قضايا وآراء

كل الموبقات ترتكب باسم المواطن الخليجي

عمرو عبد الهادي
1300x600
1300x600
صديقي الرياضي الذي يعمل في إحدى الدول الخليجية حكى لي ذات يوم كيف كان يثق فيه رب العمل الخليجي ثقة عمياء، وحرص هو أن يكون جديرا بتلك الثقة، فاستلم عمله في الشركة من المدير السابق واكتشف عجزا كبيرا في المخازن والعهدات، وأعاد للشركة أموالا طائلة كانت قد سلبت.

كان دائم السفر إلى دول العالم لعقد صفقات لتلك الشركة، وفي إحدى سفرياته عاد من السفر ليجد خطابا من مديره التنفيذي يقول له: لقد أنهى الكفيل خدماتك، ويطلب منك أن تغادر البلاد في غضون 24 ساعة. فما كان من هذا الصديق إلا أن رفع سماعة التلفون بعد أن غادر مكتبه وهاتف كفيله معاتبا برقة: "هو أنا زعلتك في حاجة، هل ارتكبت خطأ ما.. أريد أن أقابلك في أمر هام"، فرد عليه رئيس مجلس الإدارة أن ينتظر هذا الموضوع حين يسافر ويعود، فاستغرب صديقي كيف له أن يطلب أن أغادر اليوم وكيف له أن يريد تأجيل مقابلته حتى عودته. فحسب أوامره حينما يعود أكون قد غادرت بلا عودة!!

وهنا قال له الكفيل تعالى إلي في المجلس بعد ساعة، وكان رئيس مجلس الإدارة يستعد للسفر للخارج في اليوم التالي، وحينما سمع منه الحكاية اتصل فورا؛ ليؤجل سفره، ويقول: قابلني غدا في مكتبي في الشركة، وبالفعل في ثاني يوم ذهب المدير ليتصل بالعضو المنتدب: يا هذا، هل صدرت لك أي أوامر في هذا الخصوص، فرد عليه: لا ولم أصدر أنا أيضا هذا الأمر، وبالتحري وصل أن هذا الفعل فردي في حدود اختصاصات الذي أصدره خوفا من شبح ترقي صديقي يوما ليأخذ مكانه، وعلى الفور أصدر الكفيل قرارا بأن يتسلم صديقي عهدة هذا المدير، وأمهل هذا الشخص أسبوعا ليجد عملا أو يرحل من المدينة إن لم يجد.

تلك الحكاية تتجدد يوميا، فعلى كل المستويات يأتي الخليجي بمن يساعده في إدارة أعماله وشركاته ومسؤولياته بل ودولته، وبعد أن يحوز هذا الوافد ثقة كفيله الخليجي ويعرف مزاجه ويعرف متى يأتي ومتى يذهب وبماذا يهتم وبماذا ينشغل وما هي أولوياته، ينطلق كالحصان الجامح يمنح ويمنع باسم هذا الخليجي؛ بحجة أن هذه تلك الأوامر الفوقية، وحينما يسمع المفترى عليه كلمة أوامر عليا يصمت وينفذ، ويكن الضغينة لهذا المواطن الخليجي. خلال حياتي العملية لم أجد أفضل من مقولة أبراهام لينكولن التي تعبر عن هذه القصة، وهي ((تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وتستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكن لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت))، وتلك المقولة يرددها الجميع، ولو أخذ كل وافد إلى دول الخليج سواء كان مديرا أو حتى غفيرا تلك المقولة على محمل الجد لاتعظ ولم يقم بكل تلك الموبقات باسم هذا الخليجي الذي يريد لوطنه وشركته وبيته أن يتقدم للأمام، ومقابل ذلك يصرف الغالي والنفيس.

تأكد أيها الوافد، سيأتي يوم لهذا الخليجي الطامح ليكتشف أن هذا الموثوق قد خان الأمانة وفعل الموبقات باسم هذا الخليجي وقد كبده خسائر أكثر مما أكسبه بمراحل، ولكن بعد فوات الأوان.
التعليقات (1)
نزيه دياب
السبت، 02-01-2016 03:02 م
توقعت من المقال الشيء الكثير لكن أن تقارن أمة بحادث فردي فتسرد فصول الحادثة وكانها حدث تاريخي أهين تسلسله ؟ لا أعلم ما تفكر به أو ما ترمي اليه حقا فالمواطن السعودي مؤمن بطبعه وفيه من الخير الى جانب وجود الأنا المفرطة بحجة المواطنة وغيرها وانتقاص الآخرين من غير جنسهم .أما أن نسلط الضوء المبهر بعنوان عريض كالذي قدمت فيه تدوينتك فهذا أمر فيه اجحاف بحق الاسلام أولا والعروبة ثانيا .مررت بوقت كالذي يمر به معظم الكتاب من شح في المواضيع الا أنني لم ألجأ الى الغمز من قناة شعوب أو شعب كي أروج لقلمي واستثير همم أناس ومجتمعات معادية للمملكة وخصوصا في هذا الوقت العصيب من الأمة بحيث تفرض المرحلة انحيازنا التام للوحدة والتمسك بالجماعة ؟ ويد الله مع الجماعة ولا نصبح ابواقا في أفواه النافخين لعداء المملكة ؟ كلنا عادينا المملكة في وقت سابق التزمت به بقراءات خاطئة للوضع العربي أهمها الوضع في مصر وما آلت اليه مصر ولكن القادم أزهى باذن الله . وعليه أنصحك بالتريث والتروي فيما تروي ولأنني أراك وجها جديدا ولا اريد لهذا الوجه السمح بالاحتراق (اعلاميا ) وليس شيئا آخر ودمت بكل الود

خبر عاجل