مقالات مختارة

هل هناك صحفي محايد؟

رسول توسون
1300x600
1300x600
كتب رسول توسون: لم أؤمن يوما بالحيادية، ولم أصدّق يوما أن هناك إنسانا محايدا، وبرأيي أن لكل منا طرفا معيّنا يدافع عنه.

ثمّ، ألا تُعتبر الحيادية نفسها طرفا يدافع البعض عنه؟

وفي النهاية فإن الصحفي أيضا إنسان. وكأي إنسان، فإنه لا بد أن يحن قلبه لأحد ما.

فهذا الأمر ليس عيبا ولا حراما ولا عملا لا أخلاقيا، فقلوبنا لا تستمع للقوانين.

أي إنني أظن أن بإمكان الصحفي أيضا أن ينحاز إلى طرف معيّن، وليس في الأمر مشكلة.
...

في الصحافة، ليس المهم هو الانحياز إلى طرف ما.. المهم هو العدل.

انظروا إلى الصحافة التركية؛ هل يوجد فيها أي حيادية؟

لكل صحفي فيها طرف يدعمه.

وأنا لا أستنكر هذا؛ فبإمكانهم دعم من يشاءون، سواء أكان شخصا أم جماعة أم حتى ناديا رياضيا معيّنا أو حزبا سياسيا.

نعم، بإمكانهم دعم من يشاءون. هذا أمر طبيعي، وبإمكانهم مدح الطرف الذي يدعمونه كيفما شاءوا، وهذا أيضا طبيعي جدا.
..

ولكنني أقيس مصداقية الأخبار التي ينقلها الصحفيون بحق الطرف الذي يؤيّدونه بمقدار مصداقيتهم في نقل الأخبار بحق الطرف الآخر.

وأتغاضى عن المدح المبالغ فيه للطرف الذي يؤيّدونه، ولكن لا أجد من الصواب شتم الطرف الآخر على أثر أبسط الأخطاء.

وفي هذه النقطة تحديدا، أقول إن بإمكان الصحفي أن ينحاز إلى طرف معين ولكن عليه أن يعدل. ولا ينبغي له أن يظلم الطرف الآخر.

عليه أن يترك مجالا لدفاع الطرف الآخر عن نفسه وعن أفعاله الصحيحة.

الانحياز ليس عيبا ولكن الظلم إثم ولا أخلاقية.
...

لا أعلم ما إذا كنتم تتابعون المسلسل البوليسي المسمى "filinta" الذي تعرضه قناة "trt 1".. في المسلسل يجسّدون شخصية القاضي غياث الدين حاتمي.

هو مثال للعدالة...

أصدر هذا القاضي حكما قاسيا على ابنه الذي ربّاه لأنه تسبّب في موت صاحبه، لم يكن حياديا في قراره، كان منحازا لطرف ابنه مصطفى ولكنه أصدر عليه هذا الحكم لأنه كان عادلا.

وفي مشهد آخر، يُلقى القبض على رجل أعمال يسمى زاهارياس متّهم بالتهريب والقتل والكثير من الجرائم. فلم يكن هذا القاضي حياديا معه. كان يتمنى أن يصدر حكما ضدّه، ولكنه أصدر حكما ببراءته لعدله، إذ إن الأدلة لم تكن كافية.
...

فلا يخدعنّكم الصحفيون الذي يقولون إنهم حياديون، في حين أنهم يقومون بنشر أخبار غير عادلة بحق الطرف المخالف لهم.

فهم أنفسهم يعلمون أنهم منحازون ويعلم هذا المخالفون لهم والعالم كله.

وكما قلت هذا الفعل ليس خطأ.

إنما الخطأ هو تشويه صورة الطرف الآخر بأخبار ملفّقة كاذبة وضربه تحت الحزام وتهديده.
وهذا عمل لا أخلاقي ونفاق وخبث.

ولا يقوم بمثل هذا العمل أي إنسان شريف.

(عن صحيفة "ستار" التركية- ترجمة وتحرير: عربي21)
التعليقات (0)

خبر عاجل