كتاب عربي 21

لماذا لم نعد نبكي لدماء فلسطين وصراخ الأقصى؟

مصطفى النجار
1300x600
1300x600
منذ الاعتداء الأكبر على المسجد الأقصى ومحاولة إحراقه عام 1969 لم تتجرأ إسرائيل على اقتراف مثل هذه الممارسات الأخيرة التى استباحت فيها المسجد واقتحمته محاولة إحراقه من الداخل وإحداث تخريب واسع المدى بأرجائه.

في منتصف سبتمبر الماضي فوجئ الجميع بأكثر من 150 مستوطنا على رأسهم وزير الزراعة أوري أرائيل  يقتحمون المسجد لتأدية طقوس خاصة قرب باب الرحمة داخل المسجد، وسبق ذلك قرار وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون بحظر مصاطب العلم والإعلان عن المرابطين الذين يقومون بحماية المسجد كتنظيمات غير قانونية،  استخدمت قوات الاحتلال رصاصها المطاطي وقنابل الغاز والصوت داخل المسجد القبلي متسببة بعشرات الإصابات وإلحاق أضرار فادحة في نوافذه ومنشآته، واندلعت الاحتجاجات الفلسطينية ضد ما حدث وامتدت دائرتها لمدن الضفة الغربية وداخل القدس بعد أن تمت مواجهتها بأشد وسائل القمع والتصفية الجسدية.

حتى هذه اللحظة ما زالت دماء الشهداء تعبق ثرى الأقصى وتروي أرض فلسطين التي طالما شربت الدماء، ولكن الجديد أن الأقصى يبدو كما لو أنه يقاوم وحده، ويبدو أن العالم العربي والإسلامي صار يتعامل مع الشعب الفلسطيني على أن قضية الأقصى هي شأن داخلي لا يعني سوى الفلسطينيين!

قبل ذلك في مصر كانت المظاهرات الطلابية في العقود الثلاث الأخيرة بالجامعات ترفع دوما شعارات المقاومة ونصرة القضية الفلسطينية وما تكاد تحدث بعض الاعتداءات الصهيونية على مواطنين فلسطيينيين أو على الحرم المقدسي - وكانت في أغلبها أقل بكثير مما يحدث الآن -  إلا وتندلع التظاهرات الضخمة التي تحرق أعلام اسرائيل وأمريكا ولا يمكن نسيان مشاهد طلاب المدارس الابتدائية والاعدادية الذين خرجوا في أعقاب استشهاد الطفل محمد الدرة في مظاهرات طافت شوارع  مصر تهتف كلها ضد إسرائيل وتندد بجرائمها، رغم مرور ما يزيد عن ثلاثين عاما من اتفاقية كامب ديفيد إلا أنها لم تنجح في تحقيق التطبيع الذي حلمت به إسرائيل التي ظل المصريون يرونها العدو الأول الذي لا يمكن مسالمته.

فما الذي تغير الآن في موقف المصريين من القضية الفلسطينية؟ بالتدقيق في المسألة نجد أن هناك اتجاهين الأول الاتجاه الرسمي والثاني الاتجاه الشعبي، ودائما كانا على مسافة مختلفة لأن الأنظمة المتعاقبة في مصر لم تغير موقفها المهادن لإسرائيل والحريص على عدم مس معاهدة السلام أو التورط حتى في تصريحات حادة ضد إسرائيل ولن نقول أفعالا لأن مرحلة الفعل الرسمي ماتت تقريبا على مدار ثلاثين عاما.

اليوم يشعر البعض منا أن الموقف الشعبي لم يعد يختلف كثيرا عن الموقف الرسمي الصامت والباهت فهل هذه حقيقة أم افتراض خاطئ؟ يعتقد أيضا البعض أن السبب في ضعف التعاطف والتفاعل مع القضية الفلسطينية هوالتضييق على المجال العام وخنق الحريات ومنع التظاهر بشكل عام وهذه حقيقة لكن لا يمكن تجاهل التغيرات النفسية العميقة التى حدثت في نفوس شرائح ليست صغيرة من المصريين الذين يتعرضون يوميا لإعلام بائس يصور الفلسطينيين كإرهابيين يريدون هدم مصر ويعتمد في أكاذيبه على عداء هؤلاء لجماعة الإخوان ويربط بين حركة حماس وبين كل ما يحدث في سيناء بالإضافة لرواية الثورة المضادة التى تصور ثورة 25 يناير كمؤامرة يقف وراءها الإخوان وحماس، هذا الخطاب الاستعدائي ضد فلسطين ظهر جليا أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل عام حين خرجت أصوات إعلامية تتمنى النصر لنتنياهو وعصابته على الفلسطينيين الإرهابيين كما وصفوهم!

