ملفات وتقارير

رحلة محفوفة بالخطر لطلاب "جامعة البعث" بين حمص وحماة

تنتشر الحواجز الأمنية في مناطق سيطرة النظام السوري - أرشيفية
تنتشر الحواجز الأمنية في مناطق سيطرة النظام السوري - أرشيفية
ينتشر على طول الطريق بين مدينة حماة وحمص أكثر من 20 حاجزا لقوات الأمن والشبيحة السورية، تقوم بالتدقيق على المسافرين بين المدينتين عبر الطريق الاحتياطي والوحيد الذي يمر بالقرى الموالية، بعد أن انقطع الطريق الرئيسي منذ العام الأول من الثورة. 

وأكثر المتضررين من هذه الحواجز هم الطلاب الذين يدرسون في جامعة حمص (جامعة البعث)، الذين يسافرون بشكل شبه يومي، ويتعرضون لشتى أنواع المضايقات في أثناء سفرهم.
 
وبحسب مراسل "عربي21"، فإن بعض الحواجز توقف الطلاب لمدة تصل إلى ساعة على الطريق لتفتش في هوياتهم الشخصية، ودفاتر خدمة العلم، وتتحجج بعدم وضوح الكتابة التي تبيِّن مدة التأجيل لتبتزهم وتأخذ منهم مبالغ مالية، أو تهينهم بالضرب والرش بالماء أمام المسافرين، بعد أن يغضب رئيس الدورية إذا ناقشه أحد الطلاب.
 
تحدث إبراهيم أحد الطلاب الذي التقت بهم "عربي21" في أثناء رحلتهم بين حمص وحماة، عن تجربته في الاعتقال على طريق حماة حمص، حيث استمرت لأشهر عدة، حيث قال: "اخترق أحد زملائي في الكلية حسابي الشخصي على فيسبوك، ووجد فيه محادثات عن الثورة، وعندما كنت مسافرا أوقفنا في أحد الحواجز وطلبت هوياتنا، وكالعادة صعد إلى الباص أحد الجنود ونادى باسمي، ولكنه حين عرفني، تقدم إلي وسحبني من كتفي ليرمي بي خارج الباص، ثم ضرب بيده على باب الباص، مشيرا إلى السائق بمتابعة رحلته".
 
أمضى إبراهيم قرابة الساعتين في الحاجز، كان فيها الضابط المسؤول يحقق معه، بينما كان العناصر يشتمونه ويضربونه بأقدامهم، ثم رموه في السيارة مكبلا، وأخذوه إلى فرع الأمن السياسي على طريق حماة – حمص، حيث يروي إبراهيم ما حصل معه، قائلا: "أمضيت هناك أربعة أشهر ذقت فيها كل أنواع التعذيب، وكل ما كان يقولونه لي أني لن أخرج، ولن أرى نور الشمس بعد اليوم".
 
وكانت تهمة إبراهيم هي محاولة التمرد والانضمام لـ"الإرهابيين"، علما بأن المحادثة التي اعتقل بسببها كانت عن أصوات اشتباكات تجري في منطقة قريبة من بيته، توقع فيها أن الثوار قد هاجموا أحد الحواجز الأمنية، مشيرا إلى أن المحقق كان يضربه في كل مرة، ويقول له: "قلتلي الثوار ما هيك"، وهو ما يراه إبراهيم كرها من عناصر النظام لكل ما يتعلق بالثورة، ومحاولة لتخويف الناس حتى من نطق هذه الكلمة.
 
تشابه الأسماء

بالإضافة لكل أسباب الاعتقال، تعد حادثة تشابه الأسماء كابوسا بالنسبة للمسافرين الذين يمرون على حواجز النظام، فيمكن أن يُعتَقَلوا بمجرد أن يكون اسمهم مشابها لاسم شخص مطلوب، أو أن يكون اسمه موجودا في " الفيشة الأمنية "، وهو ما حصل مع مصطفى أحد الطلاب الذي حصل على فيزة دراسية للسفر إلى ألمانيا بعد تخرجه من الجامعة. 

وفي أثناء سفره من حماة، أوقف في أحد الحواجز واعتقل، ليتبين فيما بعد أنه ليس الشخص المطلوب، بسبب اختلاف اسم أمه عن الشخص الذي يريدونه، لكن ذلك لم يكن كافيا لإطلاق سراحه، فقد اضطر أبوه لدفع مبلغ مالي، واضطر قريبه الذي يشغل منصبا مهما في الدولة للتوسط له، ليخرج بعد أن دفع رشاو لأشخاص عدة ليتكلموا مع رئيس الفرع، على حد قوله.

ويقول مصطفى إن حجة تشابه الأسماء أصبحت ذريعة لدى جنود النظام لكسب الرشاوي، بعد أن يعتقلوا الشخص، ويتحدثوا مع أهله المستعدين لدفع كل ما لديهم في سبيل حرية ابنهم.
 
أما محمود الطالب في كلية الصيدلة، الذي كان من الأوائل على كليته في جامعة حمص، فقد اعتقلته قوات الأمن من الحرم الجامعي، بعد أن كتب بحقه أحد زملائه تقريرا يقول فيه إنه ينشر الطائفية بين الطلاب، من خلال مساعدته للطلاب السنة دون الطلاب العلويين، بسبب المنصب الذي يشغله في الهيئة الإدارية. 

وعلى خلفية ذلك، قام عناصر من الحاجز الواقع على مدخل الجامعة، باعتقاله في اليوم الذي استلم فيه شهادة تخرجه من الجامعة.

محمود الذي كان من الأوائل على كليته، أمضى خمسة أشهر في المعتقل ليصل بعدها خبر وفاته تحت التعذيب إلى أهله، الذين كانوا ينتظرون خروجه من المعتقل بفارغ الصبر، لكنهم في النهاية استلموا نعشا مغلقا يرافقه عنصر أمن حتى دفنه، ليمنعوا أهله من فتحه وتصوير جثة ابنهم، بينما جلبوا لهم هويته الشخصية وبقايا ثيابه.
التعليقات (0)

خبر عاجل