طب وصحة

صرعات بعالم "الأرجيلة" ترفع إنفاق الأردنيين على التدخين سنويا

التدخين يقتل 6 ملايين إنسان سنويا.. ومسؤول عن 33% من أمراض السرطان - أرشيفية
التدخين يقتل 6 ملايين إنسان سنويا.. ومسؤول عن 33% من أمراض السرطان - أرشيفية
"بإمكانك الآن تدخين الأرجيلة أثناء القيادة داخل مركبتك.. أو طلبها إلى منزلك دليفري مع الفحم مشتعلا.. فقط بعشرة دولارات".. إعلان يمثل صرعات انتشرت في العاصمة الأردنية عمان، التي صنفتها منظمة الصحة العالمية مؤخرا في المرتبة الثالثة، ضمن أسوأ دول الإقليم في ارتفاع معدلات التدخين.

وباتت محلات المدخنين -التي وصلت إلى 383 محلا في العاصمة عمان وحدها- تعرض كل ما هو جديد في عالم تدخين الأرجيلة، كان آخرها "الأرجيلة المتنقلة" أو "أرجيلة السيارة". 

وبحسب بلال الذي يملك محلا لبيع الأراجيل، "انتشرت هذه الأرجيلة مثل النار في الهشيم، لرخص سعرها الذي وصل إلى خمسة دولارات، ولشكلها الصغير جدا، على شكل كأس، الأمر الذي يتيح لمستخدمها تدخينها في المركبة أثناء القيادة، وحملها لأي مكان".

وأكد البائع لـ"عربي21" أن "مبيعات الشركة المنتجة لهذا النوع من الأراجيل فاقت التوقعات، حيث نفذت جميع المنتجات من السوق خلال أسبوع واحد من طرحها".

وبحسب بلال، انتشرت مؤخرا مستلزمات "رفاهية " للأرجيلة من "البربيش المبرد الذي يوضع ثلج في داخله، ورأس الأرجيلة البلاستيكي الذي لا ينحرق، والأرجيلة الإلكترونية، وأراجيل بأشكال مختلفة، وجميعها يشهد إقبالا كبيرا"، على حد قوله.
  
ولم تتوقف صرعات الأراجيل عند هذا الحد، حيث تقدم شركات في العاصمة عمان خدمات توصيل الأراجيل إلى المنازل، ورفض مدير إحدى هذه الشركات الحديث لـ"عربي21" عن مدى قانونية الفكرة، إلا أن الشركة خصصت رقما للزبائن لطلب الأرجيلة مع الفحم، على الرغم من وجود نصوص في قانون الصحة العام الأردني يعاقب من يروّج للتدخين.

قانون بحاجة إلى تفعيل 

من جهته، قال مدير التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة الأردنية، الدكتور مالك حباشنة، لصحيفة "عربي21" إن "الفصل الثاني عشر من قانون الصحة العامة لعام 2008 نص على معاقبة من يروج أو يشارك بالترويج للتدخين بغرامة مالية، تتراوح بين 500 -1000 دينار أردني". 

وأوضح أن وزارة الصحة أحالت العام الماضي حوالي ثماني شركات إلى المحاكم، بينما تمت إحالة 23 محلا هذا العام إلى القضاء، بعد أن قامت بالترويج عبر شبكات التواصل الاجتماعي للأرجيلة، وتقديم عروض أرجيلة مجانية مع وجبات الطعام.

وتلجأ عشرات من متاجر بيع مستلزمات المدخنين إلى "فيسبوك"، لتقديم عروضها لآخر مستلزمات الأرجيلة، ويقوم بعضها ببيع منتجاتها "أون لاين"، وتقوم بإيصال الطلبية للمنزل.
  
وأقر الحباشة "بعجز القانون الحالي عن إيقاف انتشار الأرجيلة، والترويج لها، بسبب انخفاض قيمة الغرامة "، مؤكدا أن "العمل جار على تعديل القانون، وتغليظ الغرامة إلى خمسة آلاف دينار بحق من يروج للتدخين".
 
وحاولت وزارة الصحة الأردنية العام الماضي تطبيق قانون الصحة العامة ومنع تدخين الأرجيلة في المقاهي، إلا أنها فشلت بعد ضغط أصحاب المقاهي والاستثمارات، واكتفت بوضع شروط معينة للمحلات التي تقدم الأرجيلة.

ويسري قرار حظر التدخين بحسب قانون الصحة العامة على المستشفيات والمراكز الصحية، والمدارس، ودور السينما، والمسارح، والمكتبات العامة، والمتاحف، والمباني الحكومية وغير الحكومية العاملة، ووسائط نقل الركاب، وقاعات القادمين والمغادرين في المطارات، والملاعب المغلقة، وقاعات المحاضرات، والحدائق والمتنزهات، ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، فضلا عن أي مكان آخر يقرر الوزير اعتباره مكانا عاما، على أن ينشر قراره في الجريدة الرسمية.

وينص القانون على فرض عقوبات بحق المدخنين في الأماكن العامة؛ إذ يعاقب من يدخن فيها بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر، أو بغرامة لا تقل عن 15 دينارا ولا تزيد على 25 دينارا.

ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر، أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على ألف دينار، كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في دور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، أو السماح بذلك.

