ملفات وتقارير

أزمة سوريا في نفق مظلم والسعودية تلقي بثقلها لإسقاط الأسد

الجبير: لا مكان للأسد في مستقبل سوريا وسنسقطه سياسيا أو عسكريا ـ أ ف ب
الجبير: لا مكان للأسد في مستقبل سوريا وسنسقطه سياسيا أو عسكريا ـ أ ف ب
مع حراك عربي ودولي منقطع النظير هذه الأيام، تدخل الأزمة السورية في أسوأ منعطفاتها على الإطلاق في ظل انقسام عربي حاد حول مستقبل الأسد، وموقف دولي يراوح في مكانه وهو أقرب لغض الطرف عن الأسد وبقائه في الحكم خوفا من وقوع سوريا في يد التنظيمات المسلحة المعارضة التي يراها الغرب "تنظيمات إرهابية" تهدد أمن إسرائيل.

الموقف السعودي المتشدد بضرورة رحيل الأسد مهما كان الثمن سياسيا أو عسكريا، يقابله موقف مصري مناكف جعل قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي يطير إلى موسكو ليعبر عن رغبته بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، ولكن على الطريقة الإيرانية الروسية الرافضة لإنهاء حقبة الأسد الدموية.

وفي هذا السياق، شدد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، على ثبات موقف بلاده الرافض لاستمرار الرئيس السوري، بشار الأسد، في السلطة، مضيفا أن رحيل الأخير عبر "عملية سياسية أو هزيمة عسكرية" هو "تحصيل حاصل"، بينما أعادت إيران الحديث عن مبادرتها السياسية لإنهاء الأزمة في سوريا، واعدة بكشف المزيد من التفاصيل حولها، بحسب "سي إن إن".

وأكد الجبير، في مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني، فيليب هاموند، أن رحيل الأسد بالنسبة لبلاده "عبر عملية سياسية أو عبر هزيمة عسكرية هو تحصيل حاصل"، مضيفا أن الرئيس السوري "لا مستقبل له في سوريا".

ورفض الجبير التكهنات حول موقف الرياض من الأسد ونظامه قائلا إن "رحيل الأسد ومن تلطخت أيديهم بالدماء؛ موقف واضح لا مساومة فيه" بالنسبة للمملكة.

مبادرة إيرانية 

بالمقابل، برز موقف من الجانب الإيراني، من خلال المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، التي قالت إن المبادرة الإيرانية المعدلة لحل الأزمة في سوريا "هي الآن في طور الاكتمال". ونقلت عنها وكالة الأنباء الإيرانية قولها إن أساس المبادرة "إرادة ومطلب الشعب السوري لتقرير مستقبله بنفسه".

وبحسب أفخم، فإن المبادرات التي قالت إنها "مبنية على مطالب مجموعة ما وليس الشعب السوري لن تكون مؤثرة" مضيفة أن المبادرة الإيرانية قيد التشاور بشأنها حاليا، واعدة بتقديم المزيد من المعلومات حول تفاصيلها عند اكتمالها.

وكانت وسائل إعلام إيرانية قد نقلت بعض تفاصيل المبادرة الأولية، وبينها الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتعديل الدستور السوري وإجراء انتخابات.

المبعوث الأمريكي يهرول لموسكو والرياض

ومع هذا الحراك الماراثوني لحل الأزمة السورية، يبدأ المبعوث الأمريكي الخاص الجديد لسوريا مايكل راتني زيارة إلى موسكو والرياض وجنيف في وقت لاحق من هذا الأسبوع، لإجراء مباحثات سعيا إلى إيجاد حل سياسي للحرب السورية الدائرة رحاها منذ أربعة أعوام.

وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية، إن راتني الذي عين مبعوثا جديدا إلى سوريا في 27 تموز/ يوليو سيسافر إلى العواصم الثلاث في الفترة من 28 من آب/ أغسطس إلى الثاني من أيلول/ سبتمبر.

