مقالات مختارة

سلوكيات تُقنن لشيطنة المسلمين

فهد الطياش
1300x600
1300x600
عندما يعلن مواطن أوروبي أو أميركي عن رغبته في بيع سيارته ويعلق لوحة الإعلان داخلها فلا غبار على ذلك، ولكن عندما يضمن الإعلان تحذيرا للمسلمين بعدم الاتصال لأنه لن يبيع السيارة لهم لكونهم..! فتكون الرسالة مفتوحة على كل المكملات العنصرية، وهي ليست موجهة لهم وإنما لترسيخ صورة شيطانية عنهم وتحفز كل سلوك عدواني ضدهم.

وهنا يأتي التعاطي القانوني مع مثل هؤلاء في بلد يضع للقانون والقضاء اعتبارات يفترض أنها تحقق العدالة وتفتح المجال لوسائل الإعلام للتحقق من ذلك. ومع كل مثل تلك السلوكيات العنصرية نجد أن الكثير منها ينجو من العقوبة تحت ذرائع مختلفة ابسطها حرية التعبير. فمثل هذه المواقف أو التغريدات التي تؤجج العنف وتحث على الكراهية وتُجرم وتعاقب قانونيا يجب أن تستثمر لتحريك المجتمعات ضد سلوكيات الكراهية. وهذا ما حدث عندما غرد بريطاني آخر بموقفه العنصري ضد فتاة مسلمة أراد أن يضغط عليها لتصدر تعليقا يجرمها ويربطها بما حدث في بروكسل، ويفتح الباب أمام متطرفين آخرين لفعل ذات السلوك مع المسلمين، فتم التحرك الذي قاد إلى استدعائه لشرطة احدى ضواحي لندن للتحقيق في الأمر.

وعندما يتطور الأمر وينتقل من التصرف من مجرد سلوكيات فردية إلى تطرف سلوكي حتى في تطبيقات القانون عندها تصبح الوقفة أمام هذه السلوكيات ضرورة ومستمرة حتى لا تؤثر في حياة الأبرياء من المسلمين.

ففي بريطانيا على سبيل المثال هناك نقاش يدور بين المعلمين حول تطبيقات القانون الاحترازي للتبليغ عن سلوكيات التطرف والعنف لدى طلاب المدارس. وعند رصد سلوكيات التبليغ الاحترازي كشفت الأرقام عن ازدياد التبليغ عن الطلاب من المسلمين مقارنة بغيرهم من الطلاب. وهنا كانت الوقفة الشجاعة من منظمات الحقوق المدنية ومن بعض التربويين الذين يدركون حجم التأثير لهذه المواقف المتطرفة على بقية الطلاب.

بل إن أحد البلاغات حول سلوك طالب مسلم لم يعرف تهجئة كلمة بيت بحديقة صغيرة "تيراس" وكتبها بيت إرهابي " تيررورست"، وتم التبليغ عنه في واقعة تكشف عن عمق المأساة في منظومة التعليم عندما تعمي العنصرية بصائر القائمين عليه. وهناك ما يشابهها من تحركات مع جماعات حماية الحقوق المدنية الأمريكية والتي وقفت أمام الإساءة خاصة للمرأة التي ترتدي الحجاب وغيرها من المسلمين.

والموقف التشريعي الذي يهمنا نحن العرب والمسلمين وفي بلادنا هو التحرك القانوني المبكر والذي يجرم السلوكيات والمواقف، ويجب أن يصدر منا نحن قبل غيرنا حول تلك المواقف التي تشيطن المسلمين والإسلام. فلو نظرنا للقانون الاحترازي الذي تطبقه بريطانيا هو في جوهره لحماية المجتمع من انخراط الصغار في التطرف والإرهاب. وفي ظني أننا أحوج من الإنجليز في تطبيق القانون لما لمسناه من مآس وتفجيرات وقتل قام بها صغار مغرر بهم.

ولو تم هذا التبليغ الاحترازي لما نجحت بعض تلك الأعمال الإرهابية. ونحن يجب أن نتعلم من نتائج تلك التطبيقات في الغرب، وأن نعمل في منظومة متكاملة مع مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول لحماية المسلمين وحماية صورتنا أيضا من التشويه. فحملة الشيطنة للمسلمين لم تبدأ بالأمس القريب بل هي مخططة منذ أكثر من عقد بعد سقوط قناع الحرب الباردة وبروز العدو الأيديولوجي الجديد المتمثل في المسلم الإرهابي. وتحت رماد كل هذا الجمر الحارق لصورة الإسلام والمسلمين نجد أن هناك الكثير من المحاولات المجتمعية والفردية لحماية صورة المسلمين من التشويه. فبالرغم من ظهور شياطين من بين ظهرانينا لتشويه ديننا نجد أن الأغلبية ولله الحمد تتكلل مساعيهم في وسائل التواصل الاجتماعي وفي تأسيس منظمات المجتمع المدني وبالمشاركة في الفعاليات والمؤتمرات. كل هذا يخفف من الاحتقان العنصري الذي يجب أن نتعايش معه بحكمة حتى لا يقودنا إلى حد الاختناق.

فنحن نستطيع الخروج بمواقفنا الاستباقية وسلوكياتنا المتزنة التي تكشف للجميع عمن هو المسلم الحقيقي. ولو بدأنا بسلوكيات المسلم الحقيقي الذي نعرفه بمن يسلم الناس من لسانه ويده لكفانا ذلك كل أنواع الحروب التي نخوضها ضد الشيطنة، فالمسلمون هم من سيجرم كل فعل إرهابي بل وسيطالبون بتطبيق حد الحرابة عليه. عندما نتبرأ من هذه الفئة الخارجة عن الإسلام والإنسانية ونقف بحزم وقوة مع كل من يدعمها، ونتعاطف مع ضحاياها في كل المجتمعات الإنسانية عندها نبدأ نقود الرسالة بأنفسنا.

فاذا كان الإسلام دين رحمة فعلينا تقع مسؤولية الكشف عن من يرسم له الوجه القبيح أو يزج بالحمقى من أبنائنا للقيام بذلك نيابة عنه. وكلنا تفاؤل بالتحالف الذي تقوده المملكة لكشف ومحاصرة الإرهاب وتنظيماته وكشف من يقف خلفه، وتفنيد حججه الواهية، فهو تحالف لتصفيد شياطين طال أمد انفلات عقالهم. فمن صارع الحق بإذن الله صرعه.

عن صحيفة الرياض السعودية 
0
التعليقات (0)