ملفات وتقارير

سيطرة الأكراد على تل أبيض تجدد الأسئلة حول تنظيم الدولة

شهدت مدينة العرب نزوحا لسكانها العرب إضافة إلى مقاتلي تنظيم الدولة بعد سيطرة القوات الكردية
شهدت مدينة العرب نزوحا لسكانها العرب إضافة إلى مقاتلي تنظيم الدولة بعد سيطرة القوات الكردية
أثارت سيطرة القوات الكردية على مدينة تل أبيض، شمال شرق سوريا، من يد تنظيم الدولة، العديد من التساؤلات العميقة، وفتحت أوراقا منسية، لا سيما بالنظر للدلالات الرمزية والأبعاد الاستراتيجية لهذه السيطرة، وآليتها وانعكاساتها المستقبلية عن المنطقة، فضلا عن الأبعاد الإنسانية للمسألة.

ويوصف خروج تنظيم الدولة من المدينة بأنه كان مذلا، فلم يعد عنصر التنظيم ذلك الرجل الأسطوري الذي يفضل تفجير نفسه في أعدائه على الاستسلام، فرمى سلاحه وسلم نفسه للدرك التركي، بل تعدى ذلك وسلم المدينة دون قتال.

يقول الناشط أبو محمد الحلبي، من ريف حلب الشرقي، لـ"عربي21": "تل أبيض سُلمت للقوات الكردية دون أي قتال. والغريب أنّ التنظيم لم يدافع عن هذه المدينة العربية السنية القريبة من عاصمته نهائيا، بل ترك أهلها لاجئين مشردين يستجدون الحكومة التركية كي تنقذهم".

ويتابع أبو محمد مبديا السخط الشعبي: "عند سيطرة التنظيم على أية مدينة جديدة تعلو أصوات الرصاص وتُقام الاحتفالات من قبل التنظيم بفتوحات دولة الخلافة، وتسقط تل أبيض ويهجر عشرات الآلاف من المسلمين دون أن يعلم أحد أو يرف للتنظيم جفن!"، حسب تعبيره.

ويبرر التنظيم انسحابه بأنه جاء لضرورات عسكرية، ولاختلال ميزان القوى على الأرض. فالمدينة مكشوفة، وطرق الإمداد مقطوعة.

وفي هذا السياق، يقول أيو حسن، وهو عنصر من تنظيم الدولة: "البقاء بالمدينة لو حصل ضرب من الانتحار والحمق، فقد استخدم التحالف طائرات الأباتشي للمرة الأولى في منطقة لا تساعد على الاختباء والتمويه، ناهيك عن رصد الطيران لكل إمداد يأتي، وبالتالي لم يكن أمامنا سوى الانسحاب مؤقتا ريثما نجد البديل"، وفق قوله.

لكن ترك هذا التبرير مزيدا من الغضب ويقول أحمد، العنصر السابق في الجيش الحر، لـ"عربي21": "من يعلن دولة وخلافة عليه الدفاع عن رعاياه وحمايتهم". ويتابع متسائلا: "أكان التنظيم يتوقع أن يفرش له العالم الورود؟! ألم يكن يعرف أنَّ الطيران سيقصف؟! فينبغي عليه إن كان عاجزا ألا يقيم الدولة أصلا ليشرد المواطنين في بلاد الله".

ويذهب بعضهم بعيدا متهما التنظيم بالتواطؤ مع القوات الكردية على تسليم المدينة، وإثارة النعرات العرقية والقومية بين السوريين.

ويوضح الحقوقي عمار، من ريف حلب، أنه "من يلاحظ خارطة عمليات التنظيم تجدها تسير على النحو التالي: التنظيم يهاجم منطقة عربية، تأتي القوات الكردية لإخراج التنظيم مدعومة بالتحالف وتهجر العرب، في عمليه تطهير للمكون العربي يشترك فيها التنظيم والقوات الكردية والتحالف"، إذ يُعتقد أنّ هناك رسم لخارطة جديدة في المنطقة.

لكن يبقى بعض السكان العرب في المنطقة يتقبلون تنظيم الدولة عموما أكثر من قوات حماية الشعب. ويقول الجامعي علي لـ"عربي21": "نحن نرضى بتنظيم الدولة ونقبل بوجوده رغم إساءاته، ولا يمكن أن نقبل كرديا يحكمنا. تربطنا مع التنظيم رابط الإسلام ولو شكليا، بينما قوات حماية الشعب حليفة للنظام تعادي الإسلام وتحكنا بقومية كردية"، وفق تقديره.

ويضيف علي: "ما نراه الآن من تهجير للعرب السنة في تل أبيض وريف الحسكة، وتجريف القرى العربية، يثبت أن قوات حماية الشعب (الكردية) هي الأسوأ، وتسعى لكيان جديد مدعوم من أمريكا للضغط على تركيا".

ويطرح التنظيم، رغم انسحابه من المدينة نظرية مخالفة تماما، إذ يقدم نفسه بديلا وحيدا، بل يقدم نفسه على أنه الوحيد القادر على حماية العرب السنة بعد تآمر الدنيا عليهم، على حد قول التنظيم.

ويقول أبو حبيبة الأنصاري، العنصر في تنظيم الدولة: "أثبتت عمليات التهجير العرقي للمسلمين السنة أن ذلك تم بدعم من التحالف الذي تشارك به دول عربية وإسلامية، فضلا عن استمتاع تركيا بمشاهدة المأساة دون القيام بشيء"، مضيفا: "لقد سقطت الأقنعة، ووجب على الجميع الالتفاف حول الدولة الإسلامية التي أخذت وحيدة على عاتقها حماية السنة" حسب تعبيره.

ويعتقد البعض أنَّ التنظيم يسعى حقيقة لدولة أو كيان كردي، وأنّ هذه الدولة ستحقق له مكاسب كثيرة محليا ودوليا. فهي من جهة تستقطب العرب السنة وتدفعهم للانخراط في صفوف التنظيم باعتباره أهون الشرين، ومن جهة أخرى تجبر تركيا على تقديم دعم عسكري ولوجستي لتنظيم الدولة للحيلولة دون قيام الدولة الكردية.

وما يعزز هذه المقولة تزامن معارك مناطق سلوك وتل أبيض مع عمليات اقتحام الريف الشمالي السني بينما كانت تستعد الفصائل الثورية في حلب لإطلاق عملية عسكرية لطرد قوات النظام السوري من كامل المدينة.

ويرى أبو محمد الحلبي أن "التنظيم لا يكترث بالدم السني، فسكينه لا تذبح إلا السنة بالغالب. ففي الوقت الذي يهجر فيه السنة في تل أبيض، يُهجرون (أيضا) من الريف الشمالي نتيجة قصف التنظيم ومفخخاته التي قتلت المسلمين ودمرت بيوتهم، فالمخخات للسنة، والتسليم للكرد" وفق تعبيره.

وتمثل تل أبيض نقطة استراتيجية لقوات الحماية الكردية، إذ تربط بين عين العرب (كوباني) غربا والحسكة شرقا، ما ترك هامشا من حرية الحركة لهذه القوات.

لكن في بالمقابل، يُعتقد أن تمدد الكرد نحو الغرب باتجاه عفرين سيكون صعبا، ذلك أن "المنطقة الممتدة من عين العرب إلى عفرين ذات غالبية عربية بامتياز، ولا يمكن ربط بقية المناطق إلا بعملية تهجير واسعة، وللأسف فإن التنظيم والتحالف كليهما يسعيان بإفراغ مناطق العرب السنة"، كما يقول المدرس عبد الله، من جرابلس الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في ريف حلب الشرقي.

ودفعت التطورات الأخيرة كثيرين للتشكيك بأهداف وارتباطات تنظيم الدولة الخارجية. ويعلق الحقوقي عمار بالقول: "الواقع على الأرض يشير لمؤامرة كبيرة تحاك للمنطقة، وتنظيم الدولة الأداة والذريعة لهذا المشروع".
التعليقات (1)
عبدالله
الثلاثاء، 23-06-2015 02:08 م
أظن أن مهمةالتنظيم .هي تطهير الارض من السنة و تقديم الارض للحشد و الكرد