ملفات وتقارير

التوتر يحتدم بالشرق الأوسط بعد قطع الرياض علاقاتها بطهران

محللون: من السابق لأوانه الحديث عن صدع طائفي يعم الشرق الأوسط بأكمله - عربي21
محللون: من السابق لأوانه الحديث عن صدع طائفي يعم الشرق الأوسط بأكمله - عربي21
حشدت السعودية حلفاءها السنة للوقوف إلى جانبها في نزاعها الدبلوماسي المتفاقم مع إيران، ما يعمّق الانقسام الطائفي في الشرق الأوسط بعد إعدام المملكة لرجل دين شيعي سعودي.

وقطعت البحرين والسودان علاقاتهما مع إيران بعدما اتخذت الرياض الإجراء نفسه الأحد، كما أبلغ وزير خارجيتها عادل الجبير رويترز أن حكومته ستوقف أيضا الرحلات الجوية بين البلدين وتقطع العلاقات التجارية.

وألقى الجبير باللوم على "السياسات العدوانية" لإيران التي نتج عنها اتخاذ هذا القرار الدبلوماسي، مشيرا إلى سنوات من التوتر بين البلدين، الذي بلغ ذروته ليل السبت عندما اقتحم متظاهرون إيرانيون سفارة المملكة في طهران.

وخفضت الإمارات -التي يقطنها مئات آلاف الإيرانيين- كذلك تمثيلها الدبلوماسي مع إيران، في الوقت الذي نأت دول الخليج الأخرى مثل الكويت وقطر وعمان بنفسها عن النزاع.

واتهمت إيران السعودية باستغلال واقعة السفارة وهجوم مماثل على قنصليتها في مدينة مشهد "كذريعة" لتصعيد التوترات، في الوقت الذي جاب فيه محتجون في إيران والعراق الشوارع لليوم الثالث على التوالي؛ احتجاجا على إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.

واعتبرت الإمارات أنه يتعين على إيران الابتعاد عن الشؤون العربية، وعدم التصرف كحامية للعرب الشيعة.

وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية لقناة العربية المملوكة لسعوديين: "إذا كان هناك خلاف، وهذا الخلاف من الممكن أن يتأجج، فمن الطبيعي أن الدول تحاول أن تلعب دور رأب الصدع... الإشكالية ليست في جهود هذه الدول، بل الإشكالية أن الثقة يجب أن تبنى".

وأضاف قرقاش قائلا: "أساس الثقة هو قبول إيران أن العالم العربي ليس مشاعا لتدخلها السافر ولخطابها التأجيجي وخطابها الطائفي، وأن إيران لا تملك وصاية أو ولاية على أعداد كبيرة من العرب بسبب مذهبي".

وقتل رجل بالرصاص في المنطقة الشرقية بالسعودية في وقت متأخر من مساء الأحد، عندما تعرضت قوات الأمن لإطلاق نار وقصْف مسجدين سنيين في الحلة التي تقطنها أغلبية شيعية بالعراق.

وارتفعت أسعار النفط بنحو اثنين في المئة، متجاوزة تأثير الضعف الاقتصادي في آسيا، مع تبادل السعودية وإيران المصدران الكبيران للنفط الاتهامات، وامتدت التوترات إلى دول أخرى منتجة للنفط مثل العراق.

وتراجعت أسواق الأسهم بحدة في منطقة الخليج، وقادت البورصة القطرية الهبوط، ونزلت بأكثر من 2.5 بالمئة، بعد أن تجاوز تأثير الاضطرابات السياسية أي أثر إيجابي من ارتفاع أسعار النفط.

وقالت الصين -وهي مستورد رئيسي للنفط الخام- إنها "قلقة للغاية" بشأن التطورات، فيما اعتبر تحولا عن إحجامها السابق عن التدخل دبلوماسيا في الشرق الأوسط. ودعت الولايات المتحدة وألمانيا إلى ضبط النفس، وعرضت روسيا التوسط لإنهاء الخلاف.

