهذا تراهم يفرون منك بسرعة البرق ثم يتوقفون لبرهة لينظروا إليك بكل إمعان ليتميزوا إن كنت قناصا أم مجرد عابر سبيل , أما أذكى الفصائل البشرية فهي تلك التي تأكل لحوم الحمير , و خصوصا تلك التي لا تعلم أن ما تأكله هو لحم حمير , فتجدهم يتحملون العنت و التعب و الأحمال دون شكاة أو تذمر , راضون بنصيبهم من الدنيا الفانية , لكنهم أخذوا من الحمير جين الذكاء الذي يظهر عند الغضب , فتجده خبيثا ماكرا داهية في ذكائه , و يفعلها غالبا منتقما من سيده العربجي الرخم , الذي لا يتقن علم الأوزان و الأثقال و الجاذبية , فتراه يحمل على حماره عبش منزله و عياله و أم عياله و أمه و أم أم عياله في رحلة واحدة لتغيير للعنوان , و هناك كائنات بشرية من آكلة لحوم النعام , و لا يغيب عن أحد منكم ماذا قال المثل في النعام , فهو يدفن رأسه في التراب حتى لا يرى الخطر , فالبعيد عن العين بعيد عن القلب بلا وجع قلب , لكن النعام ركبت أيضا نظرا لسرعتها في العدو و الهرولة , فنظمت سباقات ركوب النعام , و النعام طائر عاشب مسالم لكنه انتهازي و لا يؤتمن على الأشجار و الثمار فهو يأكل الأخضر و اليابس , فإذا جاء صاحب البستان دفن رأسه التراب , و هناك شعوب أكلت القطط فأخذت جين الخفة و خصوصا خفة اليد , في نشل المحافظ في الأتوبيسات و المحطات المكتظة بالمسافرين , هذا ممن كان من غير المتعلمين , أما المتعلمون إلى درجة ساقطي الإعدادي , فهم دهاة في النصب و الاحتيال بخفة اليد و اللسان و الحلفان و الفهلوة الشوارعية , أما المتعلمون من أصحاب الماجيستير و الدوكتوراه فما فوق , فهم حواة , يلعبون بالبيضة و الحجر , يسرقون نن العين و بالقانون , فالفرد منهم قد يسرق نفسه إذا لم يجد من يسرق , و هذه الفئة هي التي ابتدعت الفساد الاقتصادي , و تسببت في إفلاس نصف دول الكرة الأرضية و النصف الآخر أفلس منذ زمن لكنه لا يعلن إفلاسه خشية الفضيحة , فالدولة الفاشلة كالبنت العانس , لا أحد يمر بها و لا يسأل عن مهرها , و يخشى عليها من الانحراف , الدجاج , كنت سوف أنسى الدجاج الفراخ يعني , و يحضرني هنا الفيلم الرائع للفنان الكبير عبد الله غيث حكاية من بلدنا , فقد شبهنا نحن العرب العاربة و المستعربة بالفراخ , فكان لا يتوقف عن قولة : آه يا بلد , بلد فراخ , حيث كانت تدور القصة حول استبداد العمدة و سيطرته على المكامير في البلد و هي صوامع تحت أرضية لتخزين الحبوب كالفول , فالكماير كمايرنا , و البيوت بيوتنا , و نكمر لحساب العمدة , و يا ويل من يحفر كماير في بيته للتكمير لحسابه الخاص , فجزاؤه الموت و تقيد القضية ضد مجهول , فالكل يعرف من المجهول لكن لا أحد يتكلم , و لهذا كان عبد الله غيث ينادي أبناء بلدته بالفراخ . المهم هو أننا ما نأكل , لكن ماذا سوف نأكل إذن ؟ لم يتبقى إلا أن نتحول إلى نباتيين , لكن إذا تحولنا إلى نباتيين ربما حسبونا من الكائنات العاشبة فتحل لحومنا كما استحلت كرامتنا و حريتنا و دماؤنا , و لهذا كان لا بد من معرفة مصادر غذاء الأجسام تماما كما أنه لابد من معرفة مصادر غذاء العقول .