سياسة عربية

حوار مسقط يزيل القناع عن شعار "الموت لأمريكا"

السفارة الأمريكية في صنعاء ارتبطت بصلات وثيقة مع الحوثيين ـ أرشيفية
السفارة الأمريكية في صنعاء ارتبطت بصلات وثيقة مع الحوثيين ـ أرشيفية
كشفت المحادثات الحوثية/ الأمريكية التي تحتضنها العاصمة العمانية مسقط منذ أيام، القناع عن حقيقة شعار "الموت لأمريكا" الذي ترفعه جماعة "أنصار الله" المعروفة بالحوثي منذ تأسيسها في شمال اليمن.

وأدى الحوار الاستراتيجي بين واشنطن ووفد جماعة الحوثي، منذ أيام في سلطنة عمان إلى إعادة تسليط الأضواء مجددا على إستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في اليمن، رغم أن حلفائها في الخليج يعتبرون جماعة الحوثي خطرا على أمنهم القومي.

وأثارت مفاوضات مسقط العديد من الأسئلة حول الملفات المثيرة للجدل التي جرى التباحث فيها بين الجانب الأمريكي والوفد الحوثي، والتي دفعت بمحللين يمنيين إلى اتهام الإدارة الأمريكية بإعطاء شرعية للانقلاب الحوثي وغض الطرف عن جرائم الجماعة بحق اليمنيين في عدن  والضالع وتعز ولحج ومأرب.

واشنطن تنقذ انقلاب الحوثي

ويرى الكاتب والباحث السياسي اليمني نبيل البكيري أن "حوار مسقط تجسيد لحقيقة الدور الأمريكي المساند للمليشيات الشيعية باعتبارها جماعات وظيفية يمكن استخدامها بسهوله في حروب أمريكا العبثية ضد ما تسميه بالإرهاب".

وقال في حديث خاص لصحيفة "عربي21"، إن "هذا الحوار بين الجانب الأمريكي ووفد الحوثي،  يأتي أيضا كحالة بحث عن مخرج للانقلاب الذي قامت به الجماعة في اليمن، ومحاولة فك العزلة والحصار الدولي عليها، من خلال الدفع بهذه المليشيات إلى طاولة مفاوضات دولية يعترف الجميع بأطرافها باعتبارهم مكونا رئيسيا وفاعلا في تقرير مصير اليمن".

وحذر من خطورة هذا الإجراء من قبل واشنطن والذي اعتبره "قفزا على قرارات الإجماع الدولي وتحديدا القرار "2216" الذي يطلب بسحب المليشيات من المدن وتسليم السلاح كمقدمة للحل والتفاوض".
وأضاف أن "الذهاب إلى جنيف بالرغبة الأمريكية فقط يعني سقوط القرار الدولي رقم "2216" والاعتراف بالحوثي كسلطة أمر واقع".

وأوضح الباحث البكيري أن "الحوثيين يقدمون أنفسهم للأمريكان كنقيض موضوعي للإسلامية الحركية بشقيها المتطرف والمعتدل، وهذا ما يشجع الإدارة الأمريكية باستخدامهم في تصفية خصوماتها ــ أي أمريكاــ  مع الإسلاميين".

وأشار البكيري إلى أن المفاوضات الجارية في مسقط، "تكتنفها السرية التامة، ولم يظهر منها شيء حتى اللحظة، لكن المؤكد هو أن هدفهم واضح  وهو تسليم ما لم يمكن تسليمه عسكريا للانقلابيين، يتم تسليمه سياسيا والاعتراف بسلطتهم".

وحول الكيفية التي ستتعامل بها دول الخليج العربي التي تقود عمليات عسكرية ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع المخلوع علي عبد الله صالح ، أكد الكاتب والسياسي البكيري أن "الخليجيين عولوا كثيرا على أمريكا التي سلمتهم على طبق من ذهب للنفوذ والهيمنة الإيرانية، وهذه حقيقة لا مناص من البوح بها".

رسم خطوط التعاون الأمريكي الحوثي

من جهته، أكد رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث أنور الخضري أن "واشنطن نسجت منذ وقت مبكر، علاقات واسعة في المنطقة لتستثمرها لصالحها عند الضرورة واتصالاتها بالأقليات الدينية والمذهبية والعرقية، تأتي في سياق استغلال ظروف تلك الأقليات ومنها الحركة الحوثية وتوظيفها لخدمة أطماعها".
وأضاف أنور الخضري، أن "السفارة الأمريكية في صنعاء، ارتبطت بصلات وثيقة مع الحوثيين منذ فترات سابقة".

وقال  في حديث خاص لصحيفة "عربي21":  "أمام ثورة الربيع العربي في اليمن وما تعنيه من التحرر وكسر روح التبعية والأنظمة التي كانت ترسخها، تبدو أمريكا مضطرة للتحالف مع كل القوى التي يمكنها عرقلة هذا التحرر بكل أطيافها". ولعل وأبرزها جماعة الحوثي المتحالفة من علي عبد الله صالح التي أطاحت به الثورة في 2011.

وبين الخضري  أن"واشنطن لربما تفاهمت في حوار سلطنة عمان مع الوفد الحوثي على الحفاظ على قيادة الحركة الحوثية، ومقدراتها في الحد المعقول والمؤثر مستقبلا".
"لذلك هناك ضغوط أمريكية على التحالف العربي للتوقف دون القضاء على هذه الأذرع والآليات، لأن من شأن ذلك تمهيد الطريق أمام القوى الوطنية". على حسب وصفه.

ويعتقد رئيس مركز الجزيرة العربية  أن مفاوضات السلطنة رسمت الوظائف والأدوار وخطوط التخادم الأمريكي الحوثي"، كما أنها "ستعمل على إظهار الحوثيين بعد هذه الحرب كقوة معترف بها إقليميا ومحليا غير منكسرة ولا مهزومة".

ولفت إلى أنه "رغم كل الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق اليمنيين، لم يتم إعلان أي إدانة دولية أو أمريكية بشأنها".

وذكر الخضري أن "الإدارة الأميركية تريد وكلاء حرب للقيام بالمهمات القذرة؛ كما تريد قوة ردع تتخذ كعصاة غليظة على أي تقدم لقوى الإسلام السياسي في اليمن، وكلا الأمرين تبرع به الحوثيون".

 وأفاد رئيس مركز الجزيرة أنور الخضري أن"دول الخليج ليست على قلب رجل واحد، حتى وإن وقفت ظاهريا مع السعودية لأن لها مواقف مسبقة".

وتابع الباحث "أما السعودية فقد ترضى بما أنجزته من تدمير للبنية العسكرية، كأمر كان يتهددها"، متوقعا أن تتكيف الرياض مع مخرجات الحوار الاستراتيجي بين واشنطن والحوثيين في عمان بسياسة جديدة، وخصوصا بعدما اتضح أن الرئيس هادي ونائبه خالد بحاح يلعبون دورا قذرا في الكواليس".

وتجري سلطنة عمان التي يزورها وفد من جماعة الحوثي مباحثات سياسية مع أطراف يمنية أخرىـ برعاية أمريكية وبدعم من طهران، للانتقال إلى مفاوضات بين الأطراف اليمنية لإنهاء الأزمة الحاصلة.


التعليقات (0)