ملفات وتقارير

لبنان أمام اختبار جديد لعلاقاته العربية بعد الأزمة مع الرياض

هل تخرج الحكومة اللبنانية بموقف يحفظ علاقات لبنان بالدول العربية؟ - أرشيفية
هل تخرج الحكومة اللبنانية بموقف يحفظ علاقات لبنان بالدول العربية؟ - أرشيفية
تتكثف مساعي رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في لحظات مفصلية جديدة ينتظرها الموقف الرسمي اللبناني، الخميس، في اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة.

ويأتي الاجتماع بناء على طلب من مصر لاختيار الأمين العام الجديد للجامعة خلفا لنبيل العربي، الذي تنتهي فترة ولايته في 30 حزيران/ يونيو القادم.

يأتي ذلك بعد أيام قليلة فصلت لبنان الرسمي والشعبي عن محطتين هامتين، تتمثل الأولى بقرار دول مجلس التعاون الخليجي تصنيف حزب الله منظمة إرهابية؛ لدوره في اليمن وسوريا، وإنشاء خلايا مسلحة في دول خليجية، تلاه الموقف ذاته لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في تونس الأسبوع الماضي.

وسبق ذلك موقف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل "بالنأي عن إدانة" الاعتداء على السفارة السعودية في طهران بعد إعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر.

وتشير المصادر إلى نقاط تفاهم أفضت عنها سلسة اتصالات بين رئيس الحكومة مع وزير خارجيته المنتمي للتيار الوطني الحر، المتحالف مع حزب الله، بأن يكون الموقف موحدا يرضي طرفي الحكومة (حزب الله وحلفاءه وقوى 14 آذار)، بحيث يجمع الموقف اللبناني ما بين النأي عن النفس إزاء الصراعات في المنطقة، والترحيب بالإجماع العربي في القضايا المشتركة.

 ولكن السؤال: هل هذا الحل "على الطريقة اللبنانية"، إن حصل فعلا، يرضي الدول العربية لا سيما الخليجية التي تعتبر حكومة لبنان مخطوفة من حزب الله؟ وهل يبعد عن لبنان خطر "العزلة العربية"؟ 

قرار لبنان الرسمي "تائه" أم "مُهيمن" عليه؟ 

وحول كيفية ترميم وضعية لبنان في الجامعة العربية، قال النائب عن كتلة التغيير والإصلاح (كتلة عون)، غسان مخيبر: "آمل أن يسير لبنان إلى استقرار أكبر، لا سيما في علاقاته العربية والدولية". ورأى أن "الاستقرار هو ابتعاده عن المحاور الإقليمية والدولية، بما فيها العربية، وبما يعبر عنه بيان مجلس الوزراء الذي أثبت جدواه وصولا إلى الحياد اللبناني في منطقة معقدة، وفي ظل الصراعات العربية العربية، العربية الإقليمية"، وقال: "نمر حاليا بأدق المراحل في منطقة تتهاوى لم تعد تشبه المنطقة العربية التي كنا نعرفها".

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "نتمنى أن يتفهم وزراء الخارجية العرب الموقف اللبناني، وعدم زجه في صراعات يجب أن ينأى بنفسه عنها، بما فيها المواقف المختلفة لمكونات حكومته".

وعن الجهة التي تمتلك القرار الرسمي اللبناني، قال مخيبر: "الموقف الرسمي اللبناني يعود إلى السلطة الإجرائية، المتمثلة بمجلس الوزراء، فهي التي ترسم السياسة العامة للحكومة ويحملونها معهم في المحافل الخارجية"، وفق قوله.

وعن الموقف اللبناني الغامض تجاه القضايا التي تلقى إجماعا عربيا، قال مخيبر: "لبنان الرسمي أدان حادثة الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، وبإمكان الحكومة أن تعبر عن ذلك من دون مواربة، فالتعرض لأي دولة، لا سيما دولة صديقة كالمملكة العربية السعودية، مرفوض".

وعن تدخل حزب الله في دول الجوار، وهو ما يثير حفيظة الدول العربية قال: "هو خيار حزب الله وهو يتحمل مسؤوليته، وقد تدخلت الحكومة، ولم تتمكن من تبديل موقفه، وكل له رأيه، في حين أن الحكومة اللبنانية ترفض تدخل لبنان الرسمي، بما فيه مؤسسته العسكرية، في الصراعات الخارجية، بما فيها سوريا".

ورأى أنه "موقف واضح وصريح، وعلى الدول العربية -بما فيها الدول الصديقة- احترام الرأي الذي يمثل الإجماع اللبناني.. نحن لسنا في دولة ديكتاتورية تفرض رأيا على أحد، فموقف الحكومة يتفق عليه في مجلس الوزراء"، حسب تعبيره.

وعن حديث استقالة وزراء أو اعتكافهم، اعتبر مخيبر أن "أكثر الحديث الذي يُطلق هو للاستهلاك الشعبي والإعلامي والسياسي، أما المواقف المرتبطة بالبنية السياسية فهي بخلاف ذلك، مضيفا: "القوى السياسية -بما فيها التي تنتقد حزب الله نقدا لاذعا- ليست بوارد أن تفرط بكينونة هذه الحكومة وبقائها، لا سيما أن الاستقالة لا تؤدي إلى المجيء بحكومة جديدة، فهي تبقى حكما مستمرة في تصريف الأعمال، وبالتالي لو كان الخيار متاحا لأي طرف لجاؤوا بحكومة مختلفة".

وأقر مخيبر "بتقصير الحكومة، لا سيما في الموضوعات الخدماتية كالنفايات، لكنه اعتبر وجودها ضروريا في غياب منصب رئيس الجمهورية".

وتحدث عما قال إنه "الصراع السني الشيعي في ظل تضارب المصالح ما بين السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل، وفي ظل ذلك يتوجب على لبنان أن يحافظ على وحدته وكينونته".

وبدوره، استبعد رئيس حزب الوطنيين الأحرار وعضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار، دوري شمعون، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"؛ أن تُقدم الجامعة العربية على تجميد عضوية لبنان، "خصوصا أنه من مؤسسي جامعة الدول العربية، ولكميل شمعون الرئيس الأسبق للجمهورية دور كبير في تأسيسها والمحافظة عليها، فلا مبرر واقعيا لنزع حق لبنان في أن يكون ضمن بيئته العربية".

لكن في الوقت ذاته، شدد شمعون على أن المواقف الصادرة من قبل حزب الله ضد السعودية ودول خليجية "مرفوضة ولا نقبل بها، وأغلبية اللبنانيين ضدها، لكننا عاجزون عن ردع حزب الله ومنعه من ارتكاب الكثير من الأمور التي تضرّ بالمصالح الوطنية اللبنانية"، داعيا إلى التريث و"الصبر كي نرى مآلات الأمور في سوريا، والوقوف على الدور الإيراني الداعم لحزب الله في المرحلة المقبلة".

وقال شمعون إن موقف وزير الخارجية جبران باسيل أمام مجلس وزراء دول الجامعة العربية، "مرفوض قطعا، ولكن الأمر من وجهة نظري لا يستدعي تمجيد الهبة السعودية التي من المفترض أن يستفيد منها جميع اللبنانيين على اعتبار أنها مخصصة للمؤسسة العسكرية"، وفق قوله.

وعن رؤيته لحسم الأزمة في المستوى الرسمي اللبناني، رأى شمعون أن "الخطوة الأولى التي يتوجب أن يقدم عليها مختلف السياسيين هي الدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم نتوقع أن تسير الأمور بشكل طبيعي يعيد التوازن إلى البلاد وينهي حالة اللااستقرار التي يعيشها لبنان منذ مدة، فبالبلاد متوقفة ومشلولة؛ بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية".

وتابع: "من الخطأ الكبير أن نفكر في تعطيل الحكومة أو تبديلها أو حتى تغييرها، فالتفكير في ذلك هو مضيعة للوقت". وأضاف: "هذه الحكومة قادرة على إنجاز العديد من الأمور والملفات التي تخص مختلف اللبنانيين، أما مسألة البحث في وضعية الحكومة، فإن ذلك يجب ألا يحصل في ظل الشغور في منصب الرئاسة"، كما قال.
التعليقات (0)