مقالات مختارة

تحشيشة الشريان والمولد!

خلف الحربي
1300x600
1300x600
كتب خالد الحربي: لم يكن ينقص الحوار التلفزيوني الذي أجراه الزميل داود الشريان مع السجين خالد المولد سوى الحشيش كي تكتمل (السطلة الفكرية)، فكل شيء في ذلك الحوار كان بعيدا عن المنطق ومثيرا للضحك بدءا من آراء المولد العجيبة وانتهاء بردود فعل داود وأسئلته الطريفة التي كان (يمزمز) فيها على ضيفه العجيب بدلا من محاكمته على الهواء كما يفعل عادة مع ضيوف برنامجه الشهير.

لم أتحمس في البداية لمشاهدة هذا الحوار لأنني لا أميل إلى هذه النوعية من الحوارات، ولكن بعد ملاحظتي لردود الأفعال الهائلة لهذه المقابلة دفعني الفضول لمشاهدتها على شبكة الإنترنت، وبقدر ما ضحكت على هذه المقابلة المشحونة بالكوميديا من الطرفين بقدر ما استوقفتني بعض العبارات المهمة التي قالها المولد والتي تؤكد أنه تلميذ نجيب لمدرسة فكرية اعتادت على فرض آرائها بالقوة وتكفير كل من يختلف معها بالرأي وقتله إذا لزم الأمر.

في ذلك الحوار قال المولد - الذي يعتبر نفسه المسلم الوحيد في هذا العالم - إنه أعلم بالدين حتى من الإمام مالك، وهذا أمر مثير للانتباه لأن المدرسة الأصولية المتشددة تدرب أتباعها على عدم مناقشة علمائهم ومشايخهم والخضوع التام لهم دون أي فرصة لاستخدام العقل الذي أنعم الله علينا به، ولكن في كل مرة يظهر رجل ما تقلقه مسألة ما لا يجد لها جوابا فيخرج عن دائرة الطاعة العمياء ويهدم المعبد على من فيه ويكفر مشايخه مستخدما الحجج ذاتها التي حقنوه بها هم دون غيرهم ومن هنا تنشأ شرارة الإرهاب، حيث يخرج رجل ما عن القطيع ويهاجمه بضراوة، وقد حدث هذا من قبل مع جهيمان ومع أسامة بن لادن، رغم أنهما لم يستخدما الحشيش في حياتهما مثلما حدث مع المولد، وهذا يدل على أن الفكر الأحادي الضاغط على العقل تأتي انفجاراته دائما من داخله وهو فكر شديد الخطورة على أهله قبل أن تمتد خطورته إلى الآخرين.

وإذا كان الكثيرون قد أرعبتهم كلمات المولد التي تبنى فيها فكرة قتل الجميع بمن فيهم الزميل داود الشريان فإنني شعرت بتعاطف شديد معه، لأن الذنب ليس ذنبه ولا ذنب الحشيش الذي كان يتعاطاه قبل توبته المدمرة، بل ذنب المدرسة الفكرية التي جعلت الشكل أهم من الموضوع فاستسهلت تكفير عباد الله وروجت لمبدأ القتل لمجرد الاختلاف في وجهات النظر لأنها مدرسة ضعيفة وهشة فكريا وإنسانيا لا تستطيع مقارعة الحجة بالحجة ولا قراءة تغيرات الزمان والمكان ولا تملك حلولا لمواجهة تقلبات العصر لذلك تتسلح دائما بمبادئ التكفير والقمع والقتل وإجبار الناس على اتباعها قهرا، ولكن في كل مرة يخرج من هذه المدرسة تلميذ نجيب (ذاكر أكثر مما يجب) فيتمرد على المدرسة نفسها ويعلن عن رغبته الشديدة في تدمير العالم!.

(عن صحيفة عكاظ السعودية- الثلاثاء 20 أيار/ مايو 2015)
التعليقات (1)
pearls shine
الأربعاء، 20-05-2015 12:52 م
أليس هذا هو مذهبكم بدون رتوش.؟؟؟