كتاب عربي 21

الشائعات.. سلاح السيسي الناجح ضد الإخوان

أنس حسن
1300x600
1300x600
لا يزال سؤال المستقبل يدور في أذهان الجميع وإن خفت صوته وتراجعت موجاته، لكن تراجع الحديث عن سؤال المستقبل يعكس نجاحا للحرب النفسية التي شنها معسكر الانقلاب ضد معارضيه عبر بث مجموعة مترابطة من الشائعات تهدف في مجملها إلى تعطيل أسئلة المستقبل بناء على معطيات توهم بالحسم القريب والعاجل. 

الشائعات التي لا يجهلها كثير من المنغمسين في الحراك ضد الانقلاب والتي بدأت منذ رابعة عن اقتراب حسم سريع ضد السيسي، أو تواصل داخلي مع قيادات عسكرية ترفض الانقلاب، أو توجيه من هذه القيادات العسكرية للحراك في اتجاهات معينة من شأنها -حسب ما تسرب- أن تخدم الخط المعارض الشريف داخل الجيش، وصولا إلى شائعات عن قرب الحسم خلال شهر كذا.. وانتهاء بالحديث عن مصالحة مرتقبة.

وقد يذهب البعض إلى كون منح الشائعات كل هذه القدرة هو نوع من المبالغة، ولكن الحاصل أن قدرة الشائعات -تاريخيا وفي أوقات الحروب- معتبرة وذات أثر نفسي قوي، ولذلك يفرد لها داخل أجهزة المخابرات والجيوش ميزانيات وأفراد متخصصون يعملون عليها.

والشائعات التي عمل الانقلاب على نشرها في أوساط المعارضين تمنح المستضعف نوعا من "الأمل" القريب وهي سبب مقنع له لأن يصبر على سلوكه الحالي ويظن به النجاح، فالذي يتوقع حسما قريبا للصراع بأي شكل كان لن يغامر بتغيير نمط لعبه الحالي أو يعيد تشكيل صفوفه وأفكاره، لأن ذلك يعتبر مخاطرة كبيرة قد تفشل الحسم الموعود وفق الشائعة المسربة. 

وقد أدرك معسكر السيسي ذلك جيدا فلم تكن تنتهي شائعة وينكشف كذبها حتى يعاود "المدسوسون" بشكل أو بآخر تقديم شائعة وأمل كاذب جديد يبث الروح في نفوس الذين يمتلكون أسلوبا "فاشلا" ميدانيا وسياسيا، وبالتالي يؤخرون فرصة مراجعتهم لأنفسهم أو مراجعة اتباعهم لهم، مما يعطل فعليا أي اتجاه للتطوير والانجاز ربما ينعكس لاحقا على الحراك وأسلوبه.

وقد يقول البعض أن بعض الشائعات لم يكن يصدر من مصادر موثوقة مما يجعل التعاطي معها أمرا مستبعدا لدى قيادة الحراك أو أفراده، لكني أقول له أن الشائعة لا تحتاج إلى قوة المصدر بقدر ما تحتاج إلى التلاعب بالأمل، فهي برغم كل ضعفها تترك في النفوس مساحة للترقيب تستمر لشهور ومع كثافة تناولها وتحليلها تتحول لحقائق "نفسية" لا يمكن تجاوزها، فرغبة السيسي في المصالحة أو إحساسه بالتراجع والفشل أو انهياره النفسي أمام الحشود المعارضة أو بوادر انقلاب من قيادة الجيش ضده كلها عوامل تقول للمعارضين أنهم على الطريق الصحيح ولذلك فلا داعي على الحقيقة للمغامرة بتغيير الطريق ونمط اللعب طالما هذا يحقق نتائج. 

ومع غياب آليات حقيقية لتقييم الحراك وعدم وجود قيادات مدربة للتعامل مع الشائعات واستمرار وجود بعض السذج ممن حسنت نياتهم وقلت خبراتهم في مراكز حساسة، يستمر الخضوع للشائعة وبالأخص إذا كانت من مصدر مزرع داخل بيئة المعارضين أنفسهم، ومع استمرار سريان الشائعات المتعلقة "بالأمل" في فرج قريب يزيد ثقة الأتباع في عدم الحاجة للإصلاح أو بالأحرى تأجيله لوقت مناسب. 

وفي النهاية نصل إلى حالة الإحباط الكبرى التي يعيشها قطاع كبير من الذين بنوا آمالهم على حسم سريع ورخيص الثمن أو حتى صلح يعيدهم إلى الحياة بعد ما قاربوا على الاضمحلال، لذلك إذا كان المشرفون على الحراك من أهل الاستماع للنصح فالواجب عليهم تنقية الصفوف من مصادر الشائعات المترابطة، كما أنه يجب مواجهتها رسميا وبقوة كونها أكبر عملية اختراق ممنهجة تنفذ إلى النفوس وتدمر الهمم!
التعليقات (4)
عيش اللحظة
الثلاثاء، 15-09-2015 09:59 ص
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع
محمد حاتم
الإثنين، 14-09-2015 10:02 م
جميل ومقنع
احمد ربيع
الأحد، 13-09-2015 10:54 م
ك?م صحيح ولكن لم يبنوا امالهم علي حسم رخيص الثمن بل بالعكس كان غالي وهذا ايضا من ا?سباب التي جغلت الشباب علي ا?رض متمسكين بهذا الطريق وعدم وجود قياده في الميدان حعلت من الصغب التفكير في شئ يرضي الشباب المتحمس ولكن الهدنه من طرف واحد مميته ?صحابها كما فتعل بعدنان مندريس في تركيا
Leelee
الأحد، 13-09-2015 08:04 م
أما الشائعات والتلاعب بالامال والعقول فحقيقة مخابراتية لا تنكر والعسكر ومخابراته تفوقوا فيها ورددها البعض سواء كانوا مدسوسين أو حسنى النيه أو حتى مغفلين، أما ما تعزوه إلى فشل ميدانى وسياسي بسبب تلك الشائعات أو بسبب كونها جزء من هذا الفشل بزعمك فأعتقد أن هذا الأمر سببه خلل فى فهمك أو فى نظرتك لما تراه أنت فشلا وقد يكون عند الله عظيم، يرفع به الدرجات ويكفر به السيئات وليس للمتشائمين واليائسين والمحبطين للذين لا يجدون إلا جهدهم نصيب منه ! فالشورى فى الجماعه وإن أخطأت خير من رأى الفرد الذى يود أن غير ذات الشوكة تكون له فيعجب برأيه ويحاول أن يثبت صحته تاره بتسفيه الآخرين وتسفيه قراراتهم وتارة بادعاء الفهم والحكمه وللأسف نسمع الضجيج ولا نرى طحنا وتارة باستدعاء مسألة الشائعات والتى لا تؤثر بفضل الله إلا فى أصحاب النفس القصير متعجلى النصر اللاهثين وراء قطف الثمار قبل نضجها أما أصحاب العزائم الذين يظنون انهم ملاقوا الله فيعرفون أن الطريق شاق لا يقدر عليه إلا الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأن الأخطاء التي تقع فى طريق الوصول للغايه يجبرها ربى ويعين صاحبها للتوفيق والسداد طالما أن الرايه ثابته على الحق بإذن الله وأن الوجهه رضاه والجنه