مقالات مختارة

ماذا لو بقي الأسد؟

سميح صعب
1300x600
1300x600
كتب سميح صعب: عندما يقول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن "الحل الوحيد" للأزمة السورية هو "توحد" كل القوى السورية ضد "داعش" دون الرئيس بشار الأسد. فكلامه هو رد مباشر على اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل تحالف إقليمي يضم دمشق والرياض وأنقرة، لمحاربة التنظيم الجهادي.

فالولايات المتحدة لا تزال ترى أن الأسد هو السبب الرئيسي الذي يجعل جهاديي العالم يلتحقون بـ"داعش"، وتاليا فإنها تعتقد أن التخلص من الأسد سيساعد أمريكا على تحقيق استراتيجيتها في محاربة التنظيم.

لكن الاعتقاد الأمريكي ينطوي على نظرة سطحية إلى الأحداث، ولا يأخذ في الاعتبار الخلفية التاريخية لنشأة "داعش" من رحم تنظيم "القاعدة"، الذي ولد في أفغانستان وانتقل إلى العراق بفعل الغزو الأمريكي، الذي كان العامل الأساس في تجنيد الجهاديين وتوجههم إلى العراق.

ثم كيف تتصور الولايات المتحدة أن سقوط الأسد يمكن أن يكون عاملا مساهما في إضعاف "داعش" أو "جبهة النصرة" أو غيرهما من التنظيمات الجهادية، وقت يعترف وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بأن البرنامج الأمريكي لتدريب المعارضين السوريين "المعتدلين" لا يضم حتى الآن سوى 60 رجلا في مخيمات، أقامتها أمريكا في تركيا والأردن لتدريب هؤلاء، كي يشكلوا قوة بديلة عن النظام السوري تملأ الفراغ الذي يمكن أن ينجم عن انسحاب "داعش" من مناطق سورية بفعل الغارات الجوية، التي يشنها الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع التنظيم في سوريا.

وما دام تدريب "المعتدلين" يسير على هذا النحو البطيء جدا، فإلى كم من الوقت ستحتاج أمريكا لتجهّز الـ15 ألف مقاتل من "المعتدلين" كما جاء في الاستراتيجية الأمريكية كي يقاتلوا "داعش"؟

وعندما تعترف واشنطن بالصعوبات التي تواجهها في العثور على "معتدلين" في سوريا لتدريبهم، ألا يجدر بها أن تستنتج من ذلك أن التطرف بات سيد الموقف، وأن المسألة هي أكبر من مشكلة وجود النظام السوري بحد ذاته، وأن المشروع الجهادي يتجاوز سوريا إلى بقية دول المنطقة، والإقليم، إلى ما هو أبعد، من غير أن يكون ثمة جواب أمريكي، على العوامل التي تجذب الجهاديين إلى سيناء ونيجيريا، وتخوم آسيا الوسطى والقوقاز وساحات أوروبا؟

إن سوريا لا تعدو كونها محطة من محطات المشروع الجهادي الأكبر الذي يشكل تحديا عالميا تهرب واشنطن من معالجته جذريا، بمحاولة إلقاء اللوم على النظام السوري، بينما يتميز الطرح الروسي برؤية أكثر شمولية لمواجهة هذا المشروع.

(عن صحيفة النهار اللبنانية 11 تموز/ يوليو 2015)
التعليقات (0)