مقالات مختارة

صناعة الإرهاب بين بلير وبوتين!

وحيد عبد المجيد
1300x600
1300x600
كتب وحيد عبد المجيد: لم يكن اعتراف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بالخطأ، واعتذاره عن مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق عام 2003، أهم ما قاله في مقابلة تلفزيونية مثيرة أجرتها معه شبكة "سي.إن.إن" في 26 أكتوبر الماضي. فلا يقل أهمية عن ذلك إقراره بأن تلك الحرب كانت سببا رئيسيا في تنامي الإرهاب، وأنها ساهمت في خلق البيئة التي أتاحت ظهور تنظيم "داعش" بعد ذلك. ومهم جدا أيضا توضيحه أن حرب 2003 ليست السبب الوحيد في تنامي الإرهاب، وأن ما يحدث في سوريا منذ 2011 يلعب دورا كبيرا في هذا المجال. وربما قصد بذلك قمع نظام بشار الأسد ضد الانتفاضة الشعبية، وسعيه إلى إغراقها في بحر من الإرهاب.

ويعني ذلك اتفاق بلير مع كثير من المحللين العرب والأجانب الذين يرون أن الإرهاب نشأ في منطقتنا لعوامل معظمها داخلية في الأصل، لكنه تنامى وتوسع نتيجة سياسات بعض القوى الكبرى.

فالعوامل الخارجية ساهمت بقوة في تنامي الإرهاب، الذي بدأ محدودا في منطقتنا، عبر محطات ثلاث رئيسية، ارتبطت أولاها بالدعم الغربي الكامل لإسرائيل في حرب 1967 والتي أحدثت نتيجتها المفجعة صدمة هائلة.

صحيح أن أخطاء كثيرة تراكمت، في مرحلة شهدت صراعات عربية بينية عنيفة واضطرابا عاما، كانت هي العامل الأول وراء الهزيمة في تلك الحرب. لكن الدعم الغربي لإسرائيل جعلها هزيمة فادحة ومُذلة، الأمر الذي دفع بعض الشباب للتمرد ضد طروحات القومية العربية، والبحث عن بديل في تفسيرات دينية متطرفة مجافية لروح الإسلام.

وكانت المحطة الثانية عندما غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان لدعم نظام شيوعي استولى على السلطة بالقوة. فقد أدى هذا الغزو إلى تدفق أعداد كبيرة من الشباب من بلاد عربية عدة لمقاومة الغزاة تحت شعار "الجهاد". وفي مجرى الحرب الأفغانية جرى تكريس مفهوم متطرف لهذا "الجهاد"، ووجدت حركات متعصبة بيئة ملائمة للتمدد في ظل مساندة من قوى دولية وإقليمية وقفت ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان.

وعندما انتهت الحرب بهزيمة الجيش السوفييتي وانسحابه، كان هناك فائض من المقاتلين المتطرفين الذين شاركوا في أعمال الإسناد والإغاثة. وتبلورت في تلك المحطة مقدمات تنظيم "القاعدة" الذي اعتمد على قادة ومقاتلين تعارفوا في أفغانستان.

أما المحطة الثالثة للدور الدولي في تنامي الإرهاب فهي تلك التي اعتذر بلير عنها. فقد أنتجت حرب 2003، وطريقة إدارة الأوضاع بعد إسقاط نظام صدام حسين، الظروف الملائمة لظهور "القاعدة" في العراق.

وساهم التدخل الإيراني المتزايد، وسعي طهران لفرض هيمنتها، في إضفاء طابع مذهبي على الصراع الذي اشتعل في العراق. ونقل هذا التدخل الإرهاب إلى مرحلة أبعد، خاصة حين صارت حكومة المالكي ذراعا لطهران هناك.

وفي خضم هذا الصراع المذهبي، غير تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" اسمه إلى "الدولة الإسلامية في العراق". وعندما نجح الأسد في خلط الانتفاضة الشعبية بالعنف الذي لعبت أجهزته الأمنية دورا كبيرا في تأجيجه في سوريا، تصدرت حركات متطرفة المشهد، ووجد البغدادي فرصة ملائمة للتمدد عبر الحدود، كما تم تأسيس "جبهة النصرة" في نهاية 2011، ثم إعلان "داعش" الذي استقطب قطاعا من تلك الجبهة حين رفضت قيادتها الالتحاق به.

