مقالات مختارة

تركيا.. مبارزة الطاقة مع روسيا

أورال تاناس كاراوجول
1300x600
1300x600
كتب أورال تاناس كاراوجول: إن امتلاك روسيا لمصادر الطاقة الغنية واستعمالها كورقة رابحة في علاقاتها السياسية ليس بالأمر الجديد، حيث إن روسيا لم تتردد في استعمال ورقة الطاقة مرارا وتكرار على الساحة السياسية إبان الأزمة الأوكرانية. 

وبدأت دول أوروبا في الآونة الأخيرة، بالبحث عن بدائل جديدة لإضعاف قوة روسيا التي تستمدها من الطاقة، حيث إن مشروع الغاز الطبيعي المسال الذي يحمل في طياته إمكانيات كبيرة في فترة زمنية قصيرة، لم يدخل على جدول أعمالهم إلا بعد الأزمة الأوكرانية.

تركيا لن تقع في الخطأ ذاته الذي وقعت فيه دول أوروبا
 

حاليا، إن أهم موضوع موجود على جدول الأعمال هو مسألة الطاقة بين روسيا وتركيا، مع أنها لم تتخذ شكلا رسميا بعد، إلا أنها تستعمل ورقة رابحة.

والسؤال الأول الذي طرح بعد أن أسقطت تركيا -وهي على حق- الطائرة الروسية التي انتهكت مجالها الجوي، هو "ماذا سيحدث في موضوع الطاقة؟"، وهذا إثر استخدام روسيا للخلافات السياسية ذريعة لمناقشة ملف الطاقة. 

حسنا، هل نستطيع قول الشيء ذاته بالنسبة لتركيا؟ أي هل تستطيع روسيا فرض عقوبات على تركيا في مجال الطاقة؟

بغض النظر عن التخفيضات المتعلقة بذرائع تقنية، فقد قلت سابقا إن هذا غير وارد على ما يبدو، وذلك بسبب الالتزامات والضمانات الموجودة في الاتفاقات الموقعة بين الدول. في حال تم انتهاك الاتفاقية، فإن الدولة المنتهكة تقوم بدفع تعويضات كبيرة. إلا أن هذا يجب ألا يكون الضامن الوحيد لتركيا.

لهذا السبب، فإن الخلاف مع روسيا وما سيولده من أزمة في الطاقة، يجب أن يكون حافزا لتركيا لتقليل الاعتماد على روسيا في هذا مجال. 

يجب على تركيا ألا تنتهج سياسات الدول الأوروبية ذاتها التي تتعلق بزيادة الاعتماد على روسيا، لأنه توجد بدائل أخرى من أجل التزود بالطاقة. علاوة على ذلك، فإن إيجاد تركيا لبدائل جديدة للطاقة سيحسن علاقاتها التجارية والاقتصادية والثقافية مع الدول الأخرى. 

الشراكة الأولى، هي التعاون ما بين تركيا وأذربيجان. وعندما يكون المبدأ الذي تقوم عليه العلاقات بين هذين البلدين هو "دولتان وقومية واحدة"، فإنه من الضروري العمل على تواصل التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، وقد تم بالفعل اتخاذ الخطوات الأولى. 

ومن المقرر أن ينتهي مشروع الطاقة بين تركيا وأذربيجان (TANAP) الذي سيحمل الغاز الطبيعي المستخرج من حقل شاه دينيز إلى تركيا ومن تركيا إلى أوروبا في عام 2018.

ومع ذلك، فقد اجتمع رئيس الوزراء داود أغلو مع رئيس جمهورية أذربيجان علييف، في تاريخ 3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وأعلنا أنهما سيعملان على تسريع إجراءات المشروع حتى ينتهي قبل عام 2018. 

وهذه تعدّ مبادرة هامة جدا من قبل تركيا لتدمير احتكار الطاقة الذي تسعى إليه روسيا. وكون الطرف الآخر هو أذربيجان، فهذا يجعل من هذين البلديين الأخوين ثنائيا قويا في مجال الطاقة.

وكما قلت دوما، فإن إقليمي كردستان العراق وتركمانستان هما شريكان يمكن لتركيا من خلالهما أن تعزز من أمن وارداتها. 

القوة الجديدة التي ستغير معادلة الطاقة: الغاز الطبيعي المسال (LNG) 

ويبدو واضحا جدا أن سبب متابعة الدول الغربية للصراعات والفوضى التي تشهدها كل من سوريا والعراق عن كثب هو: الطاقة.

كل دولة تريد أن تكون صاحبة الكلمة في هذه المنطقة التي تشكل بوابة لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. ولهذا السبب فإن روسيا ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا يحاولون صياغة معادلة الطاقة وفقا لما يتناسب معهم.

تركيا تتحمل القسم الأكبر من المعاناة المادية والمعنوية التي تخلفها الصراعات الدائرة على مقربة من حدودنا.. 

لهذا السبب، فإنه لا يمكن تصور وقوف تركيا جانبا في هذا المجال، ولا يمكن حتى الحديث عن إبقاء تركيا خارج معادلة الطاقة في الشرق الأوسط. بينما تحدث تغييرات جديدة في لعبة الطاقة وبينما يدخل لاعبون جدد، فإن تركيا قد تعمل على تغيير مواقعها في معادلة الطاقة. وفي هذه المرحلة تتضح أهمية الغاز الطبيعي المسال. 

في الوقت الحاضر فإننا نأخذ الغاز الطبيعي المسال (LNG) من نيجيريا والجزائر،كما أنه تمت إضافة قطر إلى هذه الدول.

قطر هي الدولة الأولى في مجال تصدير الغاز الطبيعي المسال. أندونيسيا وماليزيا هما دولتان غنيتان بالغاز الطبيعي المسال. الشراكة مع هذه الدول الخمس في مجال الغاز الطبيعي المسال قد تخلق واقعا جديدا. 

إنشاء البنية التحتية اللازمة لنقل وتخزين الغاز الطبيعي المسال بشكل سريع، لن يكسر احتكار روسيا للطاقة فقط، بل سيفتح نافذة جديدة في مجال أمن الإيرادات لتركيا. 

(عن صحيفة "يني شفق" التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 9 كانون الأول/ ديسمبر 2015)
التعليقات (0)