كتاب عربي 21

لماذا أتمنى فوز ترامب على منافسيه الجمهوريين

جعفر عباس
1300x600
1300x600
مخطئ من يقول إنه لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة. هل يستوي جورج دبليو بوش وباراك أوباما ك"رؤساء"؟ إذا قلت نعم، فأنت غلطان، ثم غلطان. هل نسيت كيف أشعل بوش الحرائق في أفغانستان والعراق؟ وكيف تنسى ذلك، وقد امتد الحريق إلى سوريا ولبنان واليمن؟ هل نسيت أن بوش هو الذي أتى بنوري المالكي بتواطؤ مع إيران، رئيسا للوزراء في العراق، فحوَّل البلاد إلى واق الواق، حتى صار العراقيون غرباء في وطنهم؟

الجمهوريون الأمريكان، ضيقو الأفق وأصابعهم على الزناد، فهم أنصار "حرية" حمل السلاح، وهم المدافعون عن صناعات الأسلحة، ومن ثم فهم أصحاب مصلحة في إشعال الحروب في كل القارات، لإيجاد سوق لتلك الصناعات، ثم ينحازون إلى طرف متحارب مقابل أن يعطيهم  موطئ قدم في أرضه.
والجمهوريون صهيو- مسيحيون، وتكفيريون، ويعتقدون أنهم وكلاء المسيح عليه السلام على الأرض (ولو قرأوا كلامي هذا سيصيحون: مالك أيها المسلم الإرهابي بالميلاد والوراثة تلقي السلام على يسوع؟)، وجورج دبليو بوش مثلا قال إنه تلقى رسالة من السماء تدعوه للترشح للرئاسة.

ولأن أوباما عمل على توسعة مظلة التأمين الصحي، بحيث تغطي جميع المواطنين، فقد اتهموه بـ"الاشتراكية"، التي هي عندهم صنو الزندقة، وإذا كان جورج بوش قد تلقى تعليمه العالي في أشهر جامعتين في العالم (ييل وهارفارد)، ثم ثبتت صحة المقولة السودانية بأن "القلم لا يزيل البلم"، والبلم هو الغباء، فكيف يكون حال ترامب الذي لا يعرف حتى أن "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن لم تصنه رفسك"؟

ومع هذا، فالمهرج ترامب يجد القبول من قواعد الحزب الجمهوري، وفاز حتى الآن على منافسيه في أربع ولايات "حاسمة"، وربما كان إنجازه الوحيد الذي يستحق عليه التهنئة، هو أنه أرغم جيب بوش على الانسحاب من السباق الرئاسي، لأن الله أكرم من أن يبتلي كوكب الأرض ببوش ثالث في البيت الأبيض لونا والأسود "عمايلا".

أريد لترامب أن يصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة في الولايات المتحدة، لأنني أتمنى الخزي والعار للحزب الجمهوري، وأملي في الله عظيم في أن يُلهِم عامة الناخبين الأمريكيين شيئا من العقل والحكمة، فيسقط سقوطا مدويا أمام منافسه الديمقراطي، وحتى لو فاز فإنه وبسياساته الخرقاء ولسانه الفالت، سيجعل بلاده "مسخرة" وقد ينتهي به الأمر مطرودا من الرئاسة، بالطريقة نفسها التي تم بها طرد الرئيس الجمهوري الأسبق ريتشارد نيكسون، قبل إكمال فترة ولايته، وقد تكون تلك نهاية الحزب الجمهوري (الفيل هو رمز هذا الحزب، وهو كما هو معلوم حيوان انفعالي، تصيبه نوبات هياج، فيدمر كل ما حوله، بينما شعار الحزب الديمقراطي هو الحمار، ذلك الحيوان الذي يتعرض للتشهير وإشانة السمعة رغم كل الخدمات التي ظل يقدمها لبني البشر، وقد يكون الحمار غبيا فعلا، ولكنه أقل قدرة تدميرية من الفيل).

ترامب يحمل بكالوريوس في شؤون المال من كلية وارتون، وقام بتأليف 14 كتابا حول إدارة المال والأعمال، خاصة في مجال الاستثمار في العقارات، وهو المجال الذي جعل منه مليونيرا، ومن المؤكد أن بعض موظفيه ألفوا تلك الكتب، ووضعوا اسمه على أغلفتها، وفي مثل هذا الحال يقول السودانيون "الخيل تجقلب والشكر لحماد"، أي غن الحصان "يجقلب" أي يركض محدثا جلبة عالية ويفوز، ولكن راكبه "حماد" هو من ينال الثناء.

ونال ترامب التقدير من جانب غلاة الجمهوريين، عندما دعا إلى عدم منح أي مسلم، ولو تأشيرة محدودة الأجل لدخول الولايات المتحدة، وحسب البعض أنه يحمل فيروس إسلاموفوبيا وحسب، بينما هو في حقيقة الأمر يحمل فيروسات "فوبيات" كثيرة، ويكفي أن نستمع له وهو يشرح الكيفية التي يريد بها منع المكسيكيين من دخول الأراضي الأمريكية: كل من يأتينا من المكسيك إما تاجر مخدرات أو مجرم محترف في مجال ما، وسأبني سورا عاليا على حدودنا مع المكسيك وأجعلها تدفع كلفة إنشائه.

ورغم أنه نزل إلى الميدان السياسي قبل أشهر قليلة، إلا أن شطحات لسانه صارت ضربا من الأدب (أو قلة الأدب)، أسماه النقاد ترامبيزم على وزن فاشيزم (للفاشية) ونازيزم (للنازية)، وإليكم عينات من الترامبيزم:

• عن أنتوني واينر (ممثل إحدى مقاطعات نيويورك في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي لـ12 سنة): على كل بنت تحت سن السادسة عشر أن تحظر واينر على تويتروفيسبوك!!

• الصحفية بيتي ميلر قبيحة، ولكن ولأنني عف اللسان فلن أقول عنها إنها كذلك.

• نحن بحاجة إلى تغيُّر المناخ وميله للدفء الشديد لأن الطقس في نيويورك صار شديد البرودة.

• خلال حملته الانتخابية الحالية سأله صحفي عن سبب كراهيته للصين، فكان رده: أنا لا أكره الصين، بدليل أنني بعت لصيني شقة سكنية بخمسة ملايين دولار، بينما سعرها الحقيقي لا يزيد على مليوني دولار!

لا أدري لماذا كلما استمعت لترامب هتفت: ليس بعد الكفر ذنب.
التعليقات (0)