ورغم أن في هذه المحطات كلها دروسا واضحة بشأن دور التدخل الأجنبي في تنامي الإرهاب، فقد حالت مصالح موسكو الضيقة دون استيعابها وإدراك أن تدخلها العسكري في سوريا يساهم في تنامي الإرهاب، الذي ترفع شعار محاربته، وأن غاراتها الدموية على مناطق لا وجود لتنظيم "داعش" فيها تؤدي إلى تقوية هذا التنظيم وزيادة جاذبيته لشباب متطرفين وتوفير حواضن مجتمعية جديدة له.

لكن الرئيس بوتين لم يسمع بعد ما قاله بلير عن حرب العراق، أو لم يلتفت إليه، أو ربما استهان به ومضى قدما في شن غارات ربما تكون محطة جديدة لتنامى الإرهاب في المنطقة.

 (عن صحيفة الاتحاد الإماراتية- 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
التعليقات (1)
قارىء متواضع 2
الأربعاء، 11-11-2015 07:29 م
وما الذى يجعلنا نتناسى ان بوتين له ايضا دور مطلوب منه ان يؤديه على الساحة كما كان ايضا مفعول به فى افغانستان ، فقد كان كذلك بأن استدرج بإرادته او بلا إرادة عن فهم او بدون ليستدرج العالم الإسلامى و ينزف مالا و شبابا و قدرات تخصم من مستقبل العالم الإسلامى و يدفع ثمنها ماديا و معنويا و تشويها ليبيع الغرب أسلحته بمال البترول و يستنزف العالم المسلم و ينهك طاقاته و يحرفه عن اللحاق بالركب المتطور الذى يريد ان يحتكره ، و مالذى يجعلنا نغفل عن ان الصانع الرئيسى لكل ما يجرى هو الصهيونية العالمية التى اخترعت لنا داعش من بين ابناء الإسلام لتشويه و استنزاف الاسلام و أهله و حرفه مرات جديدة عن مسار اللحاق بالتفوق و التطور و القوة و اقتتال اهل الدين الحنيف فيما بينهم بنعرات من كل نوع و إلباسهم جميعا لباس الإرهابيين و التكفيريين و الشيعة و الفرق التى كانت لقرون نائمة بينهاالفتن ، و لماذا لا نقول أن بليرية الكذاب و أمثاله لن يكفوا عن تلبيسنا أثواب المغفلين و إذا ما فطنا بعد موات الأوان إلى انه خادع مخادع خرج معتذرا و تائبا ليكيل إلى أغبيائنا قدرا جديدا من الضلال مدعيا أن ضميره قد استفاق لتبقى ضمائرنا نحن فى غيبوبة و لنتمزق على الصغائر و نستنزف من جديد ، ايها المفكر العظيم ، قلى كيف تفكر و غلى أى مدى عمق ما تفكر فيه فأقول لك إلى اى مدى يجب ان تمعن النظر طويلا و كثيرا ليكون لكلامك و كلام الكل نتيجة تصون ما بقى لنا من كرامة و لديننا من عزة و لأوطاننا من حقوق نهدرها باعتمار عمائم الصهينة المطرزة و المرصعة بمسميات و عناوين لا جدى المشى وراءها و لا ينفع و لكن سما قد دس فى عسل كل ما يقدمونه ، إن حتى الاعتذار هو أيضا سما فى عسل التوافق و مؤامرة تلو الاخرى حتى لا نفيق ، هل يا ترى سيكون لدينا يموا نحاسب أنفسنا قبل موات الأوان أم سنظل نستهلك أنفسنا و يستهلكنا من لا يهمه سوى استنزافنا و عند لقاء الرحمن يا سيد عبد المجيد نقف بين يدى الحميد المجيد ولا نعتمر سوى خزى المضحوك عليهم و يقال لنا ما يقال للفاشلين فى التنبه لمسارات الحق و لا نستطيع ردا سوى ان غيرنا أضلونا و اتبعناهم و ضيعونا و أضعنا انفسنا معهم و نتلاعن كلنا حينها أسفا على مالم نحط به مع ان ربنا نبهنا و رسلنت ارشدونا فتركنا نباريسنا و صدقنا بليرية الكذاب ، يا صديقى نحن أمة مبتلاة بالغباء فإن لم نخرج من دائرته فكل ما يقال محض رغاء و غثاء و الله المستعان