ملفات وتقارير

الباسيج.. يد المحافظين الخفية لضرب الإصلاحيين والدبلوماسيين

الباسيج أداة المحافظين لحماية "الثورة" في إيران - عربي21
الباسيج أداة المحافظين لحماية "الثورة" في إيران - عربي21
عادت أخبار قوات التعبئة الشعبية المعروفة اختصارا بـ"الباسيج" للتداول على نحو واسع، بعد الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، حول إذا ما كانت طهران اتخذت قرارا رسميا بالهجوم على السفارة السعودية، ما يذكر بالسجل الإيراني الحافل بالاعتداء على البعثات الدبلوماسية الأجنبية.

وعادة ما تلجأ السلطات الإيرانية في الأزمات إلى "الباسيج" التي تأسست على يد مؤسس "الخميني" عام 1979، وتتألف من متطوعين مدنيين يتلقون تدريبا عسكريا، وتتبع لمؤسسة الحرس الثوري الإيراني ويرأسها محمد رضا نقدي، وتدفع مؤسسة "الحرس" رواتب عناصر "الباسيج".

ووجهت اتهامات عديدة لـ"الباسيج" بتنفيذ الهجوم على السفارة السعودية أبرزها كان اتهام وزير الخارجية البريطاني الأسبق، جاك سترو، بأن الحرس الثوري الإيراني هو من رتب اقتحام السفارة ونفذته "مليشيات الباسيج"، بحسب ما صرح لـ"سي إن إن".

كما كشف سترو عن الانقسام بين الرئاسة الإيرانية ممثلة بحسن روحاني، والحرس الثوري الإيراني الذي يدير "الباسيج".

وفي مقال له، قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن الرياض توقعت منذ البداية بأن "يفعل الباسيج بالدبلوماسيين السعوديين ما فُعل من قبل بممثلي الحكومات التي استجلبت سخط الملالي".

ورغم أن السعودية لم تتهم قوات "الباسيج" بشكل صريح باقتحام السفارة إلا أن الإيرانيين أنفسهم يعرفون أنه من تدبيرهم حيث أقال الرئيس روحاني ضابطا في الباسيج بقرار من وزارة الداخلية، وطالب بمحاسبة المعتدين على السفارة بشكل عاجل.

الباسيج والإصلاحيون

وتجمع بين الباسيج والإصلاحيين في إيران علاقة سيئة، كان أبرز مظاهرها أحداث عام 2009 حين تدخلت قوات "الباسيج" لقمع الاحتجاجات الشعبية بعد أن فاز الرئيس الإيراني السابق المحافظ محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية على منافسه مير حسن موسوي المحسوب على الإصلاحيين.

وأمر الحرس الثوري وقتها بإسناد جميع الجهود الأمنية في العاصمة إلى الحرس الثوري و"الباسيج"، وأطلق أعضاء "الباسيج" النار وقتلوا متظاهرين في ساحة آزادي.

وقتل عدد من الإيرانيين في أحداث 2009 أبرزهم الشابة ندا آغا سلطان التي قال شهود عيان إن فردا من "الباسيج" قتلها بطلق ناري من مسافة قريبة، فيما اتهمت السلطات الإيرانية أمريكا باغتيالها.

أما آخر مظاهر علاقة "الباسيج" بالإصلاحيين، إحراج الرئيس حسن روحاني باقتحام السفارة السعودية مؤخرا والذي نتج عنه قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ومغادرة الدبلوماسيين، الأمر الذي لم يعجب روحاني.

اقرأ أيضا: روحاني يواجه "إمبراطورية الحرس الثوري" بالمنافسة على الهيمنة

وطالب روحاني بمحاسبة عاجلة لمن قام باقتحام السفارة، وأقال ضابطا في "الباسيج" ما يشي بعلم السلطات في إيران أن الاقتحام كان بتدبير من الحرس الثوري، ونفذه "الباسيج".

وطلب روحاني من وزير الداخلية العمل مع السلطة القضائية ووزير الاستخبارات لمعرفة هوية المعتدين وتقديمهم إلى القضاء من أجل وضع حد لهذه الأعمال وضمان أمن الممثليات الدبلوماسية.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الإيرانية، حسين علي أميري، إقالة مساعد محافظ العاصمة طهران للشؤون الأمنية صفر علي براتلو من منصبه على خلفية مهاجمة السفارة السعودية في طهران.

وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية إن براتلو كان يشغل منصب ضابط في "الباسيج".

الباسيج والدبلوماسيون

ولـ"الباسيج" ماضٍ أسود مع البعثات الدبلوماسية في إيران حيث إنه متهم بالاعتداء على عدد من الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات.

و"الباسيج"، حديث الولادة وقتها، متهم باحتلال السفارة الأمريكية في عام 1979 إبان الثورة الإيرانية، إذ اقتحمت مجموعة من طلبة الجامعة "الثوار" في طهران، يوم 4 تشرين ثاني/ نوفمبر 1979، سفارة الولايات المتحدة الأمريكية.

كما أنه متهم باقتحام السفارة السعودية عام 1987، بعد مقتل عدد من الإيرانيين الذين تظاهروا في السعودية إبان موسم الحج، باشتباكات مع قوات الأمن السعودية، تبعه تنظيم مظاهرة أمام السفارة السعودية في طهران، تحولت إلى أعمال عنف، حيث اقتحم المتظاهرون مبنى السفارة واحتلوه، ما أدى إلى إعلان السلطات السعودية، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

ويتهم "الباسيج" أيضا بالاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011 بعد أن أعلنت بريطانيا عقوبات من طرف واحد على إيران بسبب البرنامج النووي، إذ قام المتظاهرون باقتحام مبنى السفارة، وتحطيم نوافذه وتخريب محتوياته، ما أسفر عن إغلاق متبادل للسفارات إلى 2015.

الباسيج والخارج

وفي خارج إيران كان لـ"الباسيج" دور رئيسي حمل الطابع العسكري بدءا من الحرب العراقية الإيرانية وانتهاء بدخول "الباسيج" على خط العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا.

وبحسب معهد واشنطن للأبحاث، بدأت قوة "الباسيج" الوليدة في تعبئة المتطوعين أيام الحرب العراقية الإيرانية، وقد وصل الجهد إلى ذروته في كانون الأول/ ديسمبر 1986، عندما كان مائة ألف متطوع على الجبهة رغم وصول العدد إلى مليوني متطوع.

وتحت مظلة الحرس الثوري الإيراني يقاتل "الباسيج" اليوم في سوريا، وأعلنت وسائل إعلام إيرانية مؤخرا عن مقتل سبعة مقاتلين إيرانيين في المعارك الدائرة مع المعارضة السورية بريف حلب، وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن المقاتلين من قوات "الباسيج"، وهو ما أكدته وكالة "فارس" الإيرانية.

كما نشرت الوكالة ذاتها خبر مقتل القائد في الباسيج "نادر حميد" متأثرا بجراحه بعد أن أصيب في سوريا وبالتحديد بمدينة القنيطرة.

ويبقى "الباسيج" المتطوعون يد المحافظين الطولى التي يضرب بها النظام في إيران كلا من الإصلاحيين من أعداء الثورة، والدبلوماسيين الغربيين، وقوة بشرية لا بأس بها في الحرب الدائرة بسوريا، بحسب مراقبين.
التعليقات (0)