كتاب عربي 21

عن مؤتمر جماعات العنف التكفيري: عشر ملاحظات من أجل حوار أفضل

قاسم قصير
1300x600
1300x600
أثار المؤتمر الذي عقد في بيروت يومي الأربعاء والخميس 9 و10 أيلول/ سبتمبر 2015، بدعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق ومركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي وبالتعاون مع المركز الأردني للمعلومات والدارسات تحت عنوان: "جماعات العنف التكفيري، الجذور والبنى والأطر التنظيمية"، الكثير من الأسئلة والإشكالات والملاحظات، كما نشرت تقارير إعلامية وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول بعض ما جرى في المؤتمر من أحداث تتضمن بعض الانتقادات والملاحظات حول إدارة الجلسات وبعضها غير دقيق وتم تحميل ما جرى أبعادا غير صحيحة. 

ونظرا لأهمية هذا المؤتمر ورغم الكثير من الملاحظات التي أثيرت حول عنوانه والجهات التي تقف وراء تنظيمه، لا بد من تسجيل عشر ملاحظات حول المؤتمر وما جرى فيه على أمل أن تشكل مادة للنقاش والحوار الهادئ، بعيدا عن السجالات ذات الأبعاد المذهبية أو السياسية أو الأيديولوجية.

أولا: إن ظاهرة العنف المنتشرة في العالم العربي والإسلامي أصبحت ظاهرة حقيقية وواقعية وهي تستحق الدراسة والبحث بشكل علمي واجتماعي وسياسي، بغض النظر عن التسميات والأبعاد التي تقف خلفها.

ثانيا: لا يمكن بحث هذه الظاهرة من قبل جهة محددة أو فريق معين؛ بل تحتاج لجهد علمي مشترك يشارك فيه باحثون من مختلف الاتجاهات الفكرية والدينية والسياسية، وذلك بهدف وضع تصور واضح ومشترك.

ثالثا: إن إدانة العنف الذي ترتكبه بعض الجماعات الإسلامية لا يعني القبول بعنف الأنظمة الديكتاتورية، أو السكوت عن الظلم، ولكن بالمقابل لا يمكن تبرير هذا العنف بأنه رد فعل على ما يجري، لأن ذلك لا يوافق الرؤية الإسلامية القائمة على رفض الرد على الظلم بظلم آخر.

رابعا: إن المؤتمر الذي عقد في بيروت تحت عنوان "جماعات العنف التكفيري" ضم حوالي 250 باحثا ومفكرا وناشطا سياسيا وإعلاميا والعديد من القيادات الإسلامية من مختلف الاتجاهات وشكل محاولة جدية وعلمية لفهم هذه الظاهرة ولم يسقط وجهة نظر محددة على الأبحاث والدراسات التي قدمت.

خامسا: لقد كانت النقاشات في المؤتمر صريحة وشاملة وأتيح للجميع التعبير عن مواقفهم وآرائهم، وإن كان ضيق الوقت وآليات التنظيم أدت إلى ضبط بعض المداخلات وكان المداخلون من اتجاهات مختلفة، وليس صحيحا ما أشيع من أن أحد رؤساء الجلسات قمع إحدى المداخلات؛ لأنها قدمت آراء نقدية تخالف مواقفه السياسية والفكرية ولقد أصدر المنظمون بيانا توضيحيا لما جرى.

سادسا: لقد حظي المؤتمر باهتمام إعلامي ودبلوماسي وأكاديمي، وشارك فيه العديد من الدبلوماسيين العرب والأجانب، كما حضر باحثون من دول بعيدة كالمكسيك مثلا وعلى حسابهم الخاص للمشاركة في المؤتمر، ما يؤكد أهمية هذا الموضوع وما يشكله من اهتمام على الصعيد العربي والإسلامي والدولي.

سابعا: قد يكون صحيحا أن الجهات المنظمة لديها وجهة نظر سياسية أو فكرية مسبقة، وأن اسم المؤتمر قد يحمل إشكالات معينة؛ لكن ذلك لم يمنع من النقاش العلمي والصريح داخل المؤتمر.

ثامنا: إذا كانت هناك جهات علمية أو فكرية تحمل أطروحات مخالفة لأجواء المؤتمر فالمطلوب العمل من أجل عقد مؤتمرات أخرى تبرز هذه الرؤية وتفتح الباب أمام مناقشات جدية وعلمية لهذه الظاهرة الخطيرة التي نواجهها اليوم.

تاسعا: لقد جرى التهجم على المؤتمر من قبل بعض الإعلاميين والكتاب قبل أن يعقد، كما كتبت تقارير وتعليقات غير دقيقة عما دار في أروقته من مناقشات وهذا يكشف عن حجم الإشكالات التي نواجهها اليوم في واقعنا العربي والإسلامي والحاجة للموضوعية والدقة.

عاشرا وأخيرا: إن هذه الملاحظات لا تهدف لتبني وجهة نظر معينة إن حول المؤتمر أو حول مضمونه؛ بل هي دعوة لتعميق الحوار والصريح بين جميع المعنيين وخصوصا القوى والحركات الإسلامية، من أجل فهم ما يجري وتحديد الموقف والرؤية تجاه التطورات الحالية والمستقبلية وكي يبقى الحوار هو الخيار الأفضل بيننا بدل التخاطب والسجالات الإعلامية من بعيد.
التعليقات (0)