قضايا وآراء

تحرك إسلامي وطني لا مجرد حركة إسلامية

محمد حسان ذنيبات
1300x600
1300x600
نحن نعلم أن أكثر ما يؤثر في الإنسان وعيا ونفسية وثقافة وأمنا واقتصادا في زماننا المعاصر هي الدولة الحديثة عبر قوانينها وبيروقراطها ودعايتها، وفي الوقت نفسه -شخصا مؤمن- بجوهرية بناء الإنسان ليكون عضوا فاعلا في مجتمع حي يعرف حقوقه، فيتعاضد في تحصيلها والحفاظ عليها ويعرف واجباته فيتناصح ويتشارك في تنفيذها ويظل مجتمعا تسوده قيم التراحم والتعاطف والتكافل..
 
وكل ذلك ضمن هوية حضارية راشدة، وبمرجعية إسلامية متزنة، عندها من المرونة ما يؤهلها لكي تتعاطى مع الواقع والحوادث بروح العصر لا بأدوات زمان غير زمانها ولا بألفاظه أو بقوالب تاريخية وإسقاطات غير منطقية.

إذن لا شيء يمنعني أن أقول.. 
الإسلام هو الدين والمرجعية، وليس الدعوة والأدبيات أو الرسائل والمعالم.
المجتمع هو الأمة والحضارة، وليس الجماعة والمحاضن الداخلية.
و الدولة هي الحاكمة والرافعة، وليس التنظيم والهياكل السرية.

لا أريد أن يعجل بعض الإخوة فبالتأكيد لا أقصد التناظر والتضاد، وإنما أقصد أن الأولوية لأهل الهمة والوعي هي في التوجه نحو الأمة وتمكينها، ونحو الدولة وتقويتها وترشيدها مع العودة إلى الإسلام بجملته لا إلى كتابات وتفسيرات وقوالب تحتاج إلى مراجعة وتجديد مع ضرورة التعامل معها ضمن سياقها كاجتهادات ظرفية، أدت دورها لا بوصفها أصول ووصفات تتجاوز حدود الزمان والمكان.
 
كل المشاريع الفكرية لنهضة العرب والمسلمين -في حدود اطلاعي- انطلقت من الفكرة ذاتها إجابة عن السؤال نفسه: "لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا" ولكن التحدي الكبير أمامها كان غالبا في ضرب النموذج والمثال الحي والتجربة اليومية المصدقة والمعاناة الحقيقة المقنعة، وهنا كانت العلامة الفارقة عند البنا في التاريخ الحديث، وهو الذي ظل يردد عمليا حتى استشهاده (كونوا روحا تسري في جسد الأمة).


على كل.. هل يصلح أن يكون مبرر إطلاق العمل الإسلامي نفسه مبرر الاستمرار والاستكمال؟! 
ألم تتحق أمور على مدار هذه السنوات؟!
 
مثلا ما يتعلق بهوية الأمة ومستوى الثقافة الإسلامية، وتجذر أشكال كبيرة من العمل التطوعي والخيري لدى قطاعات كبيرة داخل المجتمع مع حضور قدر كبير من الشعور الإسلامي المشترك في القضايا الكبرى، أقول إن هذا كان مبرر انطلاق شكل معين من أشكال العمل الإسلامي الذي هدف إلى النهضة والوحدة والتقدم، فهل يصلح أن نظل نردد الأهداف نفسها؟! 

اليوم مثلا يجب أن يكون مبرر استمرارنا وحضورنا وتحركنا الأول، هو تمكين مجتمعاتنا وتخفيف ما أمكن من المظاهر السلبية فيها ولو كان ذلك يتطلب فدائية وتضحية ببعض شكلياتنا في العمل -المفترض أننا تربينا على التضحية-  أو التنازل عن شيء من مكاسبنا السياسية دون من أو اذى، أما المبرر الآخر فهو تقوية دولنا ومؤوسساتها والاشتباك البناء والمستمر فيها لدفعها نحو تحقيق التنمية وصياغة الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والجهل والفقر مع الإيجابية في التعاطي مع مؤسسات الدولة الحديثة دون إغفال السعي الدائم نحو بناء شيء من أشكال العمل العربي والإسلامي المشترك!
التعليقات (0)