مقالات مختارة

ابتسم أنت في هافانا

سمير عطالله
1300x600
1300x600
هل تعرفون البلد التالي الذي سوف يقوم الرئيس الأمريكي بزيارته؟ فيتنام؟ لا، لم أطلع على جدول الزيارات الخارجية في البيت الأبيض، لكنها حركة دائرية لا تخطئ في هذا العالم: يتقاطعون، يتذابحون، ثم يتعانقون، هكذا حدث بين أمريكا والصين، وبين الاتحاد السوفياتي وأمريكا، وبين أمريكا واليابان، وبين ألمانيا والحلفاء.

من أجمل الرسوم الكاريكاتورية التي رأيتها في حياتي واحد في صحيفة مكسيكية يصور الموت يحاول اللحاق بفيدل كاسترو وهو يلهث ويتصبب عرقا! مئات المحاولات دُبّرت لاغتيال الزعيم الكوبي، ومؤامرات لإطاحته، وحروب، ولما انهار الاتحاد السوفياتي قيل إنه سوف ينهار سريعا خلفه، لكنه ظل واقفا في وجه الجارة العظمى إلى أن هدَّه المرض.

فعل الأمريكيون والكوبيون بعد نصف قرن ما كان يجب أن يفعلوه قبل نصف قرن، أوقفوا العبث والعداء، وأرسلوا خطب فيدل كاسترو الطويلة إلى دائرة المحفوظات، وحوّلوا الماضي إلى أفلام وثائقية، ولم تستطع أمريكا كسر الشيوعية في كوبا، ولا استطاع كاسترو تصديرها إلى أي مكان خارج جزيرته.

لماذا الحروب إذا كانت هذه هي النهايات؟ أكبر شريك اقتصادي لأمريكا اليوم هو الصين، وأكبر شريك لفيتنام هو أمريكا، ولا نعرف إلى متى ستدوم الشيوعية في كوبا بعد الأخوين كاسترو، لكننا نقرأ أن سيرغي لافروف يسمي التجربة السوفياتية بالمشينة، ورئيسه الرفيق بوتين أعلن نفسه سيف النصارى وحامي الكنيسة الأرثوذكسية.

العالم، مثل الأرض التي هو عليها، لا يكف عن الدوران.

وبين دورة وأخرى تزدهر تجارة السلاح وصناعة الموت وأعمال حفاري القبور الجماعية، وإذ تبحث عن الجماهير، تراها مرة خلف هتلر، ثم عليه، ومرة خلف موسوليني، ومرة تعلقه من ساقيه، ومرة خلف ماو تسي تونغ، والآن تحاول أن تنساه، ومرة خلف فيدل، والآن تهتف للرئيس الأمريكي.

ابتسم، أنت في هافانا، والسلام على من مات، ومن سجن، ومن عذب، ومن هاجر في البحار، ابتسم، وإلى اللقاء في فيتنام.

عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

0
التعليقات (0)