صحافة دولية

التايمز: المتشددون الإيرانيون يسعون لتحطيم آمال الغرب

التايمز: فمن الصعب رؤية كيف يمكن لإيران أن تكون شريكا مريحا - أ ف ب
التايمز: فمن الصعب رؤية كيف يمكن لإيران أن تكون شريكا مريحا - أ ف ب
نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لروجر بويز، بدأه بالحديث عن المفهوم الأسطوري حول الخفاش مصاص الدماء، فقال إن الإيرانيين المتشددين يكرهون رائحة التغيير، كما يكره الخفاش مصاص الدماء رائحة الثوم.

ويقول بويز: "إن سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإنه سيتم رفع العقوبات الغربية المفروضة على إيران مع بداية العام المقبل، وسيسود شعور بين الشباب في إيران بأن بلادهم سترتبط مرة أخرى بالعالم الحديث".

ويضيف الكاتب: "يحضر منتجع التزلج في ديزين لينافس المنتجعات السويسرية، ويتوقع إنشاء 25 فندقا جديدا كل عام في أنحاء البلاد؛ لاستيعاب الأعداد الجديدة من الزوار الأجانب. وينتظر التجار في أنحاء العاصمة كلها إعلان العالم إيران مفتوحة للتجارة من جديد".

ويشير التقرير إلى أن هذا لا يعجب البعض، "فبالنسبة للمتشددين الإيرانيين، فإن هذه النقطة تشكل أخطر نقطة تحول على بقاء النظام الثيوقراطي. فمنذ توقيع الاتفاق النووي، بدأت السلطات الإيرانية في التشديد، فتم توقيف أمريكي، إيراني الأصل بتهم غريبة". 

وتذكر الصحيفة أنه "عندما قتل تاجر بهائي برصاصة في مؤخرة الرأس، وقرر ابن عمه أن يحقق في الموضوع، تم توجيه التهمة إليه بالتعامل بالمخدرات خلال هذا الخريف. وزاد عدد الإعدامات بشكل كبير، حتى في صفوف القاصرين. السجون ملأى، وتزرع إيران الفرقة في أنحاء المنطقة كلها".

ويذكّر بويز بأيام الشاه الذي "كان مناوؤوه المتشددون ينتقدونه لما كانوا يسمونه التغريب أو إدخال الثقافة الغربية، وهو ما كانوا يعدونه خيانة للتراث الثقافي الفارسي. ولذلك عندما يتحدث المتحمسون للاتفاقية النووية عن منتجعات التزلج، وكيف يمكن أن تجذب السياح من أنحاء العالم كله، فإن المحافظين في طهران لا يستحضرون إلا صورة الشاه في سان موريتس (سويسرا) محاطا بالخدم، ووظيفة أحدهم البحث له عن عشيقات في مراقص ما بعد التزلج. ويرى المتشددون في الاتفاقية النووية إيذانا بعهد جديد من الانحلال".

وينتقد التقرير الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أهمل "هذه الأصوات متعجلا في إعلان الاتفاق النووي، ليكون جزءا مهما من ميراثه الرئاسي، حيث إنه يريد أن يكون الرئيس الذي أنهى (الحروب الغبية)".

وتجد الصحيفة أنه "لذلك عومل روحاني على أنه الرئيس الموثوق بإخلاصه وإخلاص فريقه من المستشارين الانكلوفون، الذين يتم تصديق تغريداتهم. أما مناوؤوه من المتشددين فيتم إلغاؤهم والحكم عليهم بالفشل أمام الحداثة".

ويعتقد الكاتب أن "هذا سيكون هو السبب في فشل الاتفاقية، فمارغريت ثاتشر راهنت على غورباتشوف، وكانت محقة لبعض الوقت، ولكن جاء خلف غورباتشوف يلتسين، وخلف يلتسين بوتين، ويعد روحاني شخصية انتقالية أكثر من غورباتشوف".

