ملفات وتقارير

احتجاز مرزاعين بالساحل السوري لتجنيدهم.. وإغراءات مالية بالشرق

تزايد قتلى النظام يعقد مهمته في تجنيد المزيد من المقاتلين - أرشيفية
تزايد قتلى النظام يعقد مهمته في تجنيد المزيد من المقاتلين - أرشيفية
ضمن مساعيه لتعويض الحاصل في قواته، لجأ النظام السوري مؤخرا إلى إجراءات جديدة. فإضافة إلى اعتقال الشبان على الحواجز، وتجنيد النساء والفتيات، وخاصة من عائلات قتلى قوات النظام، وزجهن على الجبهات أو لحماية القوات المهاجمة من الخطوط الخلفية، عمد النظام إلى اعتقال مزارعين وفلاحين من المناطق الموالية له للزج بهم على جبهات القتال.

فقد احتجزت قوات النظام السوري الخميس نحو 500 شخص من المزارعين والفلاحين، العاملين في الأراضي الزراعية والبيوت البلاستيكية، في المناطق الساحلية الواقعة بين طرطوس وبانياس، وتحديدا في قرى خراب مرقية وكفرسيتا، ووطى متن الساحل، ووطى زمرين، بعد انتشار عناصر الأمن والمخابرات في هذه القرى بحثا عن القادرين على حمل السلاح، بهدف التجنيد الإجباري والاحتياطي.

وقال معن، وهو اسم مستعار لناشط سوري من الساحل، لـ"عربي21": "إن الفلاحين كانوا قادمين من سهل الغاب في محافظة حماة في المنطقة الوسطى من سوريا، الواقعة بين جبال اللاذقية غربا وجبل الزاوية شرقا، وفي طريقهم إلى الأراضي الزراعية في المناطق الساحلية حيث يعملون، تفاجأوا بأعداد كبيرة من الشبيحة وعناصر النظام المسلحة تطاردهم، وتقوم باعتقال كل من تصادفه في طريقها".

وجاءت حملات الاعتقال المتتالية في المناطق الساحلية الموالية، ومسقط رأس بشار الأسد، بعد نداءات عديدة فاشلة للشبان القادرين على حمل السلاح، وتمرد الشباب العلوي من الالتحاق حتى بالخدمة الإلزامية، بعد مقتل الكثير من الشبان من أقاربهم الجبهات الساخنة في سوريا.

ومع تزايد أعداد القتلى في صفوف قوات النظام السوري، وفرار أعداد أخرى، وخصوصا من المنحدرين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد، من الخدمة، عمد النظام في الفترة الأخيرة على دعم قواته المسلحة بإنشاء كتائب رديفة قوامها من النساء، وذلك بفتح مكاتب لتجنيد وتطويع الفتيات في القرى والبلدات الساحلية العلوية ضمن محافظة طرطوس ومناطق أخرى تخضع لسيطرة النظام السوري.

وأكد ناشطون معارضون إن عمليات تدريب المتطوعات تجري في كل من حمص وريفها، وفي مناطق ريف حماه، وريف اللاذقية، حيث يتم إعدادهن بدنيا لزجهن إلى جانب قوات النظام من الرجال.

مليشيات وحدات المغاوير:

وفي سياق متصل، ذكر ناشطون في محافظة دير الزور، شرق سوريا، أن النظام السوري سلم ملف الرافضين الخدمة العسكرية في صفوفه إلى مليشياته الموالية في المحافظة التي يتقاسم النظام السيطرة عليها مع تنظيم الدولة.

فمع فشل قوات النظام السوري والمليشيات المساندة في كسر الحصار الذي يفرضه تنظيم الدولة على أحياء دير الزور المدينة منذ عدة أشهر، إضافة إلى عجز النظام عن تجنيد المزيد من شباب المنطقة  في صفوفه، لجأ النظام إلى مخطط جديد يهدف إلى كسب شباب دير الزور من الشباب في صفوفه، معتمدا في ذلك على مليشيا كان قد شكلها في الفترة الماضية، وتعرف باسم "وحدات المغاوير" والتي تعمل تحت وصاية الأمن العسكري في مدينة دير الزور، ويقودها ضباط الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد.

وقد عمد النظام إلى تسليم ملف الرافضين للخدمة الإلزامية في صفوفه إلى قيادة تلك المليشيات بشكل كامل، إضافة إلى تقديم مغريات مادية تفوق ما يقدمه جيش النظام لعناصر المجندين أو المتطوعين ضمن صفوفه.

المشروع الجديد، بحسب ما وضحته مليشيا وحدات المغاوير، سيعتمد على تنفيذه على ثلاثة محاور لجلب الشبان الرافضين أو المتخلفين عن الخدمة العسكرية. المحور الأول يتضمن إعفاء كل من كان متخلفا أو رافضا الخدمة الإلزامية في قوات النظام، وأنه سيعفى من العقوبات المتخذة بحقه، مع الإعفاء من الغرامات المترتبة عليه، شريطة أن ينضم لتلك المليشيات.

والمحور الثاني وهو العامل المادي، والذي يعد العامل الأساس لهذا المشروع، حيث يسعى النظام السوري، عبر بوابة مليشيا وحدات المغاوير، لتقديم مبلغ مالي للمجندين يفوق ما يقدم للعنصر العامل ضمن صفوف قوات النظام بثلاثة أضعاف، حيث تعهدت تلك المليشيا بتقديم مرتب شهر بقيمة 50 ألف ليرة سورية (200 دولار أمريكي) لكل متطوع. ويستغل النظام السوري الفقر الذي تشهده الأحياء الخاضعة لسيطرته في مدينة دير الزور، وشح المواد الغذائية بسبب الحصار المفروض عليهم من قبل تنظيم الدولة، علما بأن النظام السوري يدرك أن غالبية من يتجه لحمل السلاح ضمن صفوفه يذهب إلى مثل هذه المليشيات بسبب الصلاحيات المفتوحة وقوة النفوذ والسلطة، وكل أعمالهم مشروعة، وفق ما تراه قيادة تلك المليشيات مناسبا.

أما المحور الثالث فهو محور قانوني، حيث أعلنت مليشيا وحدات المغاوير أن من يود الانضمام إليها، ستكون فترة حمله للسلاح محسوبة تلقائيا ضمن الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام العسكرية، أي من يقبل التجنيد لصالحها سيحمل السلاح وكأنه أحد عناصر الجيش، وبالتالي سيكون كل متطوع قد استفاد من العامل المادي، والعامل السلطوي الذي يمنحه صلاحيات تفوق تلك الصلاحيات التي منحها لعناصر جيش النظام.

وسعت قيادات أمنية تابعة للأمن العسكري في مدينة دير الزور، خلال الفترة الأخيرة، إلى تشكيل قوات حشد شعبي مماثلة لأخواتها في العراق، إلا أن تلك القيادات فشلت، على ما يبدو، في الوصول لهدفها، بسبب ضعف الإقبال  عليها، وغياب العامل المشجع حينها، الأمر الذي دفع النظام يحول المشروع من اليد الأمنية إلى بوابة المليشيات مباشرة.
التعليقات (0)