سياسة دولية

تركيا ترفع سقف مطالبها لمساعدة أوروبا على وقف تدفق المهاجرين

أوروبا خصصت 700 مليون يورو على ثلاث سنوات كمساعدات إنسانية للبلدان الأكثر تأثرا بأزمة الهجرة - أ ف ب
أوروبا خصصت 700 مليون يورو على ثلاث سنوات كمساعدات إنسانية للبلدان الأكثر تأثرا بأزمة الهجرة - أ ف ب
صعدت تركيا الاثنين موقفها عبر مطالبة الأوروبيين المنقسمين حول كيفية مواجهة أزمة الهجرة، بثلاثة مليارات يورو إضافية؛ للمساهمة في وقف تدفق المهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي، والقبول بإعادة أعداد منهم إلى أراضيها.

وأثارت أنقرة مفاجأة خلال القمة الأوروبية الطارئة في بروكسل عبر طرحها مقترحات جديدة، ولكن أيضا مطالب إضافية أمام قادة الدول الأعضاء الـ28 الذين يحاولون يائسين إيجاد حل لازمة الهجرة.

وقال رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو: "لقد عملنا على رزمة مقترحات؛ لثني المهاجرين الجدد عن العبور" إلى اليونان التي تعدّ نقطة الدخول الرئيسية إلى أوروبا، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل.

وبحسب مصادر متطابقة، فإن تركيا تعتزم أن تعيد إلى أراضيها طالبي اللجوء السوريين الذين جازفوا بحياتهم وعبروا بحر إيجه من اليونان للوصول إلى أوروبا الشمالية.

وهذا التعهد الجديد المطروح يضاف إلى التزام تركيا تسريع تطبيق اتفاق إعادة مهاجرين، الذي ينص على عودة المهاجرين لأسباب اقتصادية، بدءا من 1 حزيران/ يونيو من أوروبا؛ لكي تطردهم بدورها إلى دولهم.

وقال مسؤول أوروبي كبير: "الجميع يقر بأن هذا اقتراح قوي جدا" مشيرا إلى أنه تم تمديد القمة مع عشاء عمل؛ لإفساح المجال أمام الأوروبيين لدرس "الاقتراح الجديد" الذي قدمته تركيا.

وبحسب هذا التعهد الجديد غير المسبوق، سيكون على الأوروبيين أن يدخلوا إلى الاتحاد الأوروبي لاجئا مقابل كل لاجئ يبعد إلى تركيا.

نقاط بحاجة لتوضيح

والفكرة وراء هذا النظام الجديد -الذي نال دعم ألمانيا- هي توجيه رسالة لكل طالبي اللجوء إلى أوروبا بأنه سيتم إعادة الأشخاص الذين يهاجرون لدوافع اقتصادية وأن من مصلحة طالبي اللجوء تقديم طلبهم في تركيا؛ لكي تتاح أمامهم فرصة الانتقال دون خطر إلى الاتحاد الأوروبي.

وأقر مصدر دبلوماسي بأنه "لا يزال هناك العديد من النقاط الواجب توضيحها" مشيرا إلى شكوك لدى بعض الدول حول شرعية إجراء إعادة طالبي اللجوء السوريين في حين إن القانون الدولي يحظر إبعادهم، وحول إمكانية تطبيقه.

وقال مصدر أوروبي إنه يجب أيضا "درس الثمن" الذي يترتب دفعه لقاء ذلك.

فقد طلبت تركيا مبلغا إضافيا بقيمة ثلاثة مليارات يورو من الآن حتى العام 2018 إلى جانب المليارات الثلاثة التي وعدت بها بروكسل لتشجيع استقبال ودمج 2,7 مليون لاجئ سوري على أراضيها.

وأعلن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز الاثنين أن تركيا طلبت من الاتحاد الأوروبي مساعدة إضافية بقيمة ثلاثة مليارات يورو "من الآن حتى العام 2018"، ووعدت بالمقابل بزيادة تعاونها بشكل واسع للحد من تدفق اللاجئين.

وقال شولتز على هامش القمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بعد أن أبدت أنقرة استعدادها للموافقة على إعادة مكثفة للمهاجرين: "إن هذا المبلغ الإضافي يتطلب إجراءات إضافية على مستوى الموازنة. والبرلمان الأوروبي مستعد لتسريع الإجراءات".

وكان الاتحاد الأوروبي وافق على مساعدة تركيا بمبلغ ثلاثة مليارات يورو لتمويل مشاريع لدمج اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، عبر تأمين وظائف لهم أو اعتماد مناهج دراسية بالعربية للأطفال السوريين مثلا في إطار خطة عمل مشتركة وقعت نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر.