وأضاف المسؤول: "سيجتمع المبعوث الخاص راتني في 28 من أغسطس مع مسؤولين روس كبار وفي 29 من أغسطس مع مسؤولين سعوديين كبار في الرياض لمواصلة المناقشات بشأن الجهود من أجل عملية انتقال سياسي حقيقي وإنهاء الأزمة المدمرة في سوريا".

وفي جنيف، سيلتقي راتني مع ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا.

وتصر حكومة الرئيس باراك أوباما منذ وقت طويل على أن أي جهد دبلوماسي يجب أن يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد الذي يتعرض لخطر عسكري متزايد من تنظيم "الدولة الإسلامية".

ورحبت الولايات المتحدة بمبادرات روسيا حليف الأسد والأمم المتحدة لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة، لكنها تصر على أن أي نقل للسلطة يجب أن يكون في إطار ما يسمى إعلان جنيف الذي يدعو إلى نقل السلطة إلى هيئة انتقالية حاكمة.

وفي وزارة الخارجية الأمريكية أصر المتحدث باسم الوزارة جون كيربي على أنه "لا يوجد حل عسكري لهذا الأمر (الصراع) وأنه يجب حله سياسيا".

وأضاف أن جولة راتني تأتي في اطار الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "لاستكشاف خيارات مع الروس والسعودية".

وأضاف كيربي أن الولايات المتحدة عبرت منذ وقت طويل عن قلقها من دعم موسكو للأسد الذي قال إن "وحشيته وفقدانه للشرعية في الحكم أتاح فقط لتنظيم الدولة الاسلامية الاستفحال داخل البلاد".

مصر السيسي تتماهى مع إيران وروسيا

أما الموقف المصري الصريح فقد عبر عنه قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي مطالبا بأن تحل الأزمة السورية، والمستمرة منذ 2011، عبر تسوية سياسية.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، جمع السيسي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بالعاصمة الروسية موسكو، على هامش زيارة رسمية يقوم بها، حيث أفاد بأن مباحثاته شملت مداولات عدد من القضايا المهمة، ووجدوا فيها تقاربا في الرؤى". 

وأضاف أنهم "ركزوا على ضرورة تسوية سياسية للأزمة، وفق وثيقة جينف، إلى جانب محورية القضية الفلسطينية، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية". 

وحول الأوضاع العربية، أوضح السيسي قائلا: "بحثنا الوضع في العراق واليمن، وآخر التطورات في الساحة الليبية، وسبل مواجهة الإرهاب الذي يواجهنها جميعا"، مبينا أن "ظاهرة الإرهاب تملي عليهم التشاور والعمل لإيجاد حلول جذرية تضمن وحدة وسلامة واستقرار الدول"، مشيرا إلى الاتفاق على "تبادل الخبرات بين المؤسستين العسكرتين (المصرية والروسية) في مواجهة الإرهاب" دون تفاصيل حول ذلك.  

في المقابل، قال بوتين، إن بلاده اتفقت مع مصر على التعاون في مكافحة الإرهاب، في ظل تزايد نشاط المجموعات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش، مشددا على مسألة "تشكيل جبهة واسعة لمكافحة الإرهاب مع مشاركة اللاعبين الدوليين والإقليميين، ومن ضمنهم سوريا".

وسبق أن وضعت "مجموعة العمل حول سوريا"، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتركيا ودول تمثل الجامعة العربية، في عام 2012 مبادرة باسم "جنيف1"، تدعو إلى انتخابات مبكرة، وتعديلات دستورية لإنهاء الأزمة، التي دخلت عامها الخامس، إلا أن خلافات وقعت بين الأطراف في تفسير بعض البنود.

مصالح روسيا في المنطقة هي الأساس

من جانبه، أرجع الخبير والمستشرق الروسي، ألكسندر شوميلين، تحرك موسكو للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية المشتعلة منذ أكثر من أربعة أعوام، لثلاثة أسباب، بينها دخول تركيا في حرب حقيقية ضد تنظيم "داعش"، وعزمها على إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا.

