كتاب عربي 21

يوم أن قال المنقلب.. "ما يصحش كده"!!

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
يحار المرء حينما يحاول أن يمسك بخطاب المنقلب فالأمر ما بين التأتاة والوأوأة واختفاء الجملة المفيدة فضلا عن الكلام المفيد، وفي كل مرة يتكلم المنقلب تقول له اللغة خسئت، وتقول له المعاني "قرفت"، إلا أنه يبقى بعد كل خطاب إن استحق ما يقوله أن يسمى كذلك، لازمة في الكلام تعبر عن كلامه الأجوف، وتكون اللازمة تلك محل تندر وسخرية من أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي.

التقلب واحدة من أهم سمات المنقلب وأهل الانقلاب، لا تكاد تمسك لهم كلمة ولا ترى لهم موقفا ثابتا؛ إذ لا مبدأ عندهم يتمسكون به إلا مصالحهم الآنية والأنانية ومن منظورها الضيق ولا أصل لهم يمكن فهم سلوكياتهم أو خطاباتهم من خلاله وقد أسسوا منظومتهم على الغدر والكذب والافتراء خاصة في نموذجها المتبجح الراهن، وهي أمور لا يمكن أن يستقيم معها فهم ولا أن يستديم معها حكم.

والمنقلب الذي ملأ كلامه أو تخريفاته بكلمة (صحيح.. صحيح) يعود الآن ليقول (ما يصحش كده)، وهو الذي أطلق ذراعه الإعلامي ينهش في الأعراض ويغتال الوطن والمواطن وينبح على كل صوت وفعل شريف ويهدم بنياننا الوطني ويمزق نسيجنا الواحد، يأتي اليوم ليوبخه ويهاجمه بدعوى أن هذه الأبواق غير فاهمين لأي شيء ولا ينشرون وعيا ولا خلافه، إنما ينشرون جهلا.

إعلامي منافق يهاجم الوزراء الذين لا يقومون بواجباتهم ويتركون المنقلب المغتصب هو من يقوم بكل شيء حتى إنه ليجلس مع رئيس تنفيذي لشركة خمس عشرة مرة ويترك الإسكندرية تغرق وأهلها في مصابهم الكبير.. ولكن نفاقه يفهم خطئا وينقل إلى سيده على أنه مهاجمة ونقد، وبناء عليه جاءت المقطوعة الانقلابية الكاشفة تحت عنوان "مايصحش كده": 

(احنا بنتجاوز كل حاجة.. إيه ده إيه الشغل ده.. والله هذا الأمر لا يليق .. ما يصحش نعمل كده في بعض .. انتم بتعذبوني اني انا جيت هنا واللا إيه.. أنا بكلمكم بجد يعني .. أنا باحس إن الناس لا عارفة ولا هي فاهمة ولا أي حاجة في الدنيا بس قدامي ميكرفون باتكلم فيه أو جورنال باكتب فيه.. لا يا جماعة دي دولة هاتضيع مننا على كده.. بالطريقة دي احنا بننشر جهل وعدم وعي بين الناس احنا ما بننشرش وعي حقيقي.. انتم بتقولوا ان كل حاجة فيها كارثة .. هوا القطاع ده مافيهوش كارثة واللا إيه؟ هو انت حضرتك إجبن قدامك كلام عاوز تقوله تقوم تعمل كده في بلدك واللا إيه... والمرة الجاية أنا هاشكي للشعب المصري منكم ). 

هذا هو المنقلب حين ينخنق وينزنق فيفضح ذراعه الذي أنفق عليه ودفع به لقيادة الثورة المضادة على الرئيس الشرعي المنتخب والتجربة الديمقراطية الوليدة، وعلى الثورة التي تربص بها حتى غدر بها وهو وتحالفه الانقلابي المشئوم. ها هو إعلامه الذي طالما وصفه بالوطنية وحيا دوره في إنجاح الثورة المضادة ومؤازرة مسيرته الدموية الوحشية بالتبرير والتحريض على القتل وطلب المزيد من الدماء ونشر الكراهية وصناعة الانقسام.. كيف يصفه اليوم حين زلت السنة بنقده أو ما يتوهمه هو كذلك: إعلام يتجاوز كل شيء، إعلام لا يعرف ولا يفهم ولا أي شيء في الدنيا، إعلام عبارة عن بوق ميكروفوني أو قلم بلا عقل ولا ضمير ولا حس وطني، إعلام مضيع للدولة، إعلام ينشر جهلا وعدم وعي بين الناس ولا ينشر وعيا حقيقيا، قطاع فيه كارثة أو كوارث مثل سائر القطاعات التي يتكلمون عنها، إعلام أمامه كلام يقوله كما يملى عليه،.. إعلام ضد الرئيس ويعمل على تعذيبه لأنه وقف في مقام الرئاسة..

