مقالات مختارة

البغدادي يفخّخ محور خامنئي - بوتين

أحمد عيّاش
1300x600
1300x600
بينما كان 11 أيلول الفرنسي يأخذ طريقه إلى مجلس الأمن الدولي كان تنظيم "داعش" يوسع دائرة حروبه التي حطت أمس في مالي بإفريقيا، حيث للفرنسيين حضور. لكن هذه الحروب التي تستند إلى أن للتنظيم دولة خلافة عاصمتها الرقة السورية، سلطت الأضواء على عملية قطع دابره ابتداء من رأسه أي سوريا، مما أثار قلقا في البيئة الحاضنة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، التي تضم طهران وموسكو.

في أحدث معلومات من مصادر على صلة بموسكو تفيد أن الرئيس فلاديمير بوتين طرح على الأسد جديا أنه يتعيّن عليه في مرحلة من مراحل العملية السياسية المرتقبة في سوريا، أن يتنازل عن كل صلاحياته إلى الحكومة الانتقالية، الامر الذي أثار ارتيابا في طهران التي عبّرت عنه وفي أحدث معلومات أيضا في ما أوردته أمس الزميلة "الأخبار"، نقلا عمن أسمته "السياسي الإيراني الرفيع المستوى والمكلّف ملفات المنطقة" قوله "إن الروس يبحثون عن مصالحهم قبل أي شيء آخر".

بالطبع لا تعني هذه المعلومات أن العلاقة بين روسيا وإيران قد بلغت الافتراق، لكنها تشير بالتأكيد إلى أن موجة الإرهاب التي تحمل عنوان "داعش" والتي ضربت بعنف مفرط في الفترة الأخيرة، أخذت الأمور في اتجاه يجعل الذين يؤمنون بنظرية "المؤامرة" أن يحسبوا أن هناك حسابات تتخطى نوايا تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإن بدا الأخير أنه يريد أمرا آخر. فهذا التنظيم وجّه رسائل سورية كان أولها إلى موسكو عبر إسقاط طائرة شرم الشيخ، ثم إلى طهران عبر التفجير المزدوج في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ثم إلى الغرب في عمليات القتل الواسعة في باريس.

كل طرف من الأطراف الثلاثة تلقف الرسالة على طريقته. فموسكو التي انغمست في الحرب السورية من دون أن تحسم شيئا حتى الآن تتلمس خلاصا في مسار فيينا بالإمساك بالعصا من وسطها، في محاولة للتوفيق بين محوريّ الأسد والمعارضة السورية. أما طهران التي اهتزت بفعل ما حصل في برج البراجنة فحاولت استيعابها لبنانيا بـ"ليونة" لفظية عبّر عنها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وخارجيا برفض الربط بين "داعش" والأسد والتمسك بأولوية "التصدي الحاد والمؤثر للإرهاب" كما قال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان. وتبقى الرسالة إلى الغرب التي دفعت باريس إلى مجلس الأمن، كما دفعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القول إنه لا يرى "موقفا يمكننا فيه إنهاء الحرب الأهلية في سوريا مع بقاء الأسد في السلطة".

لا أحد يمكنه الجزم بأن مسلسل الرسائل الدموية وفي كل الاتجاهات قد توقف. وأكثر من يتحسب حاليا لها هو من يتورط مباشرة في سوريا وهما الإمام خامنئي وبوتين اللذان عليهما تدبر عواقب التمسك بالأسد وبقاء "الخليفة" البغدادي. والأخير فخخ طهران وموسكو بأحزمة ناسفة قد تنفجر في أية لحظة.



(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)