ملفات وتقارير

التدخل الروسي بسوريا يغضب الخليجيين وسط غياب للدور الأمريكي

ذكر مراقبون خليجيون بالدعم الخليجي للقوات المناهضة لروسيا في الثمانينات (أرشيفية) - أ ف ب
ذكر مراقبون خليجيون بالدعم الخليجي للقوات المناهضة لروسيا في الثمانينات (أرشيفية) - أ ف ب
أثار التدخل العسكري الروسي لدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد استياء أعدائه من العرب الخليجيين، إذ يقولون إن هذا الدعم يطيل أمد الحرب، ويبقي سوريا بقوة في فلك عدوهم الإقليمي اللدود إيران".

وتقول روسيا إنها تقدم أسلحة للأسد، حليفها القديم، وإنها أرسلت جنودا بصفة خبراء يقدمون التدريب على استخدامها في القتال ضد تنظيم الدولة والجماعات "الإرهابية" الأخرى، كما أجرت موسكو أيضا مناورات بحرية قبالة سوريا.

بدورها، قالت واشنطن، التي تناهض تنظيم الدولة والأسد، إن "موسكو أرسلت طائرات مقاتلة ودبابات ومعدات ثقيلة أخرى إلى سوريا"، في حين قال مسؤولون أمريكيون الاثنين إن روسيا بدأت القيام بطلعات بطائرات دون طيار في مهام استطلاع في سوريا، دون أن تؤكد موسكو هذه التقارير.

وأكدت السعودية ودول خليجية أخرى مجددا هذا الشهر معارضتها للأسد، الذين يرون انه أداة في يد إيران، لكنهم لم يذكروا علانية كيف يزمعون التعامل مع وصول القوات الروسية.

وقال مصدر رسمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، طالبا عدم نشر اسمه، إنه "ليس لدينا تفاصيل كاملة عن حجم التدخل (الروسي) ودوره (في سوريا)، لكن مثل هذه المسائل على الأرض تعقد الموضوع وتزيد من صعوبة إيجاد حل".

ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التحركات العسكرية الروسية بأنها "تصعيد"، في حين قال مجددا في اجتماع في الآونة الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي إن سوريا ليس لها مستقبل ما بقي الأسد في السلطة.

ودعا وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في بيان إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية "دون أي تدخل أجنبي".

ولم يتضح بعد إن كانت الدول العربية الخليجية تريد أن يشتبك مقاتلو المعارضة السورية الذين تدعمهم مع القوات الروسية في ساحة القتال، وهو احتمال قد يفسد بدرجة أكبر توازن القوى الإقليمي.

وعلى العكس، بحث مسؤولون أمريكيون وروس سبل منع قواتهم من الاشتباك بطريق الخطأ في سوريا، حيث تنفذ واشنطن ضربات جوية ضد أهداف تنظيم الدولة.

وفي العلن على الأقل، تتمسك الدول العربية الخليجية بموقفها القائل بأن الأسد لا يمكنه البقاء على الرغم من الدعم العسكري الروسي.

هل يوجد حل عسكري؟

وتفضل الرياض حلا سياسيا للأزمة، لكن وزير خارجيتها الجبير أكد أن الخيار العسكري ما زال متاحا، لأن المعارضة السورية ما زالت تقاتل النظام بكفاءة أكبر بمرور الوقت.

أما روسيا، فقالت إنه من غير المرجح أن تنجح الضربات الجوية التي ينفذها تحالف تقوده الولايات المتحدة ضد مواقع تنظيم الدولة، داعية إلى حوار دولي مع الأسد.

وقالت ابتسام الكتبي، مديرة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إن "أيام الأسد ليست معدودة في تقدير روسيا"، مضيفة أن روسيا تريد عرقلة أي جهد عربي لإسقاط الأسد.

وتمثل سوريا أهمية استراتيجية حيوية لموسكو، فقاعدتها البحرية في طرطوس هي المنشأة الوحيدة لها في البحر المتوسط، وتؤكد نفوذها الإقليمي، كما كانت عائلة الأسد تاريخيا من أفضل عملاء روسيا في مبيعات السلاح.

وفي نظر كثير من عرب الخليج، فإن دخول روسيا في الحرب السورية يجلب أصداء التوترات القديمة التي تحيط بالمقاومة المدعومة من السعودية لقوات الاحتلال السوفيتي في أفغانستان في الثمانينات.

ويرى البعض أنه من المفارقات أن روسيا التي كانت في وقت من الأوقات من أشد منتقدي أي تدخل خارجي في سوريا هي التي تفعل الآن هذا الشيء بعينه.

وكتب المعلق السعودي محمد الراشد في تدوينة، متسائلا: "هل قفزت روسيا بقدمها إلى مفرمة اللحم التي هي سوريا؟"، مضيفا بقوله: "ألم تتعلم الدرس من أفغانستان التي مزقت الاتحاد السوفيتي إربا، أو الشيشان التي سحقت الغرور الروسي؟ وهل تعلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شيئا؟".

