صحافة دولية

أهم الجهاديين في سوريا: "الدولة" والنصرة وجيش الإسلام

الفصائل تخوض حربها ضمن استراتيجيات محددة - أرشيفية
الفصائل تخوض حربها ضمن استراتيجيات محددة - أرشيفية
نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول أهم المجموعات الجهادية المقاتلة في سوريا، حاورت فيه الباحث الفرنسي ومدير مركز الدراسات الاستخباراتية، ألان روديي، حول مختلف توجهات وأهداف هذه المجموعات، والعلاقات التي تربط بينها، وتوزعها الجغرافي في المنطقة ومختلف استراتيجياتها.
 
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الفترة الأخيرة شهدت بروز عدة مجموعات مسلحة، وقد تواتر ذكر اسم "جيش الإسلام"، بعد أن اتهمته منظمة هيومن رايتس ووتش باحتجاز بعض الأسرى المدنيين، من العلويين المساندين للنظام في منطقة الغوطة، لاستعمالهم دروعا بشرية لإثناء النظام عن القيام بغارات جوية، وهو ما دفع الكثيرين لطرح مسألة تعدد المجموعات المقاتلة في سوريا واختلاف توجهاتها.
 
ونقلت الصحيفة عن ألان روديي، أن "جيش الإسلام" هو تنظيم سلفي وطني يخوض معاركه من منظور سوري وطني، وليس من مفهوم الجهاد العالمي الذي يتبناه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، ويقود هذا التنظيم محمد زهران علوش، الذي كان في السابق ينتمي للجيش السوري الحر، ويعدّ جيش الإسلام المجموعة الأكثر حضورا في ضواحي دمشق، خاصة في الغوطة، ويقدر عدد مقاتليه بحوالي عشرة آلاف مقاتل، من بينهم عدد كبير من الذين تم تحريرهم في سنة 2011 من سجون النظام السوري.
 
وأضاف روديي أن جيش الإسلام رفض في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 الانضمام إلى تحالف تم تشكيله في دمشق، تحت اسم جند الملاحم، يضم جبهة النصرة وأحرار الشام وأجناد الشام، وقد أعلن هذا التحالف أثناء تشكيله "أن الأمة الإسلامية تخوض معركة شرسة في الشام ضد الروس والشيعة والصليبيين وحلفائهم"، ولكن جيش الإسلام رفض الانضمام إليه، وهو ما فسره البعض برغبته في الظهور بمظهر المعتدل عبر النأي بنفسه عن جبهة النصرة.
 
وفي سياق الحديث عن المجموعات المقاتلة الأقل بروزا في الساحة السورية، أشار روديي إلى وجود مئات من المجموعات المقاتلة الصغيرة، التي تمثل في غالب الأحيان مدنا معينة أو أحياء أو مساحات جغرافية محدودة، وبالتالي تكون أهدافها ذات بعد محلي، ولكن ما يعقد الأمور، ويصعب تحديد هذه المجموعات، ورسم صورة واضحة للمشهد السوري، هو أن الكثير من هذه المجموعات تقوم من حين لآخر بتغيير أسمائها، كما يقوم بعض المقاتلين بالانتقال من مجموعة إلى أخرى، أو الانتماء إلى أكثر من مجموعة في آن واحد.
 
وذكر روديي أن العلاقات بين هذه المجموعات المقاتلة معقدة جدا، حيث توجد العديد من التحالفات بين عدة مجموعات في شمال وجنوب البلاد، باستثناء تنظيم الدولة الذي يعد حالة خاصة، إذ إن جيش الفتح الذي يتكون من 30 ألف مقاتل، يضم جبهة النصرة وأحرار الشام وخمس حركات أخرى، وقد نجح هذا التحالف في السيطرة على محافظة إدلب في ربيع سنة 2015، وأصبح يشكل تهديدا جديا لمدينة اللاذقية.
 
وأشار روديي إلى أن الخطر الذي مثله جيش الفتح على النظام السوري، هو ما دفع الروس إلى التدخل بشكل مباشر في أيلول/ سبتمبر الماضي، لإنقاذ هذا النظام. كما يوجد أيضا تحالف آخر في حلب، تحت اسم أنصار الشريعة، يضم 13 تشكيلا من بينها جبهة النصرة وأحرار الشام، ولكن تبقى هذه التحالفات معقدة جدا، وخاضعة للتغييرات بين عشية وضحاها.
 
وأضاف روديي أن المعارضة المسلحة في مدينة درعا تجتمع في تحالف يسمى جبهة الجنوب، يقوده الجنرال ماجد السيد أحمد، كما انضم العديد من مقاتلي الجيش السوري الحر إلى مجموعة اليرموك، التي تمثل واحدة من الحركات الخمس التي تشكل هذا التحالف، ويؤكد الكثيرون أن تحالف جبهة الجنوب يتلقى دعما من الأردن والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
 
وقال روديي، في معرض حديثه على مختلف الاستراتيجيات التي تعتمدها هذه المجموعات الجهادية، إن تنظيم الدولة وجبهة النصرة والمقاتلين الأكراد يمتلكون استراتيجية محددة، ولكن بقية المجموعات لا تفكر إلا على المدى القصير، وتنحصر أهدافها في المحافظة على مناطقها المحلية أو التوسع بشكل محدود.
 
وحول العلاقات بين هذه التنظيمات، قال روديي إن تنظيمي القاعدة والدولة توجد بينهما خلافات، وهي بالأساس حرب زعامات، إذ إن أبا بكر البغدادي يشكك في شرعية وسلطة الدكتور أيمن الظواهري، والعكس بالعكس، وهو ما اعتبره البعض صراع أجيال، رغم ما يجمع كلا التيارين من فكر سلفي جهادي.
 
وأضاف روديي أن بعض المقاتلين المنتمين لتنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، يقومون بالتعاون وتنسيق جهودهم من حين لآخر، خاصة في منطقة حلب، حيث يقاتلان عدوا مشتركا، وهو ما عزز المخاوف من نشأة "تحالف مقدس" بين التنظيمين.
 
وفي الختام، أشار روديي إلى أن الاستراتيجيات الإعلامية أيضا تختلف بين مختلف التنظيمات، إذ إن المجموعات الصغيرة لا تمتلك استراتيجية إعلامية واضحة، وهي تكتفي بالتواصل مع السكان المحليين. وفي المقابل، فإن تنظيم الدولة وجبهة النصرة يخوضان حربا إعلامية شرسة، حتى أن جبهة النصرة قامت مؤخرا بإصدار عددها الثاني من مجلة الرسالة، لكي تنافس من خلالها مجلة دابق التي يصدرها تنظيم الدولة.

تقرير: تقرير :إليونور دي فلبليار
للاطلاع على التقرير الأصلي، انقر هنا
التعليقات (0)