سياسة عربية

هدنة سوريا صامدة: تركيا تصفها بالهشاشة وأمريكا تحقق بخروقات

هل تصمد الهدنة في سوريا؟ - أ ف ب
هل تصمد الهدنة في سوريا؟ - أ ف ب
رغم وصف تركيا للهدنة في سوريا بـ"الهشة" إلا أنها ما زالت صادمة نوعا ما إلى الآن بحسب ما تراه الأمم المتحدة، خصوصا مع الانخفاض الملحوظ في أعداد القتلى من المدنيين منذ ستة أيام.

بالمقابل، لم تتوقف الخروقات التي قالت الولايات المتحدة إنها تحقق فيها، مع انفراجة ملحوظة لأوضاع السكان المدنيين حيث نزل بعضهم إلى الأسواق، وشهدت بعض المدن حركة لم تعتد عليها سابقا.

وقال رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، إن "الخروقات التي تقوم بها روسيا والنظام السوري، تجعل وقف إطلاق النار هشّا"، مشيرا إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبي يوليان أهمية كبيرة لتحقيق وقف إطلاق نار حقيقي في سوريا.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد تاسك، الخميس، عقب اجتماع ثنائي بينهما، في قصر تشانقايا، بالعاصمة أنقرة.

على الصعيد ذاته، أعلنت الأمم المتحدة أن وقف الأعمال القتالية في سوريا يشهد "تقدما واضحا"، وفق ما أعلن موفد الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا الخميس، تزامنا مع انخفاض ملحوظ في حصيلة القتلى المدنيين منذ تطبيقه قبل ستة أيام.

وقال دي ميستورا للصحفيين في جنيف في ختام لقاء لمجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية المخصصة لسوريا "الوضع الميداني يمكن تلخيصه بأنه هش. إن نجاح وقف الأعمال العدائية ليس مضمونا إنما هناك تقدم واضح. اسألوا السوريين".

هدنة شاملة 

من جانبها تمنت روسيا أن تكون الهدنة الحالية تمهيدا لهدنة شاملة ووقف لإطلاق النار في كامل الأراضي السورية، إذ أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، أن الهدنة في سوريا تحمل طابعا دائما، ولا يوجد أي جدول زمني أو شروط مسبقة لها.

وبحسب ما نقلت "روسيا اليوم" قال لافروف على هامش اجتماع "رباعية النورماندي" في باريس، إن وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وتحريك العملية السياسية الشاملة لجميع الأطراف السورية، يجب أن تجري بالتوازي، مشيرا إلى عدم وجود أي شروط مسبقة.

وأكد أن الهدنة الحالية في سوريا هي الخطوة الأولى لوقف إطلاق النار في البلاد بالكامل.
ولم يستبعد الوزير الروسي إجراء مباحثات مباشرة بين دمشق والمعارضة السورية في أثناء الجولة الجديدة من المباحثات السورية.

تحقيق أمريكي

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، إن بلاده "لم تغض الطرف عما يحدث في سوريا"، وأنها بصدد دراسة جميع دعاوى خرق اتفاق "وقف الأعمال العدائية" هناك.

جاء ذلك في تصريحات له، بالموجز الصحفي اليومي للوزارة، بواشنطن، الخميس.

وفي رده على سؤال حول زعم موسكو، قيام المعارضة السورية بارتكاب 14 خرقا للاتفاق، قال "لا أستطيع تأكيد هذه الأرقام، ولا هذه التقارير، لقد اطلعت على تقارير صحفية عن هذه التقديرات الروسية".

وأضاف: "لقد شاهدنا دعاوى بوجود خروقات، نريد أن تتم مراجعة هذه الدعاوى وتقييمها، وكما قلنا من قبل، هنالك عملية يتم تنفيذها في هذا المجال".

وتابع "لم نغض الطرف عن الدعاوى والادعاءات بوجود خروقات، أو أننا نعتقد أنها أقل أهمية. نحن نعتبرها شديدة الجدية، ونريد من الجميع أن يأخذها بجدية أيضا، لكن كما قلت هنالك عملية جارية في دراستها والتحقق منها".

واستدرك بالقول: "لم تكن هناك أعداد كبيرة، بحسب تقديراتنا، من دعاوى الخروقات خلال الـ 24 ساعة الماضية".

شيء من حياة

في مدينة حلب السورية المدمرة كان الأطفال يلهون خارج منازلهم، في حين خرج الكثيرون للتسوق في أمان للمرة الأولى منذ شهور بفضل توقف مؤقت للحرب، أتاح فرصة للسكان لالتقاط الأنفاس.

قال محمود أشرفي وقد تملكه الذهول: "أنظر إلى الأسواق. أين كان كل هؤلاء الناس يختبئون؟". وتحدث أشرفي هاتفيا مع رويترز بعد أن قام بجولة في منطقة تسيطر عليها المعارضة في حلب، التي انتشر فيها الدمار بفعل البراميل المتفجرة والغارات الجوية.

ورغم أن "وقف العمليات القتالية" لم يصل إلى حد إنهاء الحرب المستعرة في البلاد منذ خمس سنوات، نعمت بعض مناطق سوريا بحالة هدوء غير معتادة منذ بدء سريان الاتفاق الأمريكي الروسي.

وقالت جميلة الشعباني إحدى سكان حلب، إنها خرجت لرؤية مناطق من المدينة لم تزرها منذ فترة طويلة بسبب عزلة فرضتها على نفسها في منزلها، وأضافت "كان الناس يخشون الخروج."

وقال عبد الله أصلان أحد سكان حلب لرويترز: "المتنزه كان يشبه خلية النحل بالأمس .. كان يعج بالأطفال والأسر."

ووصف سكان مشاهد صاخبة في الأسواق شبهها البعض باللحظات الأخيرة قبل عُطَل الأعياد. وقال عبد المنعم جنيد، المشرف على دار للأيتام "الناس أصبحوا أكثر اطمئنانا".

ودخل اتفاق وقف الأعمال القتالية حيز التنفيذ في مناطق سوريا عدة منتصف ليل الجمعة/ السبت الماضي. ويستثني الاتفاق تنظيم الدولة وجبهة النصرة اللذين يسيطران حاليا على أكثر من نصف الأراضي السورية. ولا يزالان يتعرضان لضربات قوات النظام وروسيا أو التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وتقتصر المناطق المعنية بالاتفاق على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.
التعليقات (0)