بورتريه

فضل شاكر.. الهروب الكبير بحثا عن "عدالة غائبة" (بورتريه)

هل يسلم شاكر نفسه للسلطات اللبنانية؟ - عربي21
هل يسلم شاكر نفسه للسلطات اللبنانية؟ - عربي21
يرى نفسه بريئا وأن ذنبه الوحيد أنه ملتزم  دينيا.

يرفض الألقاب التي تطلق عليه حاليا ومنها "المعتزل"، معلنا أنه قرر" استئناف مشواره الغنائي خلال المرحلة المقبلة"، رافضا وصفه بـ"الإرهابي"، معتبرا  فكرة تسليم نفسه للأجهزة الأمنية اللبنانية في الوقت الحالي "فكرة مؤجلة"؛ بسبب ما وصفه بـ"المسار البطيء للمحاكمات العسكرية" وإصرار البعض على "إدخاله في قضية معركة عبرا".

يعلن عن رغبته في العودة لـ"حياة طبيعية" بحل القضايا التي لا تزال عالقة بينه وبين القضاء اللبناني، بعدما أصبح يعاني من أكثر من مشكلة صحية، منها مرض السكري وضعف في عينه اليسرى.

يردد باستمرار أنه "مظلوم"، وهناك جهات عدة تسعى إلى تشويه صورته لأهداف لا يعلمها شخصيا، وأنه "بريء" من تهمة المشاركة في أحداث ومعارك "عبرا"، التي راح ضحيتها جنود من الجيش اللبناني.

يطالب بـ"العدالة وليس العفو" بعد شهادات تؤكد براءته، ومعتبرا أنه ضحية معارضته لسياسات "حزب الله" و"سرايا المقاومة" في الساحة اللبنانية وفي التدخل في سوريا.

فضل عبد الرحمن شاكر شمندر، الشهير بـفضل شاكر، المولود في نيسان/ أبريل عام 1969 في مدينة صيدا، بدأ حياته الفنية مبكرا في عمر الـ15 عاما، وذلك في الحفلات الصغيرة والأعراس. وصدر له 11 ألبوما غنائيا و21 أغنية منفردة حتى إعلان اعتزاله الفن عام 2012.

قرار اعتزاله للفن تزامن مع إصدار قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان رياض أبو غيدا، مذكرة توقيف غيابية بحقه وبحق الشيخ السلفي أحمد الأسير، وعدد من أعضاء مجموعته، على خلفية أحداث منطقة "عبرا" قرب مدينة صيدا بجنوب لبنان، ضد الجيش اللبناني. وفي حال توقيفه ومحاكمته وإدانته بالتهم بحقه، فقد يواجه حكما يصل إلى السجن مدى الحياة أو الإعدام.

وبخلاف الاعتقاد السائد بأنه من أصل فلسطيني، فقد صرح بأنه يتشرف بأن يكون فلسطينيا، إلا أنه "لبناني أبًا عن جد". وذكر أنه تربى في المخيمات الفلسطينية في منطقة "تعمير" في مخيم عين الحلوة وغنى على أسطحها وبين ناسها، وأنه متزوج من فلسطينية.

وعن قصة زواجه، فيروي فضل أنه كان  يغني في إحدى حفلاته، ووقعت عينيه على إحدى الفتيات وأعجب بها، وبعدها شاهدها عدة مرات، وطلب من إحدى معارفه أن تسألها عما إذا كانت تقبل بأن يتقدم لها ويطلب يدها للزواج، وأنها إذا وافقت فلتطلب أغنية للفنان جورج وسوف، وبالفعل طلبت الأغنية وتقدم لها وطلب يدها وتم الزواج، وكان وقتها عمره 20 سنة تقريبا. يقول: "أنا تزوجت عن قصة حب حلوة".

إعلان اعتزاله الغناء كان مشفوعا بعدد من المبررات والأسباب، من بينها ما هو ديني، ومنها ما هو سياسي يرجع للأحداث في سوريا، ومنها ما يكمن في شروط الفن هذه الأيام حيث اعتبر أن الفن "يتدنى في المستوى في ظل غياب النقابات والمؤسسات الفنية"..

لكنه بعد اختفائه وصمته أمام سلسلة التهم التي ألصقت به، ظهر في مقابلة مع قناة "LBC" اللبنانية حليق الذقن، وأعلن في المقابلة أنه لم يشارك في معارك "عبرا"، كما أنه نفى أنه حرض على الجيش، ولفت إلى أن علاقته "كانت سيئة جدا بالشيخ أحمد الأسير قبل حوادث عبرا"، وأنهما افترقا قبل حدوث المعركة.

وجدد شاكر في أكثر من لقاء صحافي قوله، إنه "وقت المعركة كان نائما ولم يشارك الأسير ومجموعته في القتال، منوها إلى أنه "سلم أسلحته قبل المعركة لبعض قادة الأجهزة الأمنية، الذين يعلمون أنه لم يشارك في فتل جنود الجيش اللبناني"..
 
وهو ما أكده أحمد الأسير نفسه في التحقيقات التي أعقبت إلقاء القبض عليه، نافيا أي مشاركة لفضل في أي عملية ضد الجيش اللبناني، وهذه الشهادة قد تسهم في تبرئة شاكر من كل التهم التي وجهت إليه.

من جهته، نفى شاكر المعلومات التي تم الترويج لها بعد ساعات من الإفراج عن الوزير السابق ميشال سماحة، عن خروجه من منطقة "التعمير " في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بغية الانضمام إلى تنظيم "داعش"، ووصف تلك المعلومة بأنها "حاقدة".

