سياسة عربية

زيارة سلمان لمصر أسكتت عيسى وتهدد بإقالة رئيس الأهرام

هدوء مؤقت لإبراهيم عيسى أثناء زيارة الملك سلمان- أ ف ب
هدوء مؤقت لإبراهيم عيسى أثناء زيارة الملك سلمان- أ ف ب
تسببت زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مصر، في إسكات صوت الإعلامي إبراهيم عيسى، أبرز مهاجمي السعودية في الإعلام المصري، طيلة فترة الزيارة التي استمرت خمسة أيام، وبدأت الخميس، واختتمت الاثنين.

وتهدد تداعيات الزيارة أيضا بإقالة رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام"، أحمد النجار، من منصبه، نظرا لرفضه الشديد، الذي أعلنه، للتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" إلى السعودية، بمقتضى اتفاق تعيين الحدود البحرية المصرية - السعودية، الذي تم توقيعه بالقاهرة الجمعة. 

فضلا عن أن الزيارة تسببت، اليوم الثلاثاء، في مصادرة عدد جريدة "المصري اليوم"، ووقف طبعها، والتدخل في عناوينها، وتغيير مانشيتها الرئيس، في سابقة خطيرة بالصحافة المصرية، رأى فيها إعلاميون تدخل سافرا من السلطات في العمل الصحفي، الذي ينبغي أن يتمتع بالحياد، والاستقلالية، وحرمانا للمواطن من حرية التناول الصحفي.

عيسى يهاجم ولكن بعد مغادرة سلمان

طيلة وجود الملك سلمان في مصر، لاحظ محرر "عربي21" أن إبراهيم عيسى لم يكتب حرفا في جريدته "المقال" عن الزيارة الملكية، والاتفاقية الحدودية، وقد كانا صيدا سهلا لعيسى، كي ينال من السعودية، وملكها معا.

لكن عيسى بدأ الكتابة بمجرد مغادرة الملك سلمان للبلاد، الاثنين، ليكتب عيسى أول مقال له عن الزيارة، بعدد الجريدة الصادر اليوم الثلاثاء، وجاء المقال بعنوان لافت يقول: "زيارة السيد الكفيل.. مصر السيسي تضع نفسها خلف السعودية.. ليس أمامها كعبد الناصر والسادات.. ولا بجانبها كمبارك".

وفي المقال شن عيسى هجوما عنيفا على الزيارة، واعتبرها: "كأنها زيارة من ولي الأمر، والراعي، والممول، والداعم، ومظاهرها تحمل تنازلا رسميا مصريا واضحا بالتخلي عن القيادة للسعودية"، بحسب تعبيره.

وأضاف أن "الجماهير في زيارة الملك غائبة بل مغيبة تماما، وكل لقاءاته محصورة في الموظفين والجهات الحكومية حتى في برلمان ائتلاف دعم السعودية".

ووصف عيسى النخبة الإعلامية والحزبية في مصر بأنها سعودية الهوى، وأن بعضها سعودي التمويل، بحكم الانتماء الوظيفي أو بحكم الشراكات مع رؤوس الأموال النفطية، وفق وصفه.

ونعت السعودية بأنها "دولة سلفية العقل، ووهابية المصلحة، وقد نجحت زيارة الملك السعودي في تعرية الشويتين بتوع تجديد الخطاب الديني"، على حد قوله.

أين كنت يا عيسى؟

في المقابل، لم يجرؤ عيسى على توجيه أي اتهامات مكتوبة إلى السعودية والملك سلمان طيلة فترة تواجده بمصر، بل لم يجرؤ على الكتابة أصلا، حيث امتنع عن الكتابة، أو خنع لأوامر الامتناع عن الكتابة عن الزيارة، منذ يوم الخميس، حتى يوم الاثنين، وهي الأيام الخمسة التي استغرقتها زيارة الملك سلمان إلى مصر، بحسب إطلاع محرر "عربي21" على أعداد الجريدة طيلة تلك الأيام.

وخلال تلك الأيام، اكتفى عيسى بكتابة مقالين الأول يوم الجمعة الماضي، بعنوان: "المؤامرة"، وتحدث فيه عن "أكبر مؤامرة ضد مصر يتم تدبيرها في الأجهزة الرسمية المصرية"، على حد قوله.

والثاني يوم السبت الماضي بعنوان "عاش ملوك بنما"، عن "انفضاح الدول العربية بشعوبها قبل حكامها، بانفجار قضية أوراق بنما"، وهو الموضوع الذي كان قد تناوله في مقاله نفسه يوم الأربعاء، تحت عنوان "أوراق بنما المصرية"، وتحدث فيه عن "غياب ضمير أي مسؤول شارك في تزوير الانتخابات والاستفتاءات".

هذا بينما شهد عيسى لصالح تبرئة مبارك لدى محاكمته عن قتل المتظاهرين أمام القضاء.