سوريا واليمن

ويهدد الخلاف بإخراج جهود لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات عن مسارها؛ إذ تدعم السعودية ودول عربية خليجية أخرى جماعات معارضة تقاتل قوات الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من إيران.

وفي لبنان المجاور، ذكرت الصحف أن الخلاف ألقى بظلاله على آمال ملء الفراغ الرئاسي التي تجددت الشهر الماضي، بعد أن أبدت إيران والسعودية تأييدهما لاتفاق تقاسم سلطة.

وأبلغ بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الجبير الاثنين أن قرار الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران مقلق للغاية.

وقال ستيفان دوغاريك الناطق باسم المنظمة الدولية إن بان يرغب في محاولة ضمان استمرار التزام الدولتين بإنهاء الصراعات في سوريا واليمن.

وحث بان السعودية على تجديد اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي أنهته في مطلع الأسبوع مع جماعة الحوثيين التي تدعمها إيران في اليمن. وتشن السعودية غارات على الحوثيين في اليمن منذ نحو تسعة أشهر.

غير أن المحللين قالوا إنه من السابق لأوانه الحديث عن صدع طائفي يعم الشرق الأوسط بأكمله، واعتبروا أن قطع العلاقات ربما يكون أحد أعراض التوتر القائم بين البلدين أكثر منه دليلا على تزايد هذا التوتر.

وقال جوليان بارنز داسي الباحث والزميل البارز في العلاقات الخارجية في المجلس الأوروبي "إن حقيقة كون الإمارات غير عازمة على قطع العلاقات تماما مع إيران، على الرغم من الصلات الوثيقة التي تربطها بالسعودية، تظهر الصعوبة التي سيواجهها السعوديون في محاولتهم عزل إيران".

وأضاف "أن خفض مستوى العلاقات لا يتعلق بشكل أساسي بمسألة الرد على إعدامات واقتحام سفارة... بل عمل (ناتج عن) صراع أكثر عمقا بين الدولتين".

العقاب الإلهي

وبعد الرد الغاضب للشيعة في مختلف أرجاء العالم على قرار السعودية إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إيران بتشكيل "خلايا إرهابية" وسط الأقلية الشيعية في المملكة.

وأعدمت السعودية النمر وثلاثة آخرين من الشيعة في اتهامات تتعلق بالإرهاب يوم السبت، إلى جانب عشرات من الجهاديين السنة. ووصفت إيران النمر "بالشهيد" وحذرت أسرة آل سعود الحاكمة في السعودية من "عقاب إلهي".

واتحدت الجماعات الشيعية في إدانة السعودية، في حين اصطفت القوى السنية وراء المملكة، ما يعمق انقساما طائفيا مزق مجتمعات في مختلف أرجاء الشرق الأوسط وغذى الفكر الجهادي لتنظيم الدولة.

وأدان الأزهر في القاهرة ومنظمة التعاون الإسلامي في السعودية الهجمات على بعثات الرياض الدبلوماسية، وأكدا على ضرورة التزام طهران باحترام الشؤون الداخلية للمملكة.

واتهمت البحرين -حيث تحكم أقلية سنية أغلبية شيعية- إيران "بالتدخل الصارخ والخطير" في شؤون دول الخليج العربية، في بيان أعلنت فيه قطع العلاقات مع طهران.

وحاولت قوى غربية تقدم العديد منها أسلحة بمليارات الدولارات لدول الخليج العربية تهدئة التوترات مع إيران، لكنها استنكرت الإعدامات، في حين انتقدت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان النظام القضائي السعودي، وتجمع محتجون خارج السفارات السعودية. 
التعليقات (1)
سعودي حر
الأربعاء، 06-01-2016 02:16 ص
الله يعز ال سعود ويجعلهم ذخر لنا ويسدد رميهم ويحفظ مملكتنا الغاليه في ظل ابو فهد