ملفات وتقارير

الأردن الوصي على الأقصى.. لماذا يمنع فعاليات التضامن معه؟

يشهد الأردن تناقضا بين التصريحات الرافضة للاحتلال وقرارات منع الاعتصامات - أرشيفية
يشهد الأردن تناقضا بين التصريحات الرافضة للاحتلال وقرارات منع الاعتصامات - أرشيفية
بالرغم من التصريحات الرسمية الأردنية المتصاعدة تجاه استفزازات الاحتلال في القدس، وتأكيد المسؤولين على رفض كل ما يقوم به الاحتلال، إلا أن منع الفعاليات الشعبية المؤيدة للفلسطينيين، وضرب المشاركين بالفعاليات، رسالة حكومية غامضة، وتناقض واضح بين التصريحات والقرارات على الأرض.

فمع رفض العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو حضوره إلى عمان، طالب الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني في تعميم رسمي للمؤسسات الحكومية، باستخدام توصيف "إرهاب دولة" لخروقات إسرائيل في الأقصى، الأمر الذي يعكس ويوضح حجم الغضب الأردني من الانتهاكات الإسرائيلية.

وبإلقاء نظرة على الفعاليات التي منعتها الحكومة وفضت بعضها بالقوة، نجد أن فعالية التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية للأحزاب اليسارية والقومية أمام مبنى السفارة الأمريكية، مساء الأحد الماضي، كانت آخر هذه النشاطات الممنوعة من قبل الأجهزة الأمنية.

في التعليق على منع الفعالية، قال مسؤول المكتب الشبابي لحزب الوحدة الشعبية الدكتور فاخر دعاس لـ"عربي21": "بعد أن أعلن عن إقامة الفعالية التي تدعو للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية، أمام مبنى السفارة الأمريكية، وعند حضور المتضامنين، وفي ظل الوجود الأمني المكثف في المكان، قال أحد ضباط الأمن للرفاق إن عليهم مغادرة المكان، وعدم التجمع أمام مبنى السفارة".

وأضاف دعاس أن "الضابط تحدث للرفاق المشاركين في الوقفة، بأن لديه أوامر بتوقيف كل من يرفض الامتثال"، مؤكدا أن "الرفاق قاموا بالانسحاب من المكان حفاظا على الأمن والهدوء"، ومشددا في الوقت ذاته على "مواصلة وإقامة الفعاليات المؤيدة والداعمة للشعب الفلسطيني".

ومن المواقف التي رأت تناقضا بين التصريحات والقرارات الرسمية في التعامل مع المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات الشعبية تجاه الاعتداءات الصهيونية، موقف رئيسة تحرير صحيفة الغد اليومية، جمانة غنيمات، التي كتبت مقالا في هذا الشأن قالت فيه: "تصدر قرارات رسمية غريبة ليس لها أي تفسير؛ بمنع مسيرات واعتصامات لنصرة أهلنا في فلسطين، إذ بصراحة، إن التعامل مع المسيرات والاعتصامات، بفضّ بعضها بالقوة، ومنع بعضها الآخر أساسا، لا يجد تفسيرا منطقيا، خصوصا أن الموقفين الرسمي والشعبي منسجمان حد التكامل بهذا الشأن".

وتابعت غنيمات في مقالها قائلة: "كما أن التعامل مع المسيرات ليس بجديد على الأجهزة الأمنية التي تعاملت مع آلاف المسيرات الشعبية، واستطاعت أن تديرها بحكمة واقتدار، فما الذي تغير اليوم؟ هل لأحد أن يفسر ما هي الرسالة التي ستصل للمجتمع جراء منع الاعتصامات أو ضرب المعتصمين دفاعا عن فلسطين وأهلها ومقدساتها؟".