في الوقت نفسه، غاب عيسى بقلمه عن التعليق ولو بكلمة مكتوبة على زيارة الملك سلمان منذ ما قبل الزيارة، وخلال أيام الزيارة، إذ لم يكتب أي مقال بجريدته خلال أيام: الخميس (أول يوم لزيارة سلمان)، والأحد، وكذلك الاثنين (آخر يوم للزيارة)، على الرغم من أن مصر كانت تضج بالغضب من اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين.. ليعود للكتابة اليوم الثلاثاء، مع المغادرة التامة للملك لمصر..

وغاب عيسى أيضا عن الظهور في برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، عبر فضائية "القاهرة والناس"، طيلة أيام الزيارة، (منذ الخميس حتى الأحد) حيث ظهر في برنامجه الأحد، (قبل مغادرة الملك سلمان في اليوم التالي)؛ ليعرب عن استيائه من طريقة إعلان الحكومة عن أحقية السعودية في جزيرتي تيران وصنافير، قائلا: "الحكومة فاجأت 90 مليون مصري بقرار اتربينا كلنا على عكسه، وهو ما جعله مقلق ومفجع".

وأضاف بنعومة (وصفها نشطاء بالسهوكة)، أن المصريين جميعا تربوا على مصرية تيران وصنافير، والآن الحكومة ببيانها جعلتهم يستيقظون يوم الأربعاء على قرار أنهما سعوديتان.

وتابع عيسى أن حديثه "لا يعني التشكيك في وطنية الرئيس عبدالفتاح السيسي أو الحكومة المصرية الحالية"، مستطردا: "الموضوع سياسي بكل الأشكال.. كان لازم الحكومة تقنع الشعب".

ولاحظ مراقبون أن عيسى اكتفى في حديثه بتوجيه انتقادات خجول، إلى اتفاقية ترسيم الحدود، وليس إلى المملكة، أو الملك سلمان نفسه.

رئيس مجلس إدارة "الأهرام" مهدد بالإقالة

إلى ذلك يطارد شبح الإقالة رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام"، أحمد النجار، على إثر تدوينتين نشرهما على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الأولى بعنوان "سلام لحدود مصر من جزر تيران وصنافير إلى السلوم"، انتقد فيها التخلي عنهما للسعودية، بمقتضى اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، وأكد فيها مصرية الجزيرتين، قبل ساعات من صدور بيان الحكومة المصرية الذي أعلنت فيه نقل تبعيتهما للسعودية.

فقد كتب النجار قائلا: "الشعب المصري العظيم بذل أذكى الدماء، وأنبل الأرواح، دفاعا عن استقلاله الوطني، وحدوده من حلايب وشلاتين وجزر تيران وصنافير وطابا ورفح شرقا إلى السلوم والعوينات غربا، ومن أبو سمبل جنوبا إلى البحر المتوسط شمالا، وما زال مستعدا للبذل والعطاء بلا حدود من أجل صون كنانته، وسيدة حضارات الدنيا".

وأضاف النجار: "تبقى أم الرشراش جوهرة مسروقة، ويقيني أننا سنستعيدها يوما.. ومن بين مناطق الحدود تبرز جزر تيران كجوهرة دافعت عنها مصر ببسالة استثنائية، وبذلت الدماء والأرواح؛ لأنها المضائق التي يمكن أن تحكم خليج العقبة في لحظات المصير".

وأردف: "سلاما لكل مفردات حدودنا الوطنية غير القابلة للمساس لأنها لحم ودم مصر، وخريطة بطولات شعبها، وحدود وجودها الباقي إلى الأبد"، على حد تعبيره.

وفي أعقاب إصدار مجلس الوزراء بيانه، السبت - الذي قال فيه إن الجزيرتين سعوديتان - نشر "النجار" تدوينة أخرى أكد فيها قدسية حدود مصر، جغرافيا وتاريخيا قائلا: "شلت يد من يقترب من حدودنا"، متابعا: "الجيش وأبناؤه قادرون على الاستمرار في حماية حدود مصر من أي طامع مهما كانت وسيلته".

وأضاف: "كانت مصر موجودة كدولة في العصر الحديث، وكان البحر الأحمر كله بحيرة لها، ولم تكن المملكة السعودية قد وجدت أصلا".

وأردف: "بعد الاحتلال البريطاني، وتبني بريطانيا لمشروع سيطرة العائلة السعودية على الأحساء والحجاز إضافة إلى نجد، ضمت الجزيرتين للملكة الوليدة. وبعد ذلك، وحتى لا تضطر المملكة السعودية، للدفاع عن الجزيرتين قامت رسميا بنقل تبعيتهما إلى مصر، ليس بمنطق الإعارة بل بمنطق انتقال السيادة في خطاب من الملك عبد العزيز إلى النحاس باشا".

وتابع: "عمدت مصر سيادتها على الجزر بالدم في معاركها مع الكيان الصهيوني، وعندما احتاجت الجزر للدماء والأرواح للدفاع عنها لم يكن هناك سوى دماء وأرواح أبناء مصر وجيشها، وهذا وحده أهم سندات الملكية".

واختتم: "لا يحق للحكومة أو الرئيس أو البرلمان تغيير الحدود.. فوفقا للدستور يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح، والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة".

