ملفات وتقارير

التجارب النووية والتصفية.. سمة حكم كيم في كوريا الشمالية

اختبار القنبلة الهيدروجينية رسالة موجهة إلى كوريا الجنوبية وإلى العالم- أرشيفية
اختبار القنبلة الهيدروجينية رسالة موجهة إلى كوريا الجنوبية وإلى العالم- أرشيفية
أثبت زعيم كوريا الشمالية الشاب "كيم جونغ أون" خلال سنوات حكمه الأربع أنه شخصية شرسة يصعب التكهن بما يدور في خلدها.. ليس بالنسبة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية فحسب، بل ولأقرب حلفائه الصين التي تحداها حين أجرى أحدث اختباراته النووية هذا الأسبوع.

الزعيم الذي سخر منه البعض في بداية حكمه لحداثة سنه والهالة التي يحيط بها نفسه أطاح بأقوى التكهنات بأن عهده سيشهد فوضى بل وربما انهيارا.

فرغم أن كثيرا من شعبه مازال يعاني فقرا مدقعا.. يشهد الاقتصاد الموازي ازدهارا رفع مستوى المواطن العادي وحقق واحدا من تعهدات كيم الرئيسية، رغم أن البلاد أصبحت أكثر عزلة من ذي قبل.

وأعلنت كوريا الشمالية هذا الأسبوع أنها اختبرت بنجاح قنبلة هيدروجينية، وإن كانت الولايات المتحدة وحكومات أخرى تشكك في أن الجهاز الهيدروجيني المصغر الذي أعلن الشمال اختباره بقدر التطور نفسه الذي تحدث عنه.

ورغم هذا التشكك، سيساعد الاختبار كيم على تعزيز سلطته من خلال إبراز صورته كزعيم قوي، ومن خلال إرضاء المؤسسة العسكرية المتشددة في بداية عام جديد.

وفي أيار/ مايو المقبل سيعقد الحزب الحاكم الذي تأسس منذ 70 عاما أول اجتماع منذ 1980 حين كان مؤسس الدولة كيم إيل سونغ يهيئ ابنه كيم جونغ إيل، والد كيم، لتولي الزعامة في المستقبل.

ويهيئ الاختبار النووي الساحة لانعقاد المؤتمر.

قال "آن تشان إيل"، وهو مسؤول عسكري سابق في كوريا الشمالية، يرأس الآن معهدا بحثيا في الجنوب: "الفكرة بالنسبة له: إذا كنا سنقيم حفلا.. فلنذبح الذبائح ولنقم الولائم".

وأضاف، مشيرا إلى تجربتين سابقتين لاختبار صاروخ عابر للقارات وآخر يطلق من الغواصات: "الاختبار النووي إضافة إلى اختبار آي.سي.بي.إم واختبار إس.إل.بي.إم جسر كان على الشمال أن يعبره للوصول إلى مؤتمر الحزب".

اقرأ أيضا: زعيم كوريا الشمالية يشهد بنفسه تفجير "الهيدروجينية" (فيديو)

وقال "تشون يونغ وو" الذي كان مستشارا للأمن القومي بكوريا الجنوبية عندما أجرى الشمال التجربة النووية السابقة في 2013، إن الاختبار وما يردده الشمال من أنه اختبار لقنبلة هيدروجينية رسالة موجهة إلى كوريا الجنوبية وإلى العالم.

وأضاف: "لأغراض سياسية عليه أن يظهر قبل مؤتمر الحزب الحاكم أنه الرجل الذي نجح في إحداث طفرة في تعزيز القدرة النووية سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية".

حكم عاصف

كانت سنوات حكم كيم مليئة بالأحداث، فقد احتل عناوين الصحف العالمية ليس فقط لبرامج الأسلحة، ولكن أيضا حين ازداد وزنا، وحين أمضى وقتا مع نجم كرة السلة دينيس رودمان، وحين اختفى من المشهد العام لستة أسابيع في 2014 وأثار تكهنات باعتلال صحته.

وعندما عاود الظهور كان يسير بخطى عرجاء متكئا على عصا.

وبعد أن تولى كيم -وهو متزوج ويعتقد أنه في أوائل الثلاثينيات- السلطة خلفا لأبيه الذي توفي إثر نوبة قلبية في أواخر 2011 غير وزير الدفاع أربع مرات.

وفي عهده تم إعدام شخص بسلاح مضاد للطائرات وفقا لمخابرات الجنوب.

وخلال مراسم دفن أبيه في 2011 وقف سبعة مسؤولين كبار إلى جواره وكانوا يعتبرون المؤيدين الرئيسيين لزعامته المقبلة.

من هؤلاء السبعة تمت تصفية خمسة أحدهم جانغ سونغ تيك، زوج عمته، الذي كان يعتبر يوما السلطة الفعلية وراء العرش، وأعدم في كانون الأول/ ديسمبر 2013.

أما والد كيم الذي حكم البلاد لما يقرب من 20 عاما فقد غير وزير دفاعه ثلاث مرات فقط.

لا يشبه أباه

كيم الابن لا يشبه أباه.. وإنما هو أقرب إلى جده، فهو مثله لا يعزف عن التحدث العلني.

وهو أيضا لا يشبه أباه في قدر الحرص نفسه على تعزيز الروابط مع الصين، الداعم الدبلوماسي والاقتصادي الرئيسي لكوريا الشمالية، بل إنه أثار حفيظتها بالتجربة النووية الأخيرة.

وعلى النقيض، كان أبوه يتودد إلى الصين بزياراته التي استمرت حتى قبل أربعة أشهر فقط من وفاته، ولا يعرف عن كيم الابن، الذي تلقى تعليمه في سويسرا، أنه غادر كوريا الشمالية منذ تولى قيادتها.

أما أكبر اختلاف بين الابن والأب في عيون أبناء كوريا الشمالية فيتمثل في أسلوب إدارة الابن للاقتصاد.

اقتصاد كوريا الشمالية يبدو في هيئة رثة.. فثروتها القومية لم تتعد 28.4 مليار دولار في 2014 وفقا للبنك المركزي الكوري الجنوبي، وبحساب نصيب الفرد تكون كوريا الجنوبية أغنى من الشمال 21 مرة.

لكن الأرقام تغفل النشاط الحادث في السوق الموازية، إذ يغض النظام الطرف عن المشروعات الخاصة، وهو ما قد يدفع كيم في النهاية لتنفيذ إصلاحات رسمية.

أما على الصعيد العسكري، فقد أحدث كيم دفعة في برنامج الأسلحة بنجاحه في إطلاق صاروخ طويل المدى في 2012، وأثار دهشة العالم حين أطلق صاروخا إلى الفضاء في إطار مساعي تطوير صاروخ عابر للقارات التي سبق وأن باءت بالفشل في عهد أبيه.

وأكثر ما يثير الدهشة بشأن كيم، كما يقول مسؤول كوري جنوبي معني بشؤون علاقات الجنوب مع الشمال، شخصيته الزئبقية.

قال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: "الاختلاف بينه وبين أبيه هو أنه لا يمكن التكهن إطلاقا بما يدور في خلده كما أن عنصر التقلب لديه هائل".

وأضاف: "ويبدو أنه إذا ركز على شيء فإنه يستحوذ عليه تماما".
التعليقات (0)