مقالات مختارة

ما العلاقة بين تفجيرات سوروج وأنقرة وتفجير السلطان أحمد؟

عبد القادر سلفي
1300x600
1300x600
الإرهاب يطعن وطننا مرة أخرى

استهدف تنظيم الدولة هذه المرة ميدان "السلطان أحمد"، واختيار "السلطان أحمد" مهم جدا لتنفيذ العملية. إن السلطان أحمد أكثر مكان جاذب للسياح في تركيا. وهذه العملية تعد رسالة قوية لتركيا، فهي هجوم من نوع جديد لضرب أهم مركز سياحي في تركيا.

إن اتخاذ الإرهاب المناطق السياحية هدفا له، يضعنا في مواجهة تهديد من نوع آخر.

يبدو أن تنظيم الدولة متورّط في هذه العملية، حيث تم رصد تحركات لانتحاري على الحدود السورية منذ فترة، وهو على الأرجح سوري يدعى نبيل فضلي.

لكن كيف استطاع هذا الانتحاري تنفيذ العملية رغم مراقبته؟

أين يكمن الخلل؟

كان بإمكانه تنفيذ العملية في الساعات الأكثر ازدحاما في منطقة "السلطان أحمد". وهذا يدل على أن الغرض من العملية ليس قتل أكبر عدد من الناس، وإنما إيصال رسالة قوية إلى العالم.

يبدو أن العملية التفجيرية نُفّذت للضغط على العمليات العسكرية في سوريا، التي تستهدف تنظيم الدولة.

إنها ليست العملية الأولى لتنظيم الدولة في تركيا، فقد سبق وأن نفُّذ هجوم آخر في "سوروج" وفي أنقرة.

تستوجب العمليات الانتحارية القيام بعمل منظم، حيث تأتي المتفجرات من مكان مجهول، ويتم إعداد القنبلة في مكان سري، ثم يتم تسليم المتفجرات للشخص الذي سيقوم بتنفيذ العملية. وعند انتقاله إلى مكان العملية يسبقه أشخاص يقومون بمهمة اكتشاف المكان، حيث إنه لا يتم ربط الانتحاري بالحزام الناسف في سوريا والذهاب به مباشرة إلى اسطنبول.
 
تركيا في مواجهة هجمات منظمة

نحن في كفاح مع حزب العمال من جهة، ومع تنظيم الدولة من جهة أخرى. فبعد 20 تموز بدأ كل من تنظيم الدولة، وحزب العمال الكردي وجبهة التحرير الشعبية الثورية التحرك من النقطة نفسها، وفي اليوم نفسه.

لماذا تُستهدف تركيا؟

يجري العمل بوتيرة وبنسق منظّم من أجل نقل الصراع في سوريا إلى تركيا، لذلك فإننا في مواجهة هجمات إرهابية عالمية. لقد خرّبوا العراق، وخرّبوا سوريا، والآن يعملون على نقل الصراع إلى تركيا.

لا نستطيع الفصل بين التفجيرات التي حدثت في مدن سور وجيزرة وسلوبي، وبين ما حدث في "السلطان أحمد". ربما تختلف العناوين والمسميات، بين تنظيم الدولة أو حزب العمال الكردي، لكن هدف كل هذه العمليات واحد، الهدف يتمثل في إدخال البلبلة إلى تركيا.

تعمل إيران التي اتّحدت مع القوى الأجنبية في سوريا، على إثارة الهجمات الموجهة ضد تركيا. وهي لا تعلم أن الدور القادم بعد تركيا أو ربما قبل تركيا، سيكون لإيران لا محالة.

يتم تشكيل الشرق الأوسط من جديد عبر الاحتلال والإرهاب، قد انقسمت كل من سوريا والعراق إلى ثلاث دويلات. وأصبحت كل الأمور جاهزة لتقسيم الحدود، حيث سيقسم العراق إلى ثلاث دول شيعية وسنية وكردية.

والاحتقان في سوريا يسير في الاتجاه نفسه. إن سوريا على وشك أن تنقسم إلى ثلاث دول، دولة نصيرية في الوسط ودولة كردية في الشمال ودولة سنية في الجنوب. رُسمت الخرائط في عقول وأذهان وقلوب العراقيين والسوريين منذ زمن بعيد. لذلك فإن تقسيم هاتين الدولتين هي مسألة وقت فقط. ويبقى التحدي الحقيقي هو إعادة توحيدها.

الإرهاب يستعد من أجل تخريب تركيا

البعض يريد مجيء وقت استهداف تركيا، فحزب العمال الكردي في جنوب شرق البلاد، وتنظيم الدولة في الغرب، يحاربون عنهم بالوكالة. وقد بدأوا الصراع بالهجمة التي نفّذها تنظيم الدولة في "سوروج" يوم 20 تموز، ثم تلاها بيومين ما أقدم عليه حزب العمال الكردي من قتل اثنين من رجال الشرطة التركية في "جيلان بنار". وفي اليوم نفسه أطلقوا الضوء الأخضر لجبهة التحرير الوطنية الثورية من اسطنبول. وبما أن اليد المحركة للمنظمات الإرهابية الثلاث هي نفسها، انطلقت العمليات كلها في اليوم نفسه.

هذه القضية ليست قضية أردوغان وداود أوغلو فقط، إنها قضية تركيا. إذا كنا لا نريد أن نُدفع إلى اللجوء كما حدث مع اللاجئين السوريين، ولا نريد العيش في دولة تمزّقها الحروب الداخلية، كالعراق، فيجب أن نحمي أنفسنا بأنفسنا.

يجب أن نقف صفا واحدا مع تركيا، متجاوزين خلافاتنا الحزبية والعرقية، وإلا ستفلت هذه الدولة من أيدينا. فمن المعروف أن البعض يريد استهداف تركيا. يريدون أن يحدث لتركيا ما حدث في سوريا والعراق.

حتى لا ننسى أن شوارع بغداد كانت يوما ما مضيئة، والناس في دمشق يعيشون بسعادة. لكن كيف الحال عندهم اليوم؟

هناك من يسعى لجرّنا إلى الفخ نفسه؛ لذلك يجب ألا نعطي الفرصة لخططهم التي تهدف إلى زعزعة استقرار تركيا، عبر تفجيرات تنظيم الدولة وخنادق حزب العمال الكردي.
إنهم يديرون لعبة كبيرة، وتركيا هي الهدف منها.


ما يجب على تركيا فعله

يريدون إلقاء تركيا بين التماسيح الجائعة، يجب علينا القيام بعمليات مشتركة في "جرابلس" للحد من تقدم تنظيم الدولة نحو تركيا. شجب تكوين منطقة عازلة خلف حدودنا، واقتلاع تنظيم الدولة منها وتوطين التركمان والعرب هناك. نحن متفقون مع الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، لذلك لن يمانعوا.

أما عناصر تنظيم الدولة، فيأتون من سوريا ويفجّرون في "السلطان أحمد". لقد فتحنا قاعدة "أنجيرليك" الجوية لأمريكا من أجل الحرب ضد تنظيم الدولة، ونحن إحدى دول التحالف الأولى في الحرب ضد التنظيم، وهو الذي قام بعمليات إرهابية في "سوروج" وأنقرة واسطنبول، كما قاموا باحتجاز العاملين في قنصليتنا بالموصل كرهائن.

إننا أكثر دولة هاجمها تنظيم الدولة. أكتب هذه السطور ودماء الأبرياء الذين سقطوا في ميدان "السلطان أحمد" لم تجف بعد.

وكما قال أحمد كايا: " ما هذا التناقض المخيف يا أماه "؟!
0
التعليقات (0)