لكن تدوينتي "النجار" أثارتا غضب الأجهزة الأمنية والمخابراتية، لا سيما أنه يتولى رئاسة إدارة مؤسسة "الأهرام"، المحسوبة على نظام الحكم، وأن مضمون ما كتبه يحمل اتهامات للسيسي بالتفريط في التراب الوطني.

وبحسب مصادر من داخل "الأهرام"، أوصت الأجهزة الأمنية بإقالة النجار، حتى لا يتحول إلى عبء على نظام السيسي، في أكبر صحيفة مصرية تؤثر في الرأي العام، وتعد قناته المباشرة إليه.

والأمر هكذا، أغلق النجار صفحته على "فيسبوك" الأحد، واعتذر عن كتابة مقاله الأسبوعي في "الأهرام"، الاثنين، في انتظار تحديد مصيره، خلال الأيام القليلة المقبلة.

رئيس تحرير الأهرام: معي وثائق "سعودية الجزيرتين"

وأبدى مراقبون دهشتهم البالغة من أن "محمد عبد الهادي علام"، رئيس تحرير المؤسسة الصحفية نفسها، التي يرأس النجار مجلس إدارتها، وهي "الأهرام"، وقف موقفا مخالفا تماما لما ذهب إليه "النجار"، بل زايد عليه، بالإدعاء أن الجزيرتين سعوديتان، برغم أنهما ينتميان إلى مؤسسة واحدة، ويتوليان أهم منصبين فيها، فضلا عن أنهما ينتميان للتيار الفكري نفسه (اليساري والناصري).

فقد قال علام في لقاء وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بعدد من الصحفيين، ورؤساء تحرير الصحف المصرية (لم توجه الدعوة للنجار لحضوره)، السبت، إنه يمتلك وثائق تؤكد أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان.

وأشار علام في اللقاء نفسه إلى أن هناك كتابا للواء أركان حرب إبراهيم شكيب، يرصد فيه هذه الوثائق، ويثبت أن الجزيرتين سعوديتان.

الإبراشي يعترف بالضغوط

وفي مفاجأة من العيار الثقيل، بشأن تعرض بعض السياسيين والإعلاميين، الذين تناولوا موضوع جزيرتي "تيران وصنافير"، وأكدوا أحقية السيادة المصرية عليهما، للضغوط، كشف الإعلامي "وائل الإبراشي"، في برنامجه "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم2"، أن هؤلاء الضيوف يتعرضون بالفعل لضغوط كبيرة من قبل الدولة، من أجل تغيير سير حديثهم، وذلك قبل ظهورهم إعلاميا.

ولعل هذا ما يفسر - وفق مراقبين - تراجع رئيس هيئة العمليات الأسبق بالقوات المسلحة، اللواء عبد المنعم سعيد، عن تصريحاته التي أكد فيها - في البداية - أن الجزيرتين مصريتان، ليعود لاحقا فيقول إنهما سعوديتان.

وقف طبع "المصري اليوم" بسبب دكتوراه سلمان   

ويأتي في السياق نفسه، قرار إدارة جريدة "المصري اليوم"، الاثنين، وقف طبع عدد الثلاثاء، وتعديل الصفحة الأولى من الجريدة، بسبب مانشيت يقول: "جزيرتان ودكتوراه لـ"سلمان".. والمليارات لمصر".

وتأخر نزول الجريدة إلى الأسواق حتى ما بعد منتصف ليل الاثنين، بعد حذف المانشيت السابق، بناء على تدخل السلطات التي رأت أن العنوان يحمل تهكما من الملك السعودي ونظام حكم السيسي، ومن ثم قررت تعديله إلى مانشيت: "حصاد زيادة سلمان: اتفاقيات بـ 25 مليار دولار".

واعترف رئيس تحرير الصحيفة بما حدث، وإن قال - في تصريحات صحفية - إن "الواضح أن زملاءنا في التنفيذ والإخراج الفني بالجريدة كان بيهزروا بتغيير عنوان المانشيت، وتبادلوا النسخة المتداولة فيما بينهم".
التعليقات (3)
ال سعود
الثلاثاء، 12-04-2016 07:50 م
خسئت يا ابراهيم عيسى ان تتطاول على اسيادك واولياء نعمتك واولياء امرك
احمد رحال
الثلاثاء، 12-04-2016 04:27 م
هذه الهستيريا اوالجنون الذي نشاهده من بعض الاعلاميين المصريين حول جزر تيران امره عجيب غريب؟! لم نشاهد او نسمع تعليقا واحدا من احدهم على ضياع مياه النيل او موال مصر المنهوبة بترليونات الجنيهات او المجازر الثمانية الدموية الوحشية او الانقلاب على الشرعية التي اختارها الشعب او على تفكيك مصر وتدمير اقتصادها وانهياره السريع؟
ياسر
الثلاثاء، 12-04-2016 03:40 م
هذا على أساس على أساس إن ابراهيم عيسى جورج و رئيس الاهرام وبقية أجهزة الجعجعة و الثرثرة تتمتع بحرية الكتابة ولا توجه من المخابرات .