ظاهرة "مقبولة اجتماعيا"

بحسب الجمعية الأردنية لمكافحة التدخين، أصبحت الأرجيلة ظاهرة مقبولة اجتماعيا، خصوصا بين الفتيات، حيث تشير دراسة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة النساء المدخنات للأرجيلة في المملكة 12 في المئة، مقارنة مع 10 في المئة للرجال، مطالبة بتفعيل قانون الصحة العامة على الأرض.

508 مليون دينار إنفاق الأردنيين سنويا على التدخين

قدّر رئيس الجمعية الوطنية الأردنية مكافحة التدخين، الدكتور محمد شريم، في حديث لصحيفة "عربي21" حجم إنفاق الأردنيين بشكل مباشر على التدخين بـ"508 مليون دينار سنويا"، بينما يتجاوز الإنفاق غير المباشر من أضرار التدخين وتكاليف العلاج وحوادث السير والحرائق وتعطل الإنتاج إلى ثلاثة مليارات دينار سنويا.

ووفق شريم، فإن "تدخين الأرجيلة أصبح ظاهرة اجتماعية في الأردن، وأصبح هناك جماعات من صالحها أن تنتشر هذه العادة، سواء من شركات أو مؤسسات تقدم الأرجيلة بأشكال مختلفة مثل طلبيات البيوت أو أرجيلة للسيارة، وإنتاجها تحت أصناف، منها أرجيلة رجالية أو نسائية، بألوان مختلفة، لتصبح تجارة ونمطا حياتيا واجتماعيا".
 
ستة آلاف مادة كيماوية يحتويها التبغ
 
في السياق ذاته، حذّر الدكتور الشريم من مخاطر المواد السامة في تبغ الأرجيلة والمواد التي تضاف إليه، قائلا: "المشكلة في التبغ ذاته، والإضافات المسرطنة الموجودة فيه؛ إذ يحتوي التبغ على ستة آلاف مادة كيماوية فيها عشرات من المواد المسرطنة، إذ يعادل رأس أرجيلة واحد بحسب نوعه تدخين علبة سجائر كاملة من 20- 40 سيجارة".
 
وقال إن "الدراسات بيّنت أن مدخني السجائر هم أشد عرضة لسرطانات الرئة، أما من يدخنون الأرجيلة فيصابون بنسبة أكبر بسرطانات اللثة والشفاه".
 
ويتفق مدير التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة الأردنية، الدكتور مالك حباشنة، مع الشريم حول "مخاطر الأرجيلة"، مضيفا أن "مادة الجلسرين التي تضاف إلى الأرجيلة تؤدي إلى ضرب خلايا الرئة والدماغ".

وقال الدكتور الحباشنة لـ"عربي21": "يعادل المعسل الذي يستخدم في الأرجيلة من 20 - 40 سيجارة، أما معسل التومباك فيعادل مفعول تدخين 100، ذلك لأنه تبغ صاف، يحتوي المعسل فيه على مواد حارقة مثل مادة العسل المصري، ومادة الجلسرين المطري، والقطران، وهي مواد حارقة جدا لخلايا الرئة في حالة الاحتراق، كما أن التبغ يحتوي على السكر، الذي يتحول إلى كحول عندما يحترق، ما يزيد الأضرار على الجسم".
    
ويدعو الحباشنة المدخنين إلى "زيارة عيادة الإقلاع عن التدخين التابعة لوزارة الصحة الأردنية في مختلف فروعها، حيث تقدم العلاج المجاني، والمشورة للمواطنين"، مؤكدا أنها ضمن إجراءات اتخذتها الحكومة لمكافحة التدخين، ومنها أيضا تطبيق المواصفة القياسية الأردنية بوضع الصورة والتحذير على علب الدخان.

التدخين يقتل ستة ملايين إنسان سنويا

أشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن التدخين يقتل ستة ملايين إنسان سنويا بشكل عام، بمعدل شخص كل ست ثواني، وفق ما صرح به الدكتور الشريم، موضحا أن ذلك "سبب رئيس في تشكيل وتكوين مجموعه من الأمراض، بما فيها السرطانات وأمراض القلب والدورة الدموية، ولا توجد خليه من جسم الإنسان بمنأى عن ضرر التدخين، ما يسبب العقم والضعف الجنسي، وانقطاع العادة المبكرة، وانتشار تجاعيد الوجه، وتلف الأسنان".
 
وتابع شريم بأن "حوالي 95 في المئة من المصابين بسرطان الرئة هم مدخنون، وتشير الدراسات إلى أن أكثر من 33 في المئة من مجموعة السرطانات التي تصيب الإنسان تعود إلى التدخين، ناهيك عن الأمراض الأخرى مثل الأنتوزيما (انتفاخ الرئة)، وهو مرض مزمن وخطير جدا، 85 في المئة هم من المصابين فيه".
 
وتدعو الجمعية الأردنية لمكافحة التدخين وزارة الصحة الأردنية لوضع مكافحة التدخين على رأس أولوياتها، بسبب الخسائر الاجتماعية والاقتصادية التي يتسبب بها، خصوصا وفاة الآلاف بسبب السرطانات وأمراض القلب والدورة الدموية، في ظل انتشار أعداد المدخنين من الأردنيين. 

وتشير الأرقام إلى أن عدد المدخنين في الأردن من البالغين فوق 18 سنة، وصل إلى 23 في المئة، بينما وصلت النسبة إلى 26 في المئة بين اليافعين من سن 13 - 18 سنة، و12 في المئة بين الإناث، وتصل نسبة المواطنين الذين يدخنون الأرجيلة 21 في المئة من السكان.
التعليقات (0)

خبر عاجل