اقتصاد عربي

الجنيه المصري تحت رحمة المضاربين.. والدولار يصعد بقوة

تقاوم مصر بشدة ضغوطا لخفض قيمة الجنيه- أرشيفية
تقاوم مصر بشدة ضغوطا لخفض قيمة الجنيه- أرشيفية
واصل سعر صرف الدولار ارتفاعه بشكل جنوني في السوق المصري، مسجلا ارتفاعا تاريخيا لم يحدث في سوق الصرف من قبل.

وقال عاملون بالسوق الموازي أو ما يطلق عليه شركات الصرافة، إن شح العملة الصعبة وزيادة الطلب عليها زاد من تفاقم الأزمة، وهناك تجار ومستوردون كبار يتدخلون منذ الأحد لشراء الدولار بأي سعر.

وفي تصريحات خاصة لـ "عربي 21"، أرجع رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، استمرار أزمة الدولار إلى عدم اتخاذ البنك المركزي لقرارات والاتجاه إلى حل جذري للمشكلة.

وأشار إلى أن عدم توافر الدولار للتجار وشركات الاستيراد دفعهم للجوء إلى السوق السوداء، وهناك مضاربون كبار يتحكمون في هذه السوق التي يتداول فيها ومن خلالها أكثر من 36 مليار دولار في الوقت الحالي، بعكس البنك المركزي المصري الذي لا يحتفظ بأكثر من 16 مليار دولار كإجمالي حصيلة مصر من النقد الأجنبي.

وقال إن الأزمة مرشحة للتفاقم خلال الأيام المقبلة، خاصة مع زيادة الإقبال على السوق السوداء لتوفير العملة الصعبة، وفي نفس الوقت التزام البنك المركزي الصمت التام، حتى أنه لم يعلن من قريب أو بعيد عن نيته اتخاذ أية إجراءات تحد من الأزمة وتعيد الدولار إلى وضعه الطبيعي.

كان سعر صرف الدولار قد سجل ارتفاعات قياسية مقابل الجنيه المصري منذ تعاملات الأحد، حيث قفز من نحو 8.82 جنيه لدى تعاملات أمس إلى نحو 8.96 جنيه في تعاملات الاثنين.

لكن في المقابل، استقر سعر صرف الدولار في البنوك والسوق الرسمي عند سعر 7.80 جنيه للشراء، و7.83 جنيه للبيع، لكن مع استمرار البنوك في التعامل بحذر شديد في المعاملات الدولارية ما تسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

وقال مصطفى حسين، مدير فروع إحدى شركات الصرافة بالجيزة، إن مضاربات عنيفة تتم على الدولار منذ تعاملات الأحد، وتسببت في أن يقفز سعر صرف الدولار متجاوزا حاجز الـ 9 جنيهات في بعض المناطق.

وأشار في حديثه لـ "عربي 21"، إلى أن هذه القفزات التاريخية في سعر صرف الدولار لم تسجل من قبل سواء في السوق الموازي أو بالسوق السوداء، متوقعا استمرار الأزمة حتى يعلن البنك المركزي المصري آليات جديدة للسيطرة على سوق الصرف ومواجهة جشع المضاربين وكبار تجار العملة.

وكان البنك المركزي قد اتخذ العديد من الإجراءات التي قال إنها سوف تعمل على تقليص حدة أزمة سوق الصرف، وأنها سوف تعيد الانضباط إلى هذه السوق التي تحتاج إلى رقابة شديدة.

حيث رفع المركزي المصري الحد الأقصى للإيداع النقدي بالعملات الأجنبية إلى 250 ألف دولار شهريا من 50 ألفا وبدون حد أقصى للإيداع اليومي وذلك لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية.

وذكر أن السقف الجديد البالغ 250 ألف دولار أو ما يعادله بالعملات الأجنبية يسري فقط على "الأشخاص الاعتبارية" بغرض تلبية الاحتياجات لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية ولا ينطبق على الأشخاص الطبيعيين.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري قالت مصادر مسؤولة، إن الحكومة المصرية وضعت ميزانية السنة المالية المقبلة 2016-2017 على أساس سعر 8.25 جنيه للدولار مقارنة مع 7.75 جنيه في السنة المالية الحالية.

كما قرر التدخل في تقليص فاتورة الاستيراد بمجموعة قرارات دعمتها وزارة التجارة والصناعة، والتي أعلن الاتحاد العام للغرف التجارية وشعبة المستوردين رفضها، لأنها لن تحل الأزمة ولكنها ساهمت في تفاقمها بشكل سريع.

وبلغ إجمالي واردات مصر في 2015 نحو 80 مليار دولار، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على البنك المركزي لتوفير الدولار اللازم لتمويل عمليات الاستيراد وسط شح الموارد الدولارية للبلد التي يقطنها أكثر من 90 مليون مواطن.

وأرجع مسؤول في أحد البنوك الحكومية قفزة الدولار في السوق الموازية يوم الاثنين إلى المضاربات على العملة بجانب تسعير الحكومة للدولار عند 8.25 جنيهات في الموازنة المقبلة.

وكان مصدران حكوميان مطلعان أبلغا "رويترز" في وقت سابق من الشهر الجاري أن مصر تضع ميزانية السنة المالية المقبلة 2016-2017 على أساس سعر 8.25 جنيهات للدولار مقارنة مع 7.75 جنيهات في السنة المالية الحالية.

ويعني سعر الصرف المقترح في الموازنة الجديدة أن الحكومة ستتجه بشكل مباشر نحو تخفيض سعر الصرف الرسمي للعملة عن مستواه الحالي عند 7.7301 جنيهات للدولار في خطوة قد تجذب لها الاستثمارات الأجنبية التي هربت بعد انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2011 من قطاعات اقتصادية كثيرة باستثناء القطاع النفطي.

وقال مسؤول في أحد البنوك الخاصة: "شح تدفقات العملة الصعبة من السياحة والاستثمارات الأجنبية أحد أسباب نقص العملة الصعبة بجانب الخفض المتوقع للجنيه الذي ساعد على تسريع وتيرة الارتفاع في السوق الموازية".

وتمر مصر بمصاعب اقتصادية منذ انتفاضة كانون الثاني/يناير 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما. وأدت القلاقل الأمنية والسياسية منذ ذلك الحين إلى إحجام المستثمرين الأجانب والسياح الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية عن المجيء.

لكن الحكومة تسعى جاهدة لإقالة الاقتصاد من عثرته وإنعاش الاستثمارات ومساعدة الشركات على النهوض من جديد.

وهوت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في 2011 إلى حوالي 16.477 مليار دولار في نهاية كانون الثاني/ يناير، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي حماية قيمة الجنيه المصري.

ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي. لكن السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار.

وقال جنينة: "السوق في حاجة لتدعيم الثقة في برنامج الحكومة الاقتصادي ثم البحث عن إمكانية الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتعزيز الثقة في هذا البرنامج".
التعليقات (0)