مقالات مختارة

إلا معيض أيها التربويون

هيا عبد العزيز المنيع
1300x600
1300x600
معيض شخصية حقيقية برزت بسرعة الصاروخ بسبب تناقل مشهده وهو يضرب أبناءه وأبناء أخيه بعصا نحيفة ورشيقة كرشاقة ضربه لهم، عصا أكدت أن تكريم الضيف مازال يشغل بال رب الأسرة، سابقا اهتمامه واستمتاعه بلعب أبنائه الكرة.

بسرعة البرق أصبح معيض جزءا من رسائل الواتس أب وجزءا من الفكاهة الاجتماعية في غير موقف..

تحول معيض إلى شخصية جاذبة للتجار والشركات فاستخدمها البعض للتسويق عن لعبة أو جهاز أو رحلة..، وبعيدا عن مهارة التجار في اقتناص الفرص في الترويج والتسويق لبضاعتهم..، فإن معيض أعاد لنا الحاجة لاستقراء جزء من المشهد الاجتماعي حيث مازال مجلس الضيوف مكان اهتمام الأسرة، والحفاظ عليه وعلى نظافته مسؤولية الجميع، حتى الرجل شارك في حمايته بعصا رشيقة أفسدت على المراهقين لحظة إبداع، ارادوا فيها مشاركتنا لحظة إبداع كروية بريئة، ولكن سيد البيت حرمهم وحرمنا من تلك اللحظات..، الإشكال ليس في حرصه على أثاث وسلامة المجلس، وليس في رفضه أن يكون مجلس استقبال الضيوف ملعبا للكرة، ولكن الإشكال أن هناك من أيده لضرب صغاره، وهناك من اعتبرها منهجا تربويا لابد من العودة له والأخذ به..، وهناك من طالب أن تتدخل هيئة حقوق الإنسان في حمايتهم من العنف الأسري..! ولولا خشية أن يغضب هؤلاء لقلت إن هذا ترف لم نصل إليه..، وليت هؤلاء يطالبون أمانات المدن والبلديات بتأسيس ملاعب للأطفال والشباب في الأحياء، يستطيع أن يلجأ لها هؤلاء الصغار لممارسة هواياتهم، دون أن تفسد عليهم العصا الرشيقة متعتهم، ودون أن يحتاج الطفل للقسم أنه لم يلمس الكورة.

معيض وصغاره لم يكونوا في حاجة لخلافنا وجدلنا حول أهمية استخدام الضرب ضمن أدوات التربية وتعديل السلوك؛ لأن ذلك مازال موجودا في قاموس الكثير من أعضاء المجتمع خاصة في الأسر التي يكثر فيها الأبناء ويضيق المنزل.

ولم نكن في حاجة لدخول رجال الأعمال في المشهد، فهم موجودون أينما وجدت فرصة الاستثمار والكسب، وإن كان على حساب البسطاء.

كنا في حاجة لدخول الغائبين عن المشهد والمتفرجين بصمت، وربما غير مبالين بما تم وأسبابه.. فهؤلاء الصغار وهم يلعبون الكرة في منزلهم وتحديدا في مجلس الضيوف، لم يجدوا ملعبا بجوار منزلهم، ولم يكن هناك ناد في الحي من خلاله يمكن لهم ممارسة هوايتهم بلعب الكرة أو الرسم أو التصوير، دون خوف من عصا معيض أو غيره.

كنا نتمنى من وزير الشؤون البلدية والرئيس العام لرعاية الشباب الدخول في المشهد وليس التجار..، كنا نتمنى منهما الإعلان عن مشروعات للأحياء، من خلالها تمتص تلك الطاقات سواء بمشروعات حكومية بحتة تحقق الحد الأدنى لمتطلبات الأطفال والشباب من مسطحات خضراء يمكن من خلالها لعب الكرة، أو بشراكة مع القطاع الخاص بخدمات ونواد أعلى، وأكثر خدمات لمن يستطيع أن يدفع على أن تكون متوفرة في الأحياء كافة وليس بعضها.

معيض وإن تحول لنجم اجتماعي في ساعات، فإنه مثل الومض لن يطول بريقه وربما يصبح جزءا من ابتسامة مؤقتة، تغيب دون أن يحصل صغاره على الهدايا التي أعلنت عنها بعض الشركات، ولكن المؤكد أنه ذكّرنا بحقيقة أننا نحتفي بالضيف أكثر من أبنائنا، وأن التجار لا تغيب شمسهم، وأن بعضنا يطالب بترف تربوي لم نصل إليه.. وسيبقى لعب الكرة موجودا في كل منزل وليس بالضرورة مع عصا معيض.

عن صحيفة الرياض السعودية
0
التعليقات (0)