ويتحدث التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مصاعب تطبيق الاتفاق، "حيث سيرتكز الحكم التاريخي على دبلوماسية أوباما النووية على تحقيق الحد من تخصيب اليورانيوم في إيران، وعلى شفافية البرنامج النووي الإيراني. وستعطي الانتخابات التي ستعقد في شباط/ فبراير لمجلس الخبراء، (المجلس الذي ينتخب الزعيم الروحي للبلاد)، صورة أفضل عن مدى شعبية المحافظين، والمصلحين الاقتصاديين، الذين يعارضون التخلي عن السيطرة السياسية والمصلحين الاجتماعيين. ولا يبدو أن الأمور ستكون لصالح دعاة التحرر".

وتلفت الصحيفة إلى أن "مراقبي الشأن الإيراني يعتقدون بأن روحاني سيكون محظوظا إن تم انتخابه ثانية في 2017، حيث يأمل بأن يكون حقق تعافيا كاملا للاقتصاد مع حلول ذلك التاريخ، وعلى أمل أن يبقى الزعيم الروحي علي خامنئي في السلطة".

ويستدرك بويز بأن "التعافي الاقتصادي سيكون بطيئا، وسيزداد الاستياء العام، وستقوم الأجهزة الأمنية القلقة بقمع المحتجين، وسيكون ربيعا قصيرا".

ويورد التقرير أن "الخطأ الأساسي في الاتفاقية هو أن لها نهاية، وتعد أمريكا منع إيران من الحصول على القنبلة الذرية لمدة 15 عاما انتصارا، حيث وافقت إيران على برنامج رقابي لسلسلة الإمداد كلها. ولكن ماذا سيكون إن قامت إيران، كما يجب أن يكون متوقعا، بالغش؟ ماذا لو زاد الحرس الثوري نشاطه مع نظام الأسد وحركة حماس وحزب الله، لتحويل إيران ليس إلى حليف سلمي، بل إلى قوة تدميرية أكبر؟ وماذا لو حل محل روحاني رئيس لا تعنيه ورقة موقعة مع إدارة أمريكية سابقة؟".

وهنا تعلق الصحيفة بأنه "يجب مواجهة أي غش بفرض العقوبات مرة ثانية، ولكن إعادة فرض العقوبات ستتم فقط عندما تقوم إيران بتجاوز كبير. وفي الواقع ما سيحصل عند ارتكاب إيران تجاوزات هو أن يتم تقييم هذه التجاوزات من لجنة مراجعة مشتركة، وبعد المماطلة ستعتذر إيران، وستعد بتصحيح الخطأ، وسيأمل النظام في تطوير وضع يكون أكثر تقبلا، وفيه مجال للمناورة (تجاوزات وتحذيرات ووعود بالتعديل)، ولكن الفكرة من التفاوض مع إيران كانت بهدف الردع، لا بهدف إعطائها مجالا أكبر للتحرك".

ويبين الكاتب أنه "خارج الحدود النووية، تتصرف إيران على أنها قوة إقليمية دون قيود، حيث قامت منذ فترة قريبة بتجريب صاروخ باليستي، يعمل بالوقود السائل متوسط المدى، بالرغم من قرارات مجلس الأمن في هذا المجال. كما أن إمدادها للحركات الإرهابية بالسلاح يتزايد. وتجهز للتزود بدبابات (تي -90) الروسية. وفي سوريا تكتسب خبرة حربية، حيث يوجد لديها حوالي خمسة آلاف مقاتل من الحرس الثوري، يقومون بالتنسيق للمليشيات الشيعية العراقية والباكستانية والأفغانية، فمن الصعب رؤية كيف يمكن لإيران أن تكون شريكا مريحا".

وتختم "التايمز" تقريرها بالقول إن "الدبلوماسية لا تلغي الحرب دائما، ولكنها تؤجل انطلاق الرصاصة الأولى، وتعطي المزيد من الأمل. ويحسب لأوباما أنه استطاع كسر الجمود، وتوقيع اتفاقية قللت من احتمال صدام إيراني إسرائيلي. ولكن النتيجة كانت صفقة معيبة اعتمدت على فهم ضعيف للنوايا الحقيقية للنظام الإيراني، وقد تكون جعلت من المنطقة منطقة أكثر وليس أقل خطورة".
التعليقات (0)