قضايا وآراء

محمود عباس الذي لم يرفع راية الجاهلية

معاذ حميدة
1300x600
1300x600
قبل أن يأتي علينا عصر "سلطة أوسلو"، المتمثلة حاليا برئيسها محمود عباس، ظل العلم الفلسطيني رمزا للاستقلال والسيادة الفلسطينية منذ نشأة الحركة الوطنية الفلسطينية في بدايات القرن العشرين.

وبرغم استمرار حظره من قبل حكومة الانتداب أولا، ثم حكومة الاحتلال بعد هزيمة العام 67، إلا أن الشعب الفلسطيني ظل محافظا على علمه كأسلوب من أساليب التمرد على كلتا الحكومتين.

يتكون العلم الفلسطيني من أسفل إلى أعلى، من اللون الأبيض فالأخضر، ويتوسطه من الجهة اليمنى مثلث لونه أحمر، ويعتلي الألوان جميعها اللون الأسود، وهنا بيت القصيد.

كانت العرب في الجاهلية، إذا رفعت راية في حروب ثأرها مع القبائل الأخرى، ترفع الراية السوداء، وكانت هذه الراية ترمز إلى الأخذ بالثأر ويحملها جنود أشهروا سيوفهم لاستعادة حقوقهم المغتصبة من مغتصبيها، ولم يكن لأحد أن يُنزل هذه الراية إلا بعد عودة الحق لأصحابه.

مر وقت طويل على هذه الأحداث، ألفٌ واحدة من السنين، أقل أو أكثر، كانت كفيلة بمحو أسباب الثأر من الذين يحتلّون الأرض طوال 67 عاما، أو بالأحرى أخذ الثأر من "أطول احتلال على مر التاريخ" بحسب ما وصفه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في خطابه على منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

لم يحمل رئيس السلطة سيفا للثأر ولا حتى "غصن الزيتون" الشهير، الذي لا أريد منكم "إسقاطه من يدي"، كما كان يردد ياسر عرفات في المكان ذاته قبل عدة سنوات، ولكنه حمل مجموعة أوراق مكتوب عليها ما قيل إنه "قنبلة"، كانت سلميّة للغاية، تلخص الحال المزري الذي وصلنا إليه.

ولم يُفكر رئيس السلطة، بعد رفع العلم الفلسطيني فوق مبنى الأمم المتحدة، وهو المبنى ذاته الذي صدر عنه قرار تقسيم فلسطين، بأرتال الشهداء الذين لفّهم العلم الفلسطيني منذ حقبة الإنتداب، وحتى زمن الاحتلال الذي لا يزال يستبيح الدم الفلسطيني.

لم يفكر محمود عباس ولو للحظة، بملايين اللاجئين الفلسطينيين حول العالم، أو بالعالم الذي يعطي شرعية القتل لحكومة الاحتلال، وبغزة التي تركها خلفه تموت ببطء، قبل ذهابه إلى نيويورك، أو حتى بالمسجد الأقصى الذي باعته سلطته بعد توقيع اتفاق أوسلو.

عندما كان العلم الفلسطيني يرتفع، وسيدنا الرئيس يلقي بخطبته العصماء على مسامع قادة العالم، كان ما زال هناك مخيم، وجدارٌ عازل، وباخرة محملة بالذخائر تعبر الأطلسي نحو المتوسط، ومستوطن يسكن بيته الآمن في يافا المحتلة التي صارت تُسمى تل أبيب، وكان مازال هناك مليون سبب للثأر!
التعليقات (0)