قضايا وآراء

لا حياء في القاعدة!!

معاذ محارب
1300x600
1300x600
ظهور نادر في شكله ومضمونه لجبهة النصرة عبر وسائل الإعلام، ليس هو بحال من الأحوال عفو الخاطر، إنما القصدية فيه يمكن تلمسها من خلال التوقيت والرسائل ما ظهر منها وما بطن. وعملا بمبدأ: هلا شققت على صدره، فنحن لن نشق على صدر النصرة، يكفي فقط المتابعة لنستنتج.

يبدأ الفيلم بلقطة لشاب غير سوري اللهجة يقول: لا حرج في انتمائنا للقاعدة، وخلفه مجموعة من الأطفال، أو "الأشبال" كما يسميهم، ممن تعدهم الجبهة لمتابعة معركتها طويلة الأمد، أي أن النصرة تقول إننا باقون ومتمددون لكن على طريقتها.

فهي تعرض منتخب أشبالها الذي سيرفد منتخب شبابها ورجالها بلاعبين جدد، وطرق لعب جديدة قديمة، كطريقة الانغماس التي تبناها أحد "الأشبال"، وبرغبة من والديه.

وهنا مربط الفرس في الفيلم، من جهة عرضه تبني جزء من السوريين أفكار النصرة، وبالتالي إرسال فلذات أكبادهم إليها، وتظهر بناء عليه؛ أنها جزء من المجتمع السوري وليست تكيسا ليفيا غريبا على جسده.

يعود الأطفال للظهور وهم في صف يتعلمون من مدرسهم النصراوي ما هي العقيدة. ومفهموم العقيدة هذا اختلف فيه المختلفون، وخاض فيه الخائضون من أهل التيارات الإسلامية. فنحن إذا أمام حالة فصائلية ضيقة لكسب الولاء، أو ما يسمى غسل الدماغ.

يظهر طفل أوزبكي في الصف اسمه أبو أنس، ويتحدث العربية. ولِم لا يظهر؟ فالقاعدة مشروع عالمي، وربما يذهب أبو اسحاق، الطفل السوري في الفيلم، إلى أوزبكستان يوما، لتسقط القطرية سقوطا حرا تحت أقدام "أشبال" النصرة، كما يتعلم هؤلاء الأولاد.

وعلى ذكر أبي إسحاق، فالأطفال ينادون بعضهم بأبي فلان وأبي فلان، وهذه من عوائد المجتمعات المحلية السورية قبل مجيء النصرة، حتى لا تثور ثائرة العلمانيين.

لن تسمع هؤلاء "الأشبال" يغنون مثلا لنانسي عجرم "شاطر شاطر"، فالغناء لشيخهم بن لادن، وبن لادن فقط، حيث لم نسمع لأيمن الظواهري ذكرا، ما يدعم فرضية عدم الرضا غير المعلن عن قيادة الظواهري، ونحن هنا نأخذ حقائقهم من صغارهم.

مقاتلو النصرة لا يقطعون روؤس أسراهم، كتنظيم الدولة الذي ذكره أحد أشبالها بسوء، فلا إخوة منهج ولا من يتآخون برغم محاولة تلبيس البعض بين الجبهة وجند الأقصى، وقضية تفكك جيش الفتح العائد من جديد.

النصرة في فيلمها تقول للجميع نحن هنا، فانتبهوا. والمعنيّ بالقطع هم الأصدقاء قبل الأعداء، بعدما راج عن موجة تركية قطرية سعودية استقطبت حركة أحرار الشام لتكون القلب النابض لأي مشروع في الشمال السوري،  وبالتأكيد لم تقصد الجبهة الليبراليين السوريين الذين أوجعهم هذا الفيلم بعدما رأوا بأم أعينهم "أشبالها"، ما يعني أن هذا المشروع القاعدي لن يرحل برحيل الأسد كما يُمنّي هؤلاء أنفسهم. وبعضٌ من الذين نصبوا أنفسهم أولياء ومهديين لهذه الثورة؛ تخيفهم مشاهد الأطفال لجهة الخطر على مشروعهم العلماني الذي يحلمون به لمستقبل سوريا. وهنا على سبيل المصادفة السيئة لهم، قال وزيرا الخارجية الأمريكي والروسي إنهما يريدان مستقبلا علمانيا لسوريا أيضا.

ليس هناك عاقل ينكر الدور المهم للنصرة وغيرها من الفصائل على الأرض، وما من عاقل أيضا تخفى عليه الفصائلية التي ينضح بها الفيلم، وبالتالي يسأل عاقل: ما الحكمة من إثبات الهوية الآن بهذا الشكل؟ ألم تقرأ النصرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته قال للشيخ الذي سأله: ممن أنت؟ فأجابه: أنا من ماء وانصرف.

لا أحد يدعو النصرة وغيرها للكذب وإنكار أبيهم الحقيقي، لكنها دعوة للتجمل.
التعليقات (0)