مقالات مختارة

من يستطيع مواجهة تنظيم داعش؟

برهان الدين دوران
1300x600
1300x600
هكذا هو حال الحياة في تركيا، فكل صباح جديد، هنالك ازدحام في الأحداث اليومية، مع اشتداد وتيرة الانتقادات على تلك الأحداث. وبعض من هذه الأحداث التي تشغل الأتراك، فشل الأحزاب التركية في تشكيل حكومة ائتلافية، الانتخابات المبكّرة، مستقبل تركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني الإرهابي، الطائرات الأمريكية التي تُقلع من قاعدة انجرليك لضرب مواقع تنظيم داعش، ومناقشة النظام السياسي في تركيا.. وقضايا أخرى.

الحرب على داعش

يدخل حدث مكافحة تنظيم داعش وحدث السياسة الداخلية والخارجية، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى صلب هذه الأحداث المتعلقة مع بعضها، حيث إن تنظيم داعش بالإضافة إلى مقاطع إعداماته الوحشية، هو أكثر التنظيمات الإرهابية التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد، لاستجلاب مقاتلين جدد.

رغم أن تنظيم داعش يمثل أكثر مادة يتم استثمارها في سياسة الشرق الأوسط، لكنه الأقل تحليلا في الوقت نفسه، لا سيما وأن أطرافا كثيرة تشرعن أعمالها بحجة قتال داعش، حيث إن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما جعلت سياسة قتال تنظيم داعش في العراق وسوريا، من العناصر الجوهرية لديها. ويُعتبر ملف قتال داعش من الملفات الحساسة لدى روسيا والصين، القوتان الدوليتان، من جهة، والقوى الإقليمية مثل تركيا وإيران والسعودية من جهة ثانية.

لا شك أن حزب العمال الكردستاني، وامتداده في سوريا، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وضعا قتال داعش في أجندتهم السياسية الاستثنائية، لا سيما وأن حزب العمال الكردستاني حرّض الأكراد على حزب العدالة والتنمية واستثمر ورقة داعش في عام 2013. والقوميون الأكراد يهدفون إلى تأسيس دولة كردية أو إقليم فدرالي في شمال سوريا، من خلال استثمار قتال تنظيم داعش. لكن الاتفاق التركي الأمريكي بإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري والتي تمتد من جرابلس إلى اعزاز، منع حزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على كامل الشمال السوري.

حزب العمال، وورقة قتال داعش

بعد "مجزرة سوروج" في مدينة شانلي أورفة (جنوب)، أعلن حزب العمال الكردستاني انتهاء وقف إطلاق النار بينه وبين تركيا. وبناء على ذلك قامت تركيا بشن ضربات جوية على مواقع الحزب، ما وضع التنظيم الإرهابي بمأزق في تركيا وسوريا. وكان لحزب العمال طريق واحد للخروج من هذا المأزق، ألا وهو ورقة قتال تنظيم داعش، لا سيما وأن أحد قادات حزب العمال الكردستاني، جميل باييك، قال في تصريح لصحيفة ديلي تلغرا، إنهم يتواصلون مع أمريكا لتكون الأخيرة وساطة بينهم وبين تركيا في سبيل وقف إطلاق النار.

وكان لدى باييك ورقة هامة لإقناع الأمريكان، وهي ورقة قتال تنظيم داعش، وإلا فإن الأمريكان سيفقدون أهم عامل في قتال التنظيم. لكن في الوقت الذي تصعد فيه تركيا من وتيرة محاربة داعش، تفقد ورقة حزب العمال أهميتها القديمة.

بات واضحا أن قضية محاربة تنظيم داعش ستمتد إلى أجل بعيد، ولن تترك عناوين الأحداث اليومية. والمسألة هنا، هي، كيف نستطيع محاربة هذا التنظيم بشكل أوسع، لا سيما أنه يتم التركيز على محاربة داعش من الناحية الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، ولكنهم يجهلون نقطة محاربته الأيديولوجية؟

القضاء على الأفكار الميتة

يستخدم تنظيم داعش مصطلحات الجهاد، الولاء والبراء، الهجرة، الطاغوت. ثم يزج بهذه المصطلحات في مفهومه السلفي المتطرف، ويضعها ضمن تقديس العنف. ومن هنا يكفّر كل من لم يتفق معه، ويستخدم تلك العبارات لتخريب مخزون الحضارة الإسلامية. وللتصدي لفكر تنظيم داعش، نحتاج إلى إعادة تحديث القاعدة الثقافية والاجتماعية للمسلمين.

الخطوة التي يجب المبادرة إليها هي التأكيد على تعدد الأديان. وهنا أود الإشارة إلى تقرير وزارة الشؤون الدينية التركية التي أصدرت تقريرا حول تنظيم داعش، تشير فيه إلى وسائل مكافحة هذا التنظيم: "إن السبيل لمكافحة الذين يهيّئون القاعدة لتنظيم داعش ومثيلاته، هو كما قال مالك بن بني، يكمن في اجتثاث الأفكار الميتة". نحتاج إلى دلائل قوية وواسعة لنثبت أن تنظيم داعش لا يمثل مفهوم الإسلام السني. وهنا يبرز دور المؤسسات الأهلية والدينية في إبراز هذا الفرق.

(عن صحيفة صباح التركية، ترجمة وتحرير تركيا بوست. خاص بـ"عربي21")
التعليقات (0)