لا شك أن صورة الرئيس المنتخب المختطف المفترى عليه تتصدر الذاكرة والوعي حين يسمع الواحد منا هذا الكلام من المنقلب عن ذراعه الإعلامي.. أين كنت وكان الذين يصفقون لك حين اشتدت حمى الكراهية ونفثت الحيات سمومها في وجه الرجل وقد كان إعلام طبول الحرب لا يدع للرئيس الشرعي لحظة راحة؟ أين كنتم حين نفخوا في نيران الفتنة وتجاوزوا معه كل شيء، ونشروا الجهل ولا يزالون؟ أين كنتم من كوارثهم طيلة الفترة الماضية والتي لم تنقطع يوما؟ أولما خرجوا عن خط التبعية والمهمة المرسومة لهم انقلبتم عليهم؟

وها هو المشهد يكتمل ما بين مذيعة ماسبيرو التي حولوها للتحقيق لأنها تساءلت عن المسئول والمساءلة عن أوضاع البلد المتردية ومذيعة التهليل في شرم الشيخ التي يقول لها (دا انتي لما با أبص لك بأتفاءل..)! إعلام يتم إرهابه وكبته وكتمه وتحويله للتحقيق ووقفه عن العمل وتسليط الكلاب عليه تنهشه من كل حدب وصوب، وإعلام يعرف مهمته في التطبيل والرقص فيكون مصدر تفاؤل المستبد. كل ذلك والمنقلب يزعق ويقول: مايصحش كده! إذن فما الذي يصح؟

الإسكندرية والمحافظات تغرق، وشرم الشيخ تتفجر، والحالة الأمنية تتردى، والعالم يخترق السيادة المصرية ليشرف على إجراءاتها الأمنية، والإهانات تتوالى على قفا الانقلاب، والسياحة تتبخر، وسيناء تزداد من الوطن بعدا، والأسعار تشتعل، والعملة في مأزق، والموازنة العامة وميزان المدفوعات في اختلال غير مسبوق، وعمليات التصفية تتواصل، والسجون لا تزال ترد إلى الأهالي قتلى الإهمال المتعمد، والاحتقان يتضخم، والشعب غاضب.. هل هذا هو الذي يصح؟ هذا الذي تردد عنه: صحيح.. صحيح؟

إن تفكك التحالف الانقلابي حتم لا لبس فيه، والعائدون من معسكره أعدادهم تزيد، وإعلامه الذي يعرف دوره يخفي عن المصريين حجم الكارثة التي أوقعهم فيها هذا الكائن.. ولكن هيهات!، يخاطبهم الذى تغنى يوما بأذرعه الإعلامية، وأن "الدراع الواحد بياخد مجهود كبير" ، نقول له "اقطع ذراعك أحسن"؟! فمنذ أن حللت بسحنتك المنقلبة ماذا فعلت صحيحا ، لكى توجه الناس الى ما يصح وما لا يصح ، فقد انقلبت على كل صحيح.

الإعلام الانقلابي لم يعد مصدقا حتى من الانقلابيين، ومعسكرهم مخنوق أشد الاختناق، وأصبح من العسير إخفاء ذلك... والشباب راجع للميدان، والثورة تعيد ترتيب أوراقها، وعما قريب سوف لن يصح إلا الصحيح. 
التعليقات (2)
حال لنا من حذب الكنبه
الأربعاء، 18-11-2015 10:20 م
لن يموت حق وراء ه مطالب
هنا
الأربعاء، 18-11-2015 07:49 ص
بس ميصحش نعمل كده