لكن هذه الخطة لم تساهم بتراجع تدفق المهاجرين القادمين من تركيا إلى السواحل اليونانية. 

ولا يزال يصل من 15 ألفا إلى 20 ألف مهاجر أسبوعيا من تركيا إلى السواحل اليونانية، وهو عدد أقل مما كان عليه في الخريف، لكنه لا يزال عاليا بحسب القادة الأوروبيين الذين يخشون تدفقا جديدا في الربيع.

كما تأمل تركيا في الحصول اعتبارا من حزيران/ يونيو على نظام إلغاء تأشيرات دخول رعاياها إلى دول الاتحاد الأوروبي وبدء مفاوضات سريعا حول فصول جديدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وأصبح بإمكان تركيا والاتحاد الأوروبي الاعتماد منذ الأحد على مساعدة سفن حلف شمال الأطلسي في بحر إيجة، التي تراقب شبكات المهربين، وأصبح بإمكانها التحرك في المياه الإقليمية اليونانية والتركية بالتشاور "الوثيق" مع هاتين الدولتين.

إغلاق طريق البلقان؟

فيما كانت المحادثات مع الأتراك تتعقد، اندلع خلاف داخل الاتحاد الأوروبي حول مسالة إغلاق طريق البلقان أمام المهاجرين، التي سلكها السنة الماضية أكثر من 850 ألف مهاجر.

وفي اللحظة الأخيرة، أصر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على شطب أي إشارة إلى إغلاق طريق البلقان من مسودة البيان الختامي لقمة بروكسل، كما قالت مصادر أوروبية.

وقالت ميركل لدى وصولها إلى القمة التي تشارك فيها أنقرة: "لا يمكن إغلاق أي شيء". وأضافت أن "المهم هو إيجاد حل دائم مع تركيا".

وكانت مسودة البيان الختامي السابقة تشير إلى أن "التدفق غير المنتظم لمهاجرين غير شرعيين على طريق البلقان في الغرب وصل إلى نهايته. هذه الطريق باتت مغلقة الآن".

وشهدت طريق البلقان تدفقا غير مسبوق العام الماضي عندما فتحت ميركل الأبواب أمام اللاجئين السوريين الصيف الماضي، إلا أنها عادت وأغلقت حدود بلادها التي استقبلت مليون مهاجر بسبب تراجع شعبيتها.

وبات عشرات آلاف المهاجرين الذين يريدون بلوغ ألمانيا والدول الإسكندنافية الثرية بأي ثمن عالقين في اليونان الغارقة في الديون بعد قرار عدة دول على طريق البلقان إغلاق حدودها.

وكانت النمسا قررت فجأة الشهر الماضي فرض سقف على دخول المهاجرين إلى أراضيها، ما أدى إلى قرارات مماثلة وفرض قيود على طول طريق البلقان.

مساعدة اليونان


ويفترض أن يفرج الاتحاد الأوروبي بسرعة عن مساعدة غير مسبوقة تبلغ 700 مليون يورو على مدى ثلاثة أعوام؛ لمساعدة أثينا التي تواجه أزمة اقتصادية خطيرة، فضلا عن تزويدها بإمكانات فرض مراقبة أفضل على حدودها الخارجية عبر وكالة فرونتكس الأوروبية.

وتتوقع اليونان الانتهاء من إقامة مساكن قادرة على استقبال 17400 لاجئ بحلول نهاية الأسبوع، وفق ما أعلنت الهيئة الوزارية المكلفة بأزمة الهجرة، فيما يعيش حاليا أكثر من 36 ألفا آخرين في مساكن مكتظة.

وجاء هذا الإعلان فيما تحاول الحكومة اليونانية إقناع اللاجئين العالقين في ايدوميني على الحدود مع مقدونيا بمغادرة المكان، في انتظار تحديد مصيرهم.

وكان أكثر من 13 ألف شخص لا يزالون موجودين في المكان الاثنين في ظروف بائسة. وبعد الظهر، تظاهرت مجموعة من 150 سوريا هاتفين: "ميركل"، ورافعين العلم الألماني؛ للمطالبة بتمكينهم من مواصلة طريقهم، ومهددين بالإضراب عن الطعام.

وتخشى اليونان أن يرتفع عدد اللاجئين العالقين داخل أراضيها إلى 100 ألف شخص، بسبب الإغلاق شبه الكامل لحدود دول البلقان، التي تعد طريق العبور الرئيسة للاجئين من اليونان باتجاه بلدان شمال أوروبا.  

وقرر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي تخصيص 700 مليون يورو على ثلاث سنوات، في إطار المساعدات الإنسانية للبلدان الأكثر تأثرا بأزمة الهجرة. وطلبت اليونان 480 مليونا لإنشاء مراكز إيواء جديدة.
التعليقات (0)