قضايا وآراء

ربح أردوغان ... خسرت إيران

خليل المقداد
1300x600
1300x600
إيران منذ ثورة الخميني في العام 1979 لم يكن لها هدف أو مشروع سوى تصدير ثورتها الشيعية، فزرعت خلاياها في كل مكان استطاعت الوصول إليه، وزعزعت استقرار المنطقة من ماليزيا حتى جزر القمر، ولم تقدم يوما أي مشاريع اقتصادية أو سياسية تبرهن على حسن نواياها وقبولها بالآخر، لكنها بدل ذلك زرعت الحقد والطائفية، وعملت على تفتيت مجتمعاتنا في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن، ودول أخرى على وشك أن تنزلق بدورها إلى النفق المظلم.

إن أي متابع لما يحدث في المنطقة لن يحتاج إلى براهين تثبت حقد الدولة الصفوية الجديدة لكل ما هو عربي أو سني، لكن الانتخابات التركية وما أفرزته من نتائج كانت فرصة لإعادة اكتشاف حقدهم وتأكيده، فالفرحة التي عمت إيران كانت طاغية من خلال تصوير هذه النتائج على أنها هزيمة للرئيس التركي أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

هل حقا خسر أردوغان وحزب العدالة والتنمية الانتخابات؟ وهل يحق لإيران ومن هم على شاكلتها أن يشمتوا؟ 

الإجابة وبكل تأكيد هي: لا ...! لم يخسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية كما يحاولون تصويره، هو فقط لم يحقق الأغلبية المطلقة وبالتالي فإنه لن يستطيع تشكيل الحكومة منفردا، ولا تمرير مشاريع قراراته في البرلمان، لكنه ومع ذلك فاز في هذه الانتخابات متقدما على جميع الأحزاب رغم التحالف الكبير المناهض له من أحزاب وحركات وأركان دولة عميقة، تنتظر الفرصة للانقضاض على الحكم مجددا.

يقولون إن الضربة التي لا تقتلك تقويك، وبالتالي فإن الحزب إنْ لم يستطع تشكيل الحكومة التي تضمن سير البلاد على النهج الإصلاحي نفسه الذي بدأه، فلن يستطيع أي حزب آخر أن يشكل حكومة لأنه سيحتاج إلى دعم بقية الأحزاب المتنافرة عقائديا وسياسيا، وبالتالي فقد نشهد انتخابات جديدة تضع الكرة في ملعب الشعب التركي مجددا، كي يصحح الخلل ويعيد الأمور إلى نصابها أو أن يكتب بيديه نهاية حلم الدولة التركية المدنية الحديثة والقوية.

إن نتائج الانتخابات بحد ذاتها هي دليل على فوز أردوغان وحزب العدالة، وهي مؤشر على صحة وتعافي الحياة السياسية التركية، التي ما كانت لتترسخ لولا الجهود الجبارة التي بذلها هذا الرجل منذ وصولة إلى الحكم في العام 2002، وهو ما يعتبر معجزة القرن بالنسبة لتركيا التي كانت في طريقها إلى الانهيار. 

نعم فاز رجب طيب أردوغان وحزب العدالة، لأنهم انتشلوا وطنهم من براثن الضياع العلماني والانهيار الاقتصادي، نتيجة سيطرة العسكر على الحياة السياسية من جهة، وحجم التضخم الكبير والديون التي راكمها الفساد والحكومات التي تعاقبت على إدارة الشأن التركي من جهة أخرى. 

لقد فازوا لأنهم هم من حاور الكرد وفتح المجال أمامهم لممارسة الحياة السياسية ودخول البرلمان على حساب العدالة والتنمية نفسه، وهم من حقق الاختراق في العلاقة مع اليونان والاتحاد الأوروبي، وفتحوا الباب أمام حوار تركي أرمني يمكن أن يعالج قضية صراع تاريخي مزمن. 

