قضايا وآراء

ماذا يعني القبض على دربالة أثناء حملته على داعش؟

حسن الخليفة عثمان
1300x600
1300x600
القضاء على الفكر التكفيري ومنابع التطرف والغلو الