مقالات مختارة

الجيل الضائع

علي إبراهيم
1300x600
1300x600
كتب علي إبراهيم: بعد كل هجوم إرهابي كبير تصدر الإدانات والدعوات إلى عمل دولي حازم ومنسق وتبدأ عملية البحث عن الأسباب والجذور ثم تمر الأيام والشهور ويخفت الحماس ويتكرر الإرهاب في مكان آخر أو في نفس البلد.. حدث ذلك في تفجيرات وهجمات مدريد ثم بومباي وفي المنطقة العربية حيث لم تسلم السعودية خاصة من هذا الشر وفي كل مرة استخدم المهاجمون أسباًبا وبيئة مختلفة للتجنيد والإعداد للهجمات.

كانت هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة علامة فارقة في تاريخ الإرهاب وبداية لتحوله إلى حرب عالمية والحقيقة أن الولايات المتحدة ربما هي الدولة الوحيدة التي حاربته بشراسة ولم تتراَخ جهودها في هذا المجال حتى ظهر تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة فاختلطت السياسة بمحاربة الإرهاب ما خلق فجوة استفاد منها التنظيم في التجنيد وكسب أرًضا يتحرك منها بين سوريا والعراق.

وهي ليست المرة الأولى التي يتمكن فيها تنظيم إرهابي من الحصول على أرض يتحرك فيها ويسيطر على آبار نفط يحصل على عائداتها ويجند أتباًعا عبر الحدود ليأتوا من أوروبا وآسيا الوسطى إلى سوريا للتدريب والقتال والإعداد لشن الهجمات فقد تمركز تنظيم «القاعدة» في أفغانستان وسخر طالبان لخدمته وخطط من هناك الهجمات على أميركا.

الآن أصبح «القاعدة» موضة متخلفة في عالم الإرهاب وُيقتل مناصروه في سوريا منِقبل منافسيه فنحن الآن في زمن تنظيم داعش الذي يتسلى بقطع الرؤوس وحرق الجثث والتنكيل بها فقد وسع مناصروه الحلال وقلصوا الحرام ليتيحوا لأنفسهم ممارسات أشبه بعصابات المخدرات في دول بأميركا اللاتينية مثل خطف النساء واغتصابهن والقتل بطرق بشعة للترويع.

المثير للاستغراب هو هذا الجيل الضائع من الشباب الذي يعد أحد المصادر التي يعتمد عليها تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في التجنيد ويسافر هؤلاء الشباب في رحلات غريبة في معظم الأحيان إلى تركيا لينقلهم مهربون عبر الحدود إلى سوريا وهم شباب وشابات تنقل الصحف والتلفزيونات أخبارهم وفي أحيان تطاردهم الشرطة لكن قانونًيا لا يوجد سبب لاحتجازهم.

هذا الجيل الضائع الذي يبدو أنه لا يشعر بالانتماء إلى شيء هو الذي يجنده تنظيم داعش ويعود هؤلاء كقنابل موقوتة لتنفيذ هجمات في بلدانهم التي سافروا منها أو يكون منهم أفراد بمثابة خلايا نائمة جاهزة للتحرك بإشارة من متطرف في سوريا أو العراق وليس مهًما السبب.

شباب وشابات هذا الجيل الضائع هم الذين يجب أن تعالج أوروبا مشكلتهم فهم ليس لهم ارتباط حقيقي بأرض آبائهم أو أجدادهم التي هاجروا منها بينما لم يندمجوا في المجتمعات التي ولدوا وتعلموا فيها؛ هؤلاء تعرضوا لعملية غسيل مخ ويحتاجون إلى عملية غسيل مخ مضادة بطرق غير تقليدية فمن السهل معرفة الأماكن التي يحدث فيها التجنيد والبيئة التي تسعد شباًبا مثل هؤلاء في البحث عن مغامرة في سوريا لتوهم تحقيق الذات والشعور بالأهمية من خلال الإمساك ببندقية.

وبالتأكيد يمكن خلق نماذج نجاح وإبهار مضادة تجذب هؤلاء الشباب وتبعدهم عن التطرف فلم نسمع عن مصرفي أو متمول شاب أو صاحب مبادرات ناجح يستهويه التطرف أو يتحول إلى قنبلة بشرية.

حاربوا الإرهاب بذكاء فكري لتجفيف قدرته على التجنيد.

(الشرق الأوسط- 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
1
التعليقات (1)
hhhhhhhh
الثلاثاء، 17-11-2015 03:43 م
Idha nataka assafihou fala tojebhou