غياب المشاركة الأمريكية

من ناحية أخرى، قال بعض المسؤولين العرب الخليجيين إن التدخل الروسي لم يصبح ممكنا، إلا بسبب ما اعتبروه أنه غياب للمشاركة الأمريكية في سوريا.

ويوجد أيضا اعتراف على مضض بموالاة بوتين المستمرة لحليفه، وهي صفة يقول العرب الخليجيون إن صديقهم الأمريكي يفتقر لها.

وقال سامي الفراج، وهو مستشار أمن كويتي لمجلس التعاون الخليجي، إن "التدخل الروسي يعني في الحقيقة أن سوريا ستقسم الآن بين شريط ساحلي يسيطر عليه الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية، وأجزاء بعيدة عن الساحل تسيطر عليها غالبية سنية، لتصبح إيران المستفيد الرئيسي".

وتابع الفراج بأن "مجلس التعاون الخليجي يدرك أن اقتطاع كيان سوري جديد يسيطر عليه الأسد معناه الحفاظ على المصالح الإيرانية، أي أن يكون لها واجهة على البحر المتوسط، مضيفا أن الإيرانيين اختاروا القوة العظمى المناسبة التي يكونون معها وهي روسيا.

وتابع بقوله إنه "يتوقع أن يحذو مجلس التعاون الخليجي حذو الولايات المتحدة، وأن يسعى إلى ضمان ألا تشتبك جماعات المعارضة المسلحة التي يؤيدها في سوريا في قتال مع القوات الروسية"، مشيرا إلى أن الدول العربية الخليجية ستواصل إرسال أسلحة إلى جماعات المعارضة، لكنها لن تعطيها بهدف قتال القوات الروسية في سوريا.

ومن المرجح أن يؤدي التحرك الروسي إلى إضعاف وفاق مؤقت بدأ هذا العام بين روسيا والسعودية، رغم دعمهما لأطراف متناحرة في الصراع السوري وخلافاتهما بشأن قضية البرنامج النووي الإيراني.

وما زالت الرياض تشعر باستياء من الفيتو الروسي الصيني في شباط/ فبراير 2012 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أحبط مشروع قرار صاغته السعودية، وأيده الغرب، يقضي بضرورة تنحي الأسد.

وفي آذار/ مارس، اتهم الأمير الراحل سعود الفيصل، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية قبل الجبير، بوتين بالرياء، إذ قال غاضبا في قمة عربية إن "روسيا لا يمكنها الحديث عن الرغبة في السلام في الشرق الأوسط وفي الوقت ذاته تدعم الأسد في سوريا".

وفي حزيران/ يونيو، بدا أن المناخ يتحسن عندما رأس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفدا من مسؤولين سعوديين إلى موسكو ووقع اتفاقات عسكرية وأخرى للطاقة، وأثارت الزيارة تكهنات بشأن علاقات ثنائية أوثق بين البلدين، لكن هذا الاحتمال بدأ يخبو الآن.

وقال عبد الخالق عبد الله، باحث العلوم السياسية في الإمارات، المقرب من الأمير محمد بن زايد، إن "الأسد لن يستمر يوما واحدا دون دعم خارجي"، مضيفا أنه "مع أخذ كل الأمور بعين الاعتبار، فإنه من الأمان الرهان على أنه سيسقط أكثر منه على أنه سيبقى"، متابعا أن "روسيا لم تدرك هذا".
التعليقات (5)
ابوالمنذر الاكلبي
الأربعاء، 23-09-2015 02:20 م
يجب على دول الخليج ان تستمر في دعمها للمعارضة السورية وان تكون علاقة قويه مع تركيا وباكستان يضعون حلف سني قوي لماجهة الحلف االروسي الإيراني والحذر من الموقف الغربي المرييب ضد السنه ويجب على الدول العربيه السنيه ان تفهم العبه جيدا ولاتخدعهم ايران مرة اخرى
ابوالمنذر الاكلبي
الأربعاء، 23-09-2015 02:11 م
يجب على دول الخليج ان تستمر في دعمها للمعارضة السورية وان تكون علاقة قويه مع تركيا وباكستان يضعون حلف سني قوي لماجهة الحلف االروسي الإيراني والحذر من الموقف الغربي المرييب ضد السنه ويجب على الدول العربيه السنيه ان تفهم العبه جيدا ولاتخدعهم ايران مرة اخرى
kr
الأربعاء، 23-09-2015 11:07 ص
ياايها النمل ادخلوا مساكنكم ------- انصاف الرجال تصمت-------القصة اكبر منكم
حمد الشهواني / قطر
الأربعاء، 23-09-2015 07:52 ص
الخيار العسكري مع الدب الروسي والتنين الصيني أفضل خيار ،، ????
...
الأربعاء، 23-09-2015 05:58 ص
فلتقطع دول الخليج النفط ل 10 أيام وسيرضخ العالم لها ....