صحافة دولية

ميدل إيست آي: الغرب يقتل المدنيين كما يفعل تنظيم الدولة

إرهاب الطائرات بدون طيار يقتل المدنيين بضغطة زر من على بعد آلاف الكيلومترات - أرشيفية
إرهاب الطائرات بدون طيار يقتل المدنيين بضغطة زر من على بعد آلاف الكيلومترات - أرشيفية
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا حول إرهاب الطائرات بدون طيار، التي تقتل الأبرياء في الدول الإسلامية، عرض فيه نقاط التشابه بين المسوغات التي يعتمدها تنظيم الدولة لقتل المدنيين في الدول الغربية، وتلك التي يعتمدها دعاة الحرب على الإرهاب لقتل الأطفال والنساء، بضغطة زر من على بعد آلاف الكيلومترات.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن "الإرهابيين يؤمنون بأن عمليات القتل الجماعي التي يقومون بها؛ تتم لهدف سياسي نبيل، إذ إن المتعاطفين مع تنظيم الدولة يعتقدون أنهم يقاتلون الشيطان والدول الصليبية والكفار؛ من أجل إرساء الخلافة. وفي المقابل أيضا؛ فإن دعاة الحرب على الإرهاب؛ يعتقدون أنهم بصدد الدفاع عن الحضارة الغربية ضد البربرية والإرهاب، الذي يسعى لتدمير القيم ونمط الحياة الغربية".

وأشار التقرير إلى أن كلا الإيديولوجيتين تصوران العدو على أنه في درجة أقل من الإنسانية، أو أنه شخص بربري يمثل خطرا محدقا، وبالتالي فإن استهدافه بالتدمير الشامل هو أمر مبرر، بل وضروري ولا مفر منه من أجل تحقيق أهداف سياسية نبيلة.

وأضاف أن الناس بعد هجمات باريس بدأوا يتساءلون في حيرة عن الأسباب التي تجعل "الإرهابيين" يقومون بعمليات قتل جماعي ضد مدنيين أبرياء، والإجابة تكمن في فكرة "نزع صفة الإنسانية"، إذ إن "القتل يصبح أسهل عندما يتم تصنيف الضحايا في درجة أقل من الإنسانية".

ودعا التقرير إلى تخيل أن تلك الهجمات التي شنها تنظيم الدولة على المدنيين الأبرياء في باريس؛ تقع كل يومين في فرنسا أو إحدى الدول الأخرى الغربية، أو أن مجزرة شارلي إيبدو تقع مرة كل أسبوعين في الولايات المتحدة أو بريطانيا، وتوقع عشرات القتلى في كل مرة، مضيفا أن "مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى تصاعد الأصوات المطالبة بالانتقام، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسحق الإرهابيين، بمشاركة كل الدول الغربية".

واستدرك: "لكن عندما يتعلق الأمر بالضحايا المدنيين في العراق وسوريا؛ فإن نفس هذه الأحداث سيتم وصفها فقط بأنها مؤسفة، وبأنها أضرار جانبية، وسيتم تسويغها بأنها دفاع شرعي عن النفس".

وأضاف التقرير أن تسويغ المجازر ضد المدنيين "أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال، ويعبر عن إفلاس أخلاقي، وهذا بالضبط ما حدث في وزارة الدفاع البريطانية، أثناء إعلانها أن طائرات بدون طيار تابعة لسلاح الجو الملكي؛ قتلت حوالي 305 من عناصر تنظيم الدولة، منذ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، دون أن توقع أي ضحية من المدنيين".

وبيّن أن تصريح وزارة الدفاع البريطانية ينطوي على "مغالطة خطيرة، إذ إنها تدعي أنها لا علم لها بوقوع ضحايا من المدنيين خلال غارات جوية في العراق، وبأن كل الغارات تتم حسب قواعد الاشتباك والقوانين البريطانية، ولكن الواقع هو أن الجيش البريطاني ليست لديه أي آلية لاحتساب عدد الضحايا من المدنيين، بل إن الحكومة البريطانية ليس لديها أدنى فكرة حول عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا، منذ مشاركة بريطانيا في غزو العراق عام 2003".

وقال التقرير في هذا السياق، إن بريطانيا لا تقوم بأي جهد للتعرف على الضحايا المدنيين خلال عملياتها، ليس فقط في العراق، بل أيضا في أفغانستان وباكستان ودول أخرى عديدة، "في خرق واضح وصريح لمعاهدة جنيف".

وذكر أن "أسطورة الدقة، واستهداف القادة الإرهابيين من قبل الطائرات البريطانية؛ هي كذبة كبرى"، مشيرة إلى وثائق سرية حصل عليها موقع "ذي إنترسبت"، حول "العمليات الدقيقة" التي تنفذها الطائرات بدون طيار الأمريكية في أفغانستان، كشفت أن هذه الطائرات في 90 بالمئة من المرات "قتلت أشخاصا أبرياء، دون أن يتم التثبت من هوياتهم".

وأضاف التقرير أن تلك الوثائق كشفت أن العديد من الأبرياء والمدنيين الذين يسقطون؛ يتم تصنيفهم على أنهم مقاتلون أعداء، رغم أنهم في غالب الأحيان يكونون من النساء والأطفال.

وبيّن أن شهادات أدلى بها أربعة من مشغلي الطائرات بدون طيار، الذين شاركوا في مهمات بالعراق وأفغانستان وباكستان، كشفت أن المجازر ضد المدنيين باستعمال الطائرات بدون طيار؛ أصبحت أمرا عاديا في ثقافة القوات الجوية، كما أن الأطفال يتم استهدافهم بشكل واضح حسب قاعدة "جزّ العشب قبل أن ينمو أكثر".

وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين يقومون باعتماد بطاقات لعبة الورق من أجل تصنيف أهدافهم، كما أنهم يعتبرون الغارات الناجحة بمثابة "الفوز بالجائزة الكبرى"، ويعتمدون معجما لغويا متعلقا بالرياضة والترفيه، "كأن الأشخاص المستهدفين ليسوا بشرا".

واستدرك بالإشارة إلى أن مقاتلي تنظيم الدولة أيضا يعتمدون على الإيديولوجيا الدينية، ويستعملون معجما لغويا دينيا، ينزع عن المستهدفين صفة الإنسان، ويسميهم بـ"المرتدين" و"الكفار"، على عكس دعاة الحرب على الإرهاب الذين لا يحتاجون إلى تسويغات دينية، ويفضلون الاعتماد على الأفكار العلمانية، والتكنولوجيا العسكرية، والعنصرية المقننة، من أجل التشريع لاستهداف أعدائهم، "والنتيجة في كلتا الحالتين تكون مجازر جماعية وقتلا للأبرياء".

وفي الختام؛ قال التقرير إن "مقاتلي تنظيم الدولة لا يخجلون من استهداف المدنيين في الدول الغربية، ولا يخفون نواياهم المتطرفة، ولكن الأخطر من ذلك هو أن السياسيين الغربيين يفضلون غالبا إخفاء نواياهم الدموية، وراء الخطابات السياسية والمؤسسات القانونية، التي تمكنهم من تسويغ قراراتهم، والتنصل من المسؤولية عن جرائم القتل الجماعي التي يذهب ضحيتها المدنيون".
التعليقات (0)