وبالعودة إلى الفعاليات الممنوعة، كان للهيئة الشعبية الأردنية لنصرة القدس والمقدسات نصيب من المنع، فقد بين رئيسها المهندس عبد الله عبيدات في حديث لـ"عربي21" أن "الأجهزة الأمنية منعت وحظرت إقامة ثلاث فعاليات ونشاطات مؤيدة مناصرة لأهلنا في فلسطين، كانت إحداها في منطقة الأغوار، وأخرى بالقرب في عمان، والثالثة في مدينة إربد".

وقال عبيدات، الذي شغل نقيب المهندسين الأردنيين سابقا، إن السبب في المنع والحظر الأمني للنشاطات والفعاليات المؤيدة للشعب الفلسطيني "فيما يبدو، أن الحكومة انصاعت للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وذلك من أجل إحباط وإخماد الانتفاضة الفلسطينية".

بيد أن عبيدات أكد على أن "هناك اجتماعا سيعقد للهيئة الشعبية، من أجل الاتفاق على تحديد مواعيد جديدة لتنفيذ مزيد من الفعاليات التي تناصر وتدعم الأهل في فلسطين".

فعالية أخرى منعت إقامتها الأجهزة الأمنية في إربد يوم الجمعة الماضي، كانت لحزب التحرير، حيث أعلن الحزب عن إقامة وقفة تضامنية في المدينة التي تقع شمالي الأردن، تحت شعار "نضرة للأقصى ومطالبة للجيوش بتحريره"، وفقا للناطق الإعلامي للحزب ممدوح قطيشات.

وقال قطيشات لـ"عربي21" متسائلا: " لمصلحة من يمنع المسلمون من الغضبة لله نصرة للأقصى وأهلنا في فلسطين؟ وما هي المصلحة السياسية التي يبتغيها النظام في الأردن من هذا المنع؟".

وأضاف قطيشات أن "جيشنا في الأردن ليس جبانا، ولم يُعرف عنه الجبن، بل إن شجاعته يعرفها القاصي والداني من الناس، وجيشنا في الأردن ليس منسلخا عن أمته الإسلامية وقضاياها، بل هو من الأمة ولها، وجيشنا في الأردن ليس عاجزا، بل يملك القدرة والكفاءة والإيمان للتحرك نصرة للأقصى وكل قضايا المسلمين".

يشار إلى أنه تم توقيع اتفاقية، في العام 2014، مع السلطة الفلسطينية لحماية المقدسات الإسلامية والقدس، حيث نصت الاتفاقية على أن يكون الملك عبد الله الثاني مسؤولا ووصيا عن جميع الأماكن المقدسة في القدس الشريف.

وتشرف وزارة الأوقاف الأردنية على غالبية موظفي المسجد الأقصى ومرافقه ضمن مساحة تبلغ 144 دونما، تضم الجامع القبلي ومسجد قبة الصخرة، وجميع مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره، وذلك بالتعاون مع وزارة الأوقاف الفلسطينية.

بدوره، أبدى الناطق الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين المهندس بادي الرفايعة، استغرابه من قيام الأجهزة الأمنية بمنع الفعاليات والنشاطات المؤيدة والداعمة للانتفاضة الفلسطينية.

وقال الرفايعة في تصريح خاص لـ"عربي21": "لا نجد مبررا لمنع الأجهزة الأمنية للفعاليات والأنشطة الشعبية المناصرة لأهلنا في فلسطين ضد الاحتلال الغاصب"، لافتا إلى أن "الحكومة تدعي الدفاع عن الأقصى والقدس إعلاميا فقط، ولكنها على أرض الواقع والحقيقة، تقوم بعكس ذلك".

ورأى الرفايعة أن منع الأحزاب والهيئات من التضامن مع الشعب الفلسطيني يأتي في سياق "مخطط رسمي لإخماد ووقف الانتفاضة، في ظل الاتفاق الأردني الإسرائيلي الأخير، حيث أعطى هذا الاتفاق الكيان الصهيوني الوصاية على المسجد من خلال مراقبة المصلين عبر كاميرات المراقبة، وهذا ما يتنافى مع الوصاية الأردنية على الأقصى والمقدسات".
التعليقات (0)