بورتريه

بورتريه: أحمد الزند.. قاضي "أتوبيسات" وزارة العدل

أحمد الزند
أحمد الزند
يصنف بأنه من القضاة المتشددين، الذي يؤيد أحكام الإعدام بحق المعارضة السلمية والحملة الأمنية المفتوحة ضد جماعة الإخوان المسلمين.

وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قرار تعيينه قبل أيام في منصب وزير العدل خلفا لمحفوظ صابر، بعد استقالة الأخير على خلفية تصريحات اُعتبرت عنصرية، بأنه "كارثة للعدالة في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان".

وينقل البعض عن الناشط الليبرالي شادي الغزالي قوله: "تعيينه جزء من الاتجاه لتعيين المعارضين لثورة 25 يناير، التي أطاحت بالمستبد المخضرم حسني مبارك في عام 2011".

يعد تعيينه رصاصة ماكرة أطلقت من فوهة بندقية صدئة إلى صدور الشهداء من جديد.. فهو أحد رموز تجريم الثورة واعتبارها مؤامرة ونكسة، وهو شيخ وإمام ومفتي هؤلاء.

يثير الشكوك حوله وحوله العدالة في مصر، وهو نفسه نشر العام الماضي خطابا على موقع "اليوتيوب" يندد بالثورة قائلا: "إن الثورة سمحت للإخوان بالاستيلاء على السلطة"، وقال في تصريحات منفصلة حول القضاة: "نحن أسياد هذا الوطن".

ووصف البعض تاريخه المهني بالفشل، كما تم اتهامه بتولي رئاسة نادي القضاة عام 2009 بواسطة الدعم المباشر من وزير العدل الأسبق ممدوح مرعي، وحشد غير مسبوق للقضاة في " أتوبيسات " وزارة العدل لإبعاد "تيار الاستقلال" عن النادي.

ولد المستشار أحمد الزند عام 1946 في محافظة الغربية بطنطا، وتخرج في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 1970، أُعير عام 1991 إلى الإمارات العربية المتحدة، وعمل رئيسا للمحكمة الشرعية لإمارة رأس الخيمة. 

وتدرج في السلك القضائي حتى منصب رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة، وهو المنصب الذي شغله قبل توليه رئاسة نادي القضاة.

وكعادته، لزم الصمت حين تعاملت قوات الأمن بشكل مهين مع زملائه من قضاة مصر الشرفاء في وقفتهم أمام ناديهم في 2006، ولم يخرج المستشار الزند مدافعا عن زملائه حينها.

وتعرض لمحاولة اغتيال في كانون الأول/ ديسمبر عام  2012، بعد عقد مؤتمر طالب فيه الزند بإقالة النائب العام، فقام محتجون بإطلاق النار على الزند ورشقوه بالحجارة، وأصيب على إثر ذلك بإصابات في الرأس. 

يعد من المحسوبين على نظام حسني مبارك، ومن الوجوه التي خاضت معارك ضد "تيار استقلال القضاء". 

كما يعدّ من أبرز المعارضين للرئيس المعتقل محمد مرسي، ومن المعارضين للإعلان الدستوري الذي صدر في عام 2012، ووصفه بأنه "حادث أليم ألمّ بالأمة".

كثرا ما وصف رئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور الذي يلقبه المصريون بـ"ترزي قوانين مبارك " بالأب الروحي للقوانين في مصر.

وتمادى أكثر أبان الثورة المصرية حين قال: " إن القضاة المتواجدين في ميدان التحرير لا يمثلون قضاة مصر؛ لأن القضاة يجب ألا يشاركوا الغوغاء والعامة"، ليعود بعد نجاح الثورة لينفي ما قاله ويؤكد أن تصريحاته "فهمت بشكل خاطئ ".

لكنه  عاد وحرض القضاة على المشاركة في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 التي أعقبها الانقلاب على مرسي، يوم 3 تموز/ يوليو 2013.

و تسبب الزند في إحداث أكبر أزمة مالية لنادي القضاة، ما دفع بعض القضاة لإقامة دعوى قضائية ضده ما زالت تنظر حتى الآن.

ويتهمه محامون بالرشوة وإهدار المال العام وبالتربح واستغلال النفوذ.

ويرى رئيس نادي القضاة الأسبق، المستشار زكريا عبد العزيز ،أن الزند شخص "دائم الإساءة للقضاة" ، فيما يصفه المستشار أشرف عمران بـ"شخص مترنح لا يقف على أرض ثابتة". 

وتعيينه في منصب وزبر العدل يوضح منهج الدولة العميقة في مصر في التعامل مع القضاء وواقعها القائم على الطبقية.

ومشكلة النظام  مع الوزير المقال "محفوظ" ليست لأنه عنصري، وإنما لأنه أعلن عن طبقية الدولة، فالزند له تصريحات إعلامية أشد حدة وعنصرية من تصريح سابقه، مثل "القضاة أسياد والباقي عبيد"، و"أن لديه قناعة راسخة بأن التوريث في القضاء بمثابة زحف مقدس لا يمكن لأحد أن يمنعه أو يقف أمامه"، ما يعني أنه من أكبر المدافعين عن المحسوبية والتمييز الطبقي ومعاداة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

وبدا وكأن تعيينه رسالة تؤكد أن تحقيق العدل، واستقلالية السلطة القضائية، أو حتى مواجهة العنصرية والطبقية، وعنف رجال الشرطة، ليست من اهتمامات الدولة المصرية الحالية بعد الانقلاب العسكري، إذ إن ما يهمها هو تعيين وزير من المنتمين للنظام يمكنهم من التدخل في أعمال السلطة القضائية والسيطرة عليها وتوجيهها خدمة لسياسات السلطة ضد معارضيها.

وفى السياق، يوضح عضو المكتب السياسي لـ"حزب التجمع" أحمد بلال،" أن الحكومة أقالت وزير العدل السابق لمجرد تصريح، وجاءت بـالزند الذي يتحدث بشكل فج عن السادة والعبيد والزحف المقدس للقضاة"، مؤكداً "أن الأمر ليس تغيير سياسات، بل تغيير وجوه فقط."

ويتوافق معنى كلمة الزند في اللغة، مع وصف الحال في مصر وتعيين الزند وزيرا للعدل، فهو مشعل للنار وللحرائق، ولن يكون أبدا عامل تهدئة ومصالحة ونزاهة، وسيرسخ بوجوده في الوزارة العقلية الثأرية والانتقامية في القضاء، والعودة إلى الأحكام القضائية التي تصدر يناء على مكالمة سياسية، وليس احتكاما للنزاهة وللقانون.
التعليقات (0)