وأكد أنه لا يزال في مكانه، وحين يقرر الخروج منه، فإن ذلك سيكون بهدف إنهاء الملف العالق لدى الدولة اللبنانية، مشيرا إلى أنه "من حقه أن يتم إنصافه لدى القضاء"؛ لأنه حمل وجماعته سلاحا مرخصا من قبل حكومته، سلاحا زودته به الأجهزة الأمنية اللبنانية، وليس "المتفجرات كما فعل سماحة، الذي حولوه إلى بطل وطني"، بحسب قوله.

وقال شاكر في تصريحات صحفية، إنه لم ينضم إلى "داعش" ولا "جبهة النصرة" ولا "الجيش السوري الحر"، بل كان مع "المظلومين في سوريا وفي جميع أنحاء الأرض"، مؤكدا أنه "على كامل الاستعداد لإنهاء ملفه"، وأنه على ثقة من "براءته".

وشدد على أنه لم يقاتل ضد الجيش اللبناني، وتحدى أن يقدم أحد دلائل تثبت ذلك، موضحا أن انضمامه إلى "داعش" شائعة، الهدف منها تعكير صورته التي بدأت تتضح أمام الناس، وأنه يعلم جيدا أن "هناك أجهزة تريد النيل مني بطريقة أو بأخرى حتى لو كنت بريئًا، وهو ما يؤخر خروجي من التعمير نوعا ما".

شاكر يعتبر نفسه ضحية استفزازات عناصر "حزب الله"؛ فبعد أن قاموا بحرق بيته وسرقته ونهب ما قيمته 940 ألف دولار منه، كان "مضطرا لحمل السلاح للدفاع عن نفسه في وجه هذه الاستفزازات والتحرشات المتكررة".

مضيفا أن الطرف المقابل قام باستباحة بيته وعرضه وسرقة ماله، ولم تقم الدولة بفعل أي شيء، ووقتها كان لزاما عليه الدفاع عن نفسه، فلا يمكن أن يعتدى عليه دائما ويبقى بموقف المتفرج، على حد تعبيره.

وساهمت وسائل الإعلام "المعادية له" في تضخيم قضيته، وكانت التهم الموجهة إليه إعلامية بالمقام الأول وليست قضائية، وذلك نتيجة خلافه العلني مع "حزب الله" و"سرايا المقاومة"، وليس مع الجيش، إذ إن هؤلاء قاموا بالاعتداء على بيته وسرقته ومن ثم حرقه، و"لم تتحرك النيابة العامة، ولم تدّعِ حتى ضد مجهول"، بحسب محاميه مدير "مؤسسة لايف الحقوقية" نبيل الحلبي.

وزير الإعلام اللبناني الأسبق ميشال سماحة، الذي اعترف بنقل متفجرات في سيارته من سوريا إلى لبنان لاستهداف شخصيات دينية وسياسية بطلب من النظام السوري، وعثر بحوزته على كميات من المتفجرات ورزم مالية كان أحضرها من سوريا خلال زيارته لها، يخلى سبيله بقرار محكمة التمييز العسكرية بالإجماع بكفالة مالية وقرار معلل يمنعه من السفر مدة سنة، وتقدم  له "مكافأة مجانية على خرق القانون باسم القانون وانتهاك مشاعر معظم اللبنانيين"، وفقا لسعد الحريري..

في المقابل، فإن فضل شاكر يطارد باحثا عن العدالة "خارج الصفقات وبمناخ يؤمن المحاكمة العادلة"، بحسب الحلبي الذي يطالب "القضاء اللبناني بأن يكون حرا مستقلا وعادلا وبعيدا عن المذهبية والحزبية".

المعسكر المناكف لتيار "المستقبل" في لبنان والموالي لسوريا و"حزب الله"، يصف فضل شاكر بـ"المجرم"، بينما يصبغ على جماعته صفة "القدسية" حتى وأن كان أحدهم يخطط  لتفجير لبنان.

الشحن الطائفي في لبنان والمنطقة تجاوز مرحلة العدالة، وقد تطول غيبة فضل شاكر، وعودته لـ"الحياة الطبيعية"! لكنها عودة مشكوك فيها بعد صدور حكم المحكمة العسكرية في لبنان بالحكم عليه بالسجن خمس سنوات وتجريده من حقوقه المدنية، بتهمة التهجم على دولة شقيقة (دون أن تفصح عن اسم الدولة المعنية) خلال مقابلة صحافية أجراها سنة 2014 بمخيم عين الحلوة.

في أول تعليق له على الحكم، تساءل الفنان شاكر: "عن أي دولة تتكلمون؟".

وقال في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "اليوم حوكمت بالسجن خمس سنوات من المحكمة العسكرية بتهمة التهجم على دولة شقيقة، وهي الدولة نفسها التي أرسل رئيسها ومدير مخابراتها بدليل قاطع، عميلا يحمل الهوية اللبنانية لتفجير لبنان".
 
وتابع: "وهي المحكمة نفسها التي اكتفت بسجن ذاك المخبر، الذي كان يريد تأجيج الفتنة بالتخريب والإرهاب فعلا وقولا أقل من أربع سنوات، هي العدالة نفسها التي أرعبت طفلا في السادسة من عمره بعد تشابه الأسماء وهي التي تركت مجرما لقاء مئة ألف دولار".
التعليقات (0)