مقالات مختارة

ظاهرة ترامب

هشام ملحم
1300x600
1300x600
قيل فيه كل شيء سلبي يمكن أن يقال في رجل يريد أن يصل إلى البيت الأبيض، ومع ذلك لم يعلق به أي شيء. يطلق عليه منافسوه والمحلّلون النصال، وفي الحالات النادرة التي تصيبه، تتكسر النصال على النصال. دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لمنصب الرئاسة، نرجسي بامتياز، يعشق الأضواء، ويصر دائماً على أن يكون موضع جدل. شخصيته معجونة بالتعجرف والغرور، ومواقفه تتسم بالتهور والشوفينية التي تتقاطع مع العنصرية، ومفهومه للعلاقات الدولية بسيط وخطير: على العالم أن يقبل إملاءات الولايات المتحدة، وإلاّ...

ترامب يكرر دائما انه ذكي للغاية، لكنه سطحي إلى ابعد الحدود، واذا تحدث بضع دقائق يقترف الأخطاء، واذا تجرأ احدهم على مساءلته، يتعرض للإهانات. كلماته المفضلة لمن يختلف معه هي: أنت غبي. ولكن منذ أن أعلن ترشحه في حزيران الماضي وهو لا يزال متقدما في كل استطلاعات الرأي وآخرها لشبكة "سي أن أن" حيث تفصله عن منافسه الأقرب إليه وهو جيب بوش 11 نقطة.

ترامب يقول انه يريد استعادة عظمة أميركا. كيف؟ من خلال منع الصين واليابان من إغراق الأسواق الأمريكية ببضائعهما، لكنه لا يشرح كيف يمكن تحقيق ذلك. هو يريد أن يطرد 11 مليون مهاجر غير شرعي، معظمهم من أميركا اللاتينية، وهو أمر غير قابل للتنفيذ، ومكلف للغاية. الأسوأ ترامب يريد منع إعطاء الجنسية الأمريكية لأي طفل يولد في أمريكا، وأمر يضمنه الدستور الأمريكي. وهو يريد بناء جدار بطول الفي ميل مع المكسيك ويدعي انه سيرغم المكسيك على دفع كلفته، وهو امر غير قابل للتحقيق.

في مقابلة أجريت معه يوم الأحد، سئل: كيف ستواجه داعش؟ ترامب: يجب حرمانهم النفط. علينا أن نعود إلى العراق واحتلال آبار النفط واستغلالها. من أين تحصل على المشورة العسكرية؟ ترامب: أراقب البرامج التلفزيونية (التي يتحدث فيها العسكريون). العلاقة مع السعودية؟ ترامب: عائدات السعودية هي مليار دولار يومياً، عليهم أن يدفعوا لنا لأننا نحميهم.

ترامب يستفيد من نقمة العديد من الناخبين من عجز الحزبين الجمهوري والديموقراطي عن حل المشاكل الاقتصادية للبلاد، وقلقهم من التحولات الاستراتيجية والاقتصادية التي تغير موازين القوى في العالم. لكن ظاهرة ترامب تؤكد من جديد أن الديماغوجية السياسية في الأزمنة القلقة تنجح في اللعب على مخاوف الناس وقلقهم وتفلح في تضليلهم من خلال استغلال غرائزهم وهواجسهم (مثل قلق الأمريكيين من الهجرة غير الشرعية). كل دورة انتخابية تجلب مرشحين نرجسيين وغريبي الأطوار ثم تلفظهم. هذه المرة النرجسي المتهور ثري جداً، وسوف يبقى معنا وقتاً أطول.



(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)