وقال شوميلين، في تحليله للحراك الدبلوماسي النشط الذي تقوم به روسيا في الآونة الأخيرة: "إن موسكو وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما التحرك بحثا عن حل سياسي للأزمة السورية يحفظ لها بعضا من نفوذها ووجودها في الشرق الأوسط، أو أن تسير الأمور في اتجاه لا يتناسب مع مصالحها، ويخرجها من حلبة الصراع"، معتبرا أن أسبابا ثلاثة قادت موسكو إلى الاقتناع بضرورة التحرك العاجل.

منطقة عازلة وحرب قادمة

وفي الوقت الذي يتصارع فيه السياسيون وقادة الإقليم لإنهاء الأزمة السورية، تضع كل من أمريكا وتركيا لمساتهما الأخيرة على الحرب القادمة على تنظيم الدولة في سوريا، مع ضمان إنشاء منطقة آمنة ربما يكون لها ما بعدها من تقوية شوكة المعارضة السورية وترجيح كفتها في المرحلة القادمة.

ولعل هذا ما يفسر تصريحات وزير الخارجية السعودي التي بدى واضحا أنها شديدة اللهجة وواثقة جدا من تنحية الأسد عن مستقبل سوريا مهما كان الثمن، ومهما كانت قوة المعارضين في الإقليم سواء إيران أم الدول العربية المناكفة للسعودية، التي تصر على استمرار الأسد برئاسة سوريا رغم عدم سيطرته الآن سوى على سدسها، بحسب مراقبين.
التعليقات (4)
الحسني علي
الأربعاء، 16-09-2015 09:30 م
ليس السعودية موقفها مشرف فقط لأن لها زعيم حفظ الله عليه حياته ورفع قدره أكثر واكثر وأرانا فيه فعل الصاحابة والتابعين اللهم أحفظ سلمان بحفظك ولا تكله على أحد من خلقه خير أمراؤكم الذين تحبونهم ويحبونكم وشرهم الذين تلعنونهم ويعلنونكم ، وأنتي اعالم لاسر والنجوى تشهد علينا أننا نحب سلمان ونسال الله توفيقه وأن تبارك في عمره وتجري الخير على يديه وتهيء له البطانة الصالحة التي تساعده ، اللهم ياعالم السر وأخفى إن عبدك سلمان حافظ لدينك يريد صلاح الأمة فأعنه ,ارشده إلى الخير كله وابعد عنه كل طغمة ظالمة اللهم انك سميع مجيب - اللهم أرشد للصواب وأعنه عليه وأحفظه في كل حال
ابو خالد
الأربعاء، 09-09-2015 03:56 ص
كم دفعت ايران وروسيا من الملايين للسيسي حتى يغير موقفه من سوريا ؟
شعلان الزهراني
الجمعة، 28-08-2015 12:40 ص
لله در السعودية ولاعزاء للخونة من امثال السيسي
عربي
الخميس، 27-08-2015 04:23 م
السعودية موقفها مشرف صراحة أقولها! بدأت تتكشف لنا الأوراق والحقائق وعرفنا أن السعودية مهددة بشكل كبير من أمريكا قبل غيرها ومع ذلك استمرت بثباتها تجاه المسألة في سوريا وهي مغامرة مكلفة دون مبالغة! إذا ما علمنا أن السعودية وقطر فقط من بين كل الدول العربية التي تقفان مع الشعب السوري وبصلابة ضد بقاء بشار, شاهد موقف العار السيسي والعار الآخر ابن زايد لتعرف صعوبة الموقف بسوريا أن الحكومات العربية جميعها إلى جانب بشار وهذا يمثل ضغط كبير جدا على السعودية بالإضافة لمسألة اليمن والعراق الحدوديتين وتفجيرات داعش وتوسع إيران ومظاهرات شيعة الداخل غير موقف روسيا المعادي بصلابة وموقف أمريكا الخائن! كان الله في عون السعودية خانها لأجل سوريا كل أصدقائها أما أشقائها فاستغلوا موقفها تجاه سوريا بابتزازها المستمر!