سياسة عربية

الفصة وغذاء "الصيصان" طعام الأطفال في الغوطة الشرقية

الموت جوعا مصير المحاصرين في الغوطة الشرقية ـ أرشيفية
الموت جوعا مصير المحاصرين في الغوطة الشرقية ـ أرشيفية
يتحسر الرجل على أهله وذويه الذين لم يتمكنوا من الخروج والنجاة من مأساة إنسانية تقبع بكل ثقلها على صدورهم في الغوطة الشرقية، يروي قصصا تبدو ضربا من الخيال، فمن قصة "المنفوش" إلى قصة طعام الصيصان والفصة، يدرك المرء تفاصيل المأساة  ويقف على حرقة القلب التي يعيشها رجال ريف دمشق.
 
أبو عدنان من أهالي كفر بطنا استطاع بعد أن تكبد مصاعب طويلة أن يخرج من هذا الجحيم ويحكي لــ "عربي 21" قصصا عن أصناف المعاناة التي تعيشها غوطة الشام، يتهم الرجل النظام كما يتهم بعض الفصائل العسكرية المعارضة تماما بتجويع أهالي بلدات الغوطة الشرقية".

وقال: "ثورة الجياع ستبدأ قريبا وبإمكاننا أن نقول إنها بدأت، فبعد أن يتناول الأهالي أوراق الأشجار والحشائش، ثم يعمدون إلى زراعة نبات الفصة والذي يزرع لعلف الحيوانات أساسا، لا بد من أن صبرهم سينفذ وسيثورون ضد كل القوى التي لا تفكر إلا بنفوذها ومصالحها سواء كانت موالية للنظام السوري أو معارضة له".

ويضيف: "في البداية كان الأهالي يعتمدون في غذائهم على ما تنتجه الحيوانات كالأبقار، والأغنام إلا أن المعاناة امتدت إلى استحالة تأمين العلف للحيوانات، التي بدأت تهزل وتضعف وأوشكت أن تموت، فالبقرة الهزيلة والتي في طريقها إلى الموت لن تتمكن من ذبحها أصلا لقلة اللحم الذي سينتج عن ذلك، بالإضافة إلى أن لا أحد يمتلك ثلاجة ليحفظ شيئا ليوم الغد فالتيار الكهربائي شيء قديم بات يذكره الأهالي".
 
يحدث أبو عدنان ابن كفربطنا، عن بيع الأهالي لأبقارهم وأغناهم لأحد تجار الألبان المشهورين والذي يسمى "المنفوش"، فالمنفوش هذا يمتلك ثمن العلف كما أنه يمتلك منشأة لإنتاج الألبان والأجبان تقع في دوما، ويقوم ببيع جزء من إنتاجه إلى قادة الفصائل العسكرية، والجزء الآخر يبيعه في مناطق سيطرة النظام، كما يؤكد الرجل أن المنفوش لا يبيع للأهالي داخل الغوطة أي جزء من منتجاته حتى ولو امتلكوا المال اللازم للشراء، فكمية إنتاجه بالكاد تكفي الفصائل العسكرية واحتياجات مناطق النظام التي يزودها هو بتلك المادة الغذائية الأساسية.
 
بدمعة تعلقت على خده الأيمن يكمل أبو عدنان ويقول: "منذ شهور عدة ماتت ابنة أخي جوعا، تلك الزهرة التي لم تتجاوز سنواتها الخمس الأولى، قتلها والدها دون قصد منه، إذ حار أخي بما يطعم به طفلته الوحيدة ولم يجد شيئا وخشي عليها من الموت، فبدأ بإطعامها (طعام الصيصان) وهو مزيج غذائي صناعي يستخدمه مربو الدجاج لتسمينه وبيعه، لكن الطفلة بعد فترة طويلة من استهلاك هذا النوع الوحيد من الغذاء فارقت الحياة".
 
يتهم ابن الغوطة الشرقية الفصائل بتجويع الاهالي لإشباع عناصرهم ومقاتليهم، وتحدث عن كيفية دخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية من مخيم الوافدين باتجاه بلدات الغوطة حيث تعترضها قوات من الجيش الحر في دوما وتفرغ الحمولة كلها في مستودعاتها، بينما البلدات التي تلي دوما كحمورية وكفربطنا وغيرها لا يصلها أي شيء من تلك المواد الغذائية التي تنتقل من المستودعات إلى عسكريي الحر، وأما المدنيون فلا أحد يفكر بهم".
 
يقول أبو عدنان: "غذاء الناس هو الفصة، وطعام الصيصان بالإضافة لخبز الشعير أسود اللون، وما يسمى بــ (الزعتر) وهو مادة تشبه الزعتر يتم تصنيعها في دوما من قبل بعض المتنفذين، وبدل أن يكون الزعتر مصنوعا من نبات الزعتر والتوابل اللازمة فإنه يصنع من قشور الجوز المطحونة، ويباع لنا كل كليلوغرام منه بأكثر من ألف ليرة سورية".
 
بينما يحكي بسخرية: "في دوما يهنأ الأهالي برغد العيش فهم في المنطقة (المدعومة) فلديهم الأفران وحتى أن العديد من محلات (الصفيحة) تنتشر هناك، وهذا ما يحدث عندما تقف الرعية إلى جانب قائدها وتنفذ أوامره بدقة".
التعليقات (1)
bob
الخميس، 09-07-2015 11:57 م
الله معكم . في النهاية كل شخص يحاسب علي اعماله