كتاب عربي 21

هل ينجح الإسلاميون والقوميون في إعادة ترتيب العلاقة فيما بينهم؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
فيما كانت الطائرات التركية تسقط طائرة روسيا بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران، وفيما كانت العمليات الإرهابية تضرب في بيروت وتونس وباريس والعريش وبعد إسقاط الطائرة الروسية، وفيما كل المنطقة تشتعل في سلسلة حروب مفتوحة من أجل تحديد مستقبل المنطقة والعالم، كانت الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي والأمانة العامة للمؤتمر القومي – الإسلامي تعقد اجتماعا مشتركا في بيروت على هامش المؤتمر العربي العام لدعم الانتفاضة الفلسطينية.

وقد جرى في اللقاء الحواري الموسع مناقشة ورقة عمل أعدها وقدمها المفكر العربي والإسلامي والمنسق السابق للمؤتمر القومي – الإسلامي الأستاذ منير شفيق حول العلاقات بين التيارين القومي والإسلامي وكيفية تجاوز الإشكالات التي واجهت هذه العلاقات خلال السنوات الخمس الأخيرة ولا سيما بعد الربيع العربي.

والهدف من وراء هذا اللقاء الحواري التحضير لحوار موسع بين التيارين القومي والإسلامي يفترض أن يعقد في الأشهر الأولى من العام الجديد(2016) في العاصمة التونسية من أجل بحث كل القضايا الخلافية والإشكالية بين التيارين والاتفاق على خطة عمل مستقبلية لمواجهة التحديات المختلفة، بعد أن واجهت العلاقة بين التيارين أزمة ثقة كبيرة بسبب التطورات المختلفة التي حصلت خلال السنوات الأخيرة وعدم الالتزام بالثوابت التي جرى الاتفاق عليها بين التيارين على صعيد حماية الديمقراطية ومواجهة التدخلات الأجنبية ومتابعة العمل في المشروع النهضوي العربي.

ويحمّل قادة كل تيار الطرف الآخر مسؤولية السبب في تدهور العلاقة بين القوميين والإسلاميين، فقادة التيار الإسلامي يعتبرون القوميين وخصوصا في مصر تخلوا عن خيار الديمقراطية ودعموا الانقلاب ضد حكم الإخوان وأن القوميين ومعهم بعض الإسلاميين يدافعون عن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

وبالمقابل يحمل بعض قادة التيار القومي ومعهم بعض الإسلاميين قادة التيار الإسلامي وخصوصا الإخوان المسلمين بعدم الالتزام بالتعاون المشترك في بعض الدول لحماية الثورات الشعبية والاستئثار في الحكم مما أدى لضرب نتائج الثورات، كما يعد هؤلاء ما يجري في بعض الدول ليس ثورة شعبية؛ بل محاولة إقليمية ودولية لضرب المقاومة والدول الداعمة لها وأن بعض الإسلاميين لا يمانعون بالاستعانة بقوى أجنبية لتغيير الأنظمة في المنطقة لصالح قوى إقليمية ودولية.

وتبقى تونس والتجربة الديمقراطية فيها خارج الخلافات بين القوميين والإسلاميين كون الطرفين يعتبران أنها لا تزال تشكل إحدى الساحات الإيجابية للتعاون بين التيارين.

وأما القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني فهو القضية المركزية الأساسية التي لا تزال تجمع بين التيارين وخصوصا في ظل الانتفاضة الفلسطينية الجديدة، التي كانت الدافع لعقد المؤتمر العربي العام لدعم القضية الفلسطينية في بيروت والذي شارك فيه حشد كبير من القوميين والإسلاميين وجرى خلاله الاتفاق على العمل المشترك لدعم القضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني.

فهل سينجح القوميون والإسلاميون في إعادة ترتيب العلاقة فيما بينهم والعودة للتعاون والتنسيق لمواجهة التطورات المختلفة التي تواجه العالم العربي والإسلامي وفي ظل الخوف من أن تؤدي التطورات العسكرية المتصاعدة إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات جديدة ويدفع العرب والمسلمون ثمن الصراعات الدولية والإقليمية.

الإشكالات والخلافات بين القوميين والإسلاميين كبيرة، وهناك أزمة ثقة عميقة بينهما، وذلك بسبب كل ما جرى في السنوات الخمس الأخيرة من تطورات، لكن المنطق والعقل والتحديات المتصاعدة في المنطقة كل ذلك يؤكد الحاجة للعودة للحوار بين القوميين والإسلاميين وكل التيارات والقوى والأحزاب العربية والإسلامية في المنطقة، لأن ما يجري في المنطقة من أحداث خطير جدا، وهو يشبه التطورات التي حصلت بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، التي أدت إلى نهاية الخلافة العثمانية وسقوط المنطقة تحت الاحتلالات الأجنبية ومن ثم قيام الكيان الصهيوني، والخطأ الكبير الذي ارتكبه بعض العرب والمسلمين آنذاك رهانهم على الدول الكبرى للدفاع عن مصالحهم أو لتحقيق أحلامهم بالاستقلال والحرية، وكانت النتيجة أننا دفعنا الثمن الكبير من وراء ذلك، فهل نتفق اليوم على رؤية مشتركة لمواجهة التحديات أم سندفع مرة أخرى ثمنا للتحولات والصراعات الإقليمية والدولية. 
التعليقات (0)