صحافة دولية

هآرتس: ما هي تبعات إعادة بناء "حماس" لأنفاق غزة؟

عمليات "خلايا حماس" في الضفة مرتبطة بأنفاق غزة - أرشيفية
عمليات "خلايا حماس" في الضفة مرتبطة بأنفاق غزة - أرشيفية
قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن حماس تعيد بناء الأنفاق في غزة وتمدها داخل الأراضي المحتلة، سعيا منها لتحويل المواجهة في الضفة الغربية إلى انتفاضة مسلحة، مشيرة إلى أن ذلك "سيؤثر على القطاع".

وفي مقال للمحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أشار الكاتب إلى اكتشاف جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) لثلاث خلايا تابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية، كانت تخطط لعمليات ضد إسرائيل، موضحا أن ذلك يدخل ضمن سعي الحركة "إلى تحويل الانتفاضة الثالثة لانتفاضة مسلحة".

واعتبر الكاتب أن نجاح "خلايا حماس" بتنفيذ عمليات في الضفة "ستلقي بظلالها على ما يحدث على حدود قطاع غزة، حيث يدور صراع أدمغة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والأذرع العسكرية لحماس، التي عاودت حفر الأنفاق"، بحسب قوله.

وأشار هرئيل إلى نعي كتائب عز الدين القسام (الجناح المسلح لحماس)، نهاية كانون الأول/ ديسمبر، لأحد أفرادها أثناء "حفره أحد الأنفاق في غزة"، مضيفا أن إسرائيل كشفت خلال معركة "العصف المأكول" في صيف 2014 عن 32 نفقا هجوميا مع غزة، وثلثها تم حفره شرقي الجدار على الحدود مع الأراضي المحتلة، وسط ادعاءات بتدمير كل هذه الأنفاق، مقدرا أن عدد الأنفاق التي اجتازت الحدود اليوم قريب من عددها عشية الجرف الصامد.

اقرأ أيضا: شهيدان بغزة أحدهما عنصر في "القسام" 

واعتبر المحلل العسكري أن حماس لا تبحث عن مواجهة عسكرية مع إسرائيل، "لأن القطاع لم يصحُ بعد من أضرار الحرب قبل عام ونصف، وآلاف السكان لم يحصلوا بعد على منازل جديدة أو إعمار للبيوت التي دمرت نتيجة القصف الإسرائيلي".

وتوقع الكاتب، في مقاله مع "هآرتس" أن هناك سيناريوهين اثنين: "الأول: نجاح حماس في تنفيذ عملية كبيرة في الضفة سيؤدي إلى رد إسرائيلي ضد حماس في القطاع، مما سيدفع الأطراف إلى مواجهة لم يرغبا فيها"، متابعا أن "الثاني: الجهد الإسرائيلي للكشف عن الأنفاق، إضافة إلى تخوف حماس من أن إسرائيل ستبادر إلى الرد، يدفع قادة الذراع العسكري، محمد الضيف ومروان عيسى ويحيى السنوار، إلى المبادرة لهجوم أحادي الجانب من جانبهم رغم الثمن الكبير الذي قد يدفعه القطاع"، بحسب توصيفه.

وأشار هرئيل إلى أن السنوار هو الضلع الثالث في قيادة الذراع العسكري لحماس، وهو يعتبر الآن حركة الوصل المركزية بين القيادة السياسية والعسكرية في المنظمة، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011 تم إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي في صفقة شاليط، والتزم بشكل علني بالعمل من أجل إطلاق سراح الأسرى الذين بقوا في السجن الإسرائيلي، وهو ما أكدته "حماس" بنشرها عدة مقاطع فيديو من فترة خطف شاليط"، معتبرا أن هذا النشر يهدف إلى الحفاظ على صورة حماس في وعي سكان القطاع باعتبارها منظمة "مقاومة" تحارب إسرائيل، وسط برهنة على الأهمية الكبيرة التي تعطيها حماس لعمليات الخطف كأداة لفرض التنازلات على إسرائيل.

اقرأ أيضا: "القسام" تكشف "وحدة الظل" وتبث صورا جديدة لشاليط (فيديو)

وتابع: "حماس ربما تباشر في المستقبل إلى الهجوم عن طريق نفق إذا شعرت أن مشروع الأنفاق الهجومية مُعرض للكشف، وهناك عناصر أخرى في الصورة الاستراتيجية التي تُذكر بالوضع الذي كان سائدا في تموز/ يوليو 2014 عشية الحرب، والبارز منها هو الضغط الكبير الذي تستخدمه مصر على القطاع، فقد أغرقت قوات الأمن المصرية جزءا كبيرا من أنفاق التهريب في رفح، الأمر الذي زاد من تدهور الوضع الاقتصادي للحركة، الذي اعتمد إلى حد كبير في مداخيله على الضرائب على البضائع التي تدخل من خلال الأنفاق". 
 
وأشاد هرئيل بالأفكار التي بلورتها "القسام"، في الحرب الأخيرة، عبر "نقل الحرب إلى أرض العدو، من خلال الهجوم بواسطة الأنفاق واستخدام الكوماندو من البحر والجو"، واصفا إياها بأنها "أثبتت نفسها"، وهي لا زالت قائمة للآن، وسط تقارير استخباراتية إسرائيلية أظهرت استعداد حماس لتنفيذ عملية بواسطة الأنفاق، قابله استعداد إسرائيلي واسع لإماكنية الحرب.
 
أما حول ما الذي تفعله إسرائيل فيما يتعلق بتحدي الأنفاق؟ أشار المحلل العسكري إلى أنه تم "قبل بضعة أشهر الحديث عن تقدم في بلورة الحل التكنولوجي الذي سيساعد على الكشف المبكر للأنفاق، والخطوات الأولية لتنفيذه على الأرض"، موضحا أن وزارة الدفاع أبقت على تفاصيل الخطة سرية، لكن جهات أمنية رفيعة قالت مؤخرا لصحيفة "هآرتس" إن التكلفة المتوقعة لإقامة جدار جديد حول القطاع مع حل تكنولوجي لموضوع الأنفاق تبلغ 2.8 مليار شيكل (711 مليون دولار تقريبا)، ولم يتم وضع هذا البند في ميزانية الدفاع للسنة الحالية.
 
ونقلت "هآرتس" عن مقال كتبه العقيد رومان غوفمان، قائد كتيبة "بيت لحم"، مع "هآرتس"، قال فيه إنه "قبل حرب لبنان الثالثة كان من الضروري إحداث تغيير عميق في مجال المبادرة في المستوى التكتيكي"، مضيفا - مع صورة له على الغلاف - بأن "المبادرة ومعها الخداع والجرأة أيضا هي التي ستحسم المعركة المقبلة، ولم يتميز الجيش الإسرائيلي في هذه المجالات في الجرف الصامد، ومن واجبنا إحداث تغيير عميق".
 
واختتم المحلل العسكري بأن "مجرد اعتراف الجيش بهذه النواقص، وبغض النظر عن التأخير، هو أمر لافت، مثل بعض الخطوات التي تم اتخاذها منذ جولة الحرب الأخيرة في القطاع، إلا أن المركبات الأساسية في صورة الوضع في الجنوب – استمرار حفر الأنفاق وغياب عائق ناجع في حدود القطاع والحصار المشدد على غزة – تُبقي خطر احتمال حدوث جولة أخرى، رغم أن موازين القوى العسكرية كانت وما زالت في صالح إسرائيل".
التعليقات (0)