هناك بُعد نفسي آخر يتمثل في سيل الدماء الذي كسا وجه مصر خلال الأعوام الماضية فقد تعود المصريون على مشاهد الدماء وباتت أرقام القتلى شيئا عاديا لا يثير الناس ولا يلهب غضبهم، فإذا اغتال الصهاينة شابا فلسطينيا أو امرأة أوطفلا فلن يعني هذا الكثير لأن كل مصري الآن يعرف شخصيا على الأقل شخصا أو اثنين أو عشرة قد قتلوا خلال الفترة الماضية فلم تعد مرارة الفقد تعني الكثير ولم يعد الموت كحدث يعني الكثير! البعد الثالث هو كم الإحباط العام والأسى الذي يملأ قلوب المصريين بعد انتكاسة ثورتهم وتمكن الثورة المضادة وأذنابها فكل يوم يستيقظ المصريون على حادثة جديدة ومأساة جديدة فكيف يفكرون فيما يحدث حولهم من مآس؟

خطورة ما يحدث الآن أن القضية الفلسطينية في طريقها للذوبان لدى الأجيال الجديدة من المصريين الذين لم يخبرهم أحدا عن فلسفة القضية وماهية الصراع وجوانبه العقدية قبل السياسية، قبل أن نفاجأ بجيل  جديد يعتقد أن المقاومة إرهاب وأن الصهاينة ضحايا وأبرياء. علينا استعادة زمام المبادرة ونشر الوعي وغرس معاني القضية الفلسطينية في نفوس أطفالنا، ومهما تعاقبت الأجيال ففلسطين هي قضية العرب المركزية وهكذا يجب أن يدرك أبناؤهم ويتعلموا.
التعليقات (4)
على ياويكا
الإثنين، 26-10-2015 10:04 م
ومافيش حد بيبكى على مصر ----- ليه ياحبيب ماما
لعنة تصيب الغدار
الإثنين، 26-10-2015 08:05 م
السبب ان الفلسطيني غدر بمن قدم اليه السكن و والطعام و الامان و اقحم نفسه في قتل من لجاء اليه فها هو قتل اللبناني و الاردني سابقا وهاهو الان يقتل السوري .
مدحت فؤاد
الإثنين، 26-10-2015 05:32 م
السبب بسيط ياسيدي العدو لم يعد اسرائيل ولا المستوطن المحتل العدو هو المسيحي، او الشيعي او السني او الكردي او الدردي او العلماني او الكافر او اي شئ غير المحتل الصهيوني. السبب هو ماحدث في سبعينات القرن الماضي عندما وضعنا يدنا في يد العدو، واصبح الصراع بيننا ليس صراع وجود ( وهو الحقيقي ) وانما صراع حدود، او كما خدعنا حاكمنا وقال ان المسألة لاتتعدي ( حاجز نفسي) مبررا زيارته العدو. نحن ندفع ثمن ماتم من خديعة مورست ضد شعب ، وتوقيع اتفاقية سلام معرالعدو، بموجبها ،خرجنا مصر من المعركة ، وتم استباحة عقلها قبل ارضها واعادة تشكيل الوعي. جيش تتحكم فيه معونة، وارض تركت بدون حماية ووجود للدولة ( سيناء)، ووعي ترك مستباحا لليمين الديني واقتصاد لليمين السياسي تحت اسم الانفتاح. السبب انه تم خلال 40 سنة تركنا ببساطة لصديقي بيجين وصديقي كارتر. وحبنما بعلن احداً عن هذارالرأي ، فالتهمة من جيلكم جاهزة له ( ناصري). اخطر ما يصيب امة لبيت هزيمة عسكرية، رغم فداحتها ولكن ان تفقد رؤية وتحديد العدو. فتكون النتيجة ما نحن فيه. صدقني نحن لن تخرخ منرازمتنا الا بادراك فداحة ماتم ةمنتخول كارثي بتوقيع كامب ديفيد. ارجو ان يهدينا واياكم البصيرة
فارس من مصر
الإثنين، 26-10-2015 03:05 م
الفلسطنيين شعب عيزيين الحرق...ضفر أصغر اسرائيللى برقابيهم كلهم