فاز أردوغان لأنه هو من مد يده للجميع وجعل من تركيا الدولة رقم 17 عالميا من حيث قوة الاقتصاد، بعد أن كان ترتيبها 111 واستطاع تسديد ديون تركيا وجعل نسبة عجز الموازنة صفرا، وحقق نسبة نمو بلغت في بعض المراحل 9% ورفع دخل الفرد أكثر من 3 أضعاف ما كان عليه، وجعل من تركيا دولة تصدر منتجاتها إلى أكثر من 190 بلدا من أصل 192 بلدا بحجم تجارة خارجية مقداره 400 مليار دولار، وبناتج قومي بلغ 800 مليار دولار. 

فاز أردوغان لأنه استطاع تحجيم العسكر وكسر هيمنتهم على الحياة السياسية في تركيا منذ العام 1923، فحصر مهامهم في التفرغ لحماية أمن وحدود الدولة التركية.

نعم ربح أردوغان وحزب العدالة لأنهم وقفوا مع الشعب السوري ضد الطاغية، فاحتضنت تركيا اللاجئين السوريين وصرفت عليهم من ميزانيتها، حيث لم يقبل أردوغان أي مساعدات إغاثية خارجية، فهو كان ينظر إلى السوريين كإخوة وضيوف، لا كما ينظر إليهم بعض العرب.

في المقابل، من هم الشامتون الذين يصورون نتائج هذه الانتخابات على أنها خسارة لرجب طيب أردوغان وحزب العدالة؟

الشامتون قسمان قسم داخلي يتمثل في أحزاب سياسية تركية أكل الدهر عليها وشبع، ولم تقدم لتركيا سوى الديون والتضخم، وقسم خارجي يتمثل في إيران وأشياعها والكيان الصهيوني ونظام طاغية الشام، وبعض العرب المستعربة وبقايا أنظمة عربية مستبدة متهالكة! 

هؤلاء هم الشامتون بزعيم وحزب أدوا مهمتهم تجاه وطنهم على أكمل وجه وأعادوا تركيا إلى موقعها وحجمها الحقيقي، في حين أن إيران خسرت لأن هدف نظامها كان التمدد بدل التكامل وحسن الجوار فأرهق شعبه بدل أن يريحه، ووظف إمكانيات الدولة لدعم أنظمة وأحزاب وميليشيات طائفية تساعدها في إنجاز مشروع دولتها الصفوية الجديدة، فكانت النتيجة اقتصاد منهك وتضخم كبير وشعب جائع بات عدوا لمحيطه، فخسرت إيران لأنها زرعت الخراب والدمار الذي لا أشك للحظة أنه سيرتد عليها عاجلا غير آجل؛ فالجزاء من جنس العمل ومن يزرع الشوك لن يحصد الورد.
التعليقات (2)
محمد عبد الهادي
الجمعة، 12-06-2015 08:02 م
وأكبر فوز حققه أردغان أنه أدار إنتخابات تحت حكومة منبثقة عن حزبه، حزب الأغلبية، دون أن يؤثر على نتائجها... فعدم حصوله على الأغلبية دليل على حياد إدارته تجاه العملية الإنتخابية. وهذه قمة النزاهة التي لا يراها أعداء الحياد والشفافية. وقبل أردغان من كان من العالمين ينتظر نتائج الإنتخابات التركية. فمتابعتها أصبحت لا تقل بريقا عن متابعة الانتخابات الأمريكية. لأن نتائجها لم تعد حكرا على الشعب التركي، بل امتدت الى الجوار بل القارتين (للمعلومة تركيا متناصفة بين آسيا واوروبا) بل العالم. وصدق المتنبي القائل: إدا أتتك مذمتي من ناقص*** فهي الشهادة لي بأني كامل
pearls shine
الجمعة، 12-06-2015 06:06 م
تهلص أؤدوغان من العلمانين. خير للشعب التركي أماتخلص الثوره أ?يرانيه من ألأمبر اطور رظا فهو ظد المنطقه . نقلت تركيأ الحقيره كل معامل أهل حلب وتدخلها في العراق وسوريه ومصر ولبيا ماذا تسميه ماهذه أ?زدواجيه في معاي أ?مو . صيف وشتاء على فد صطح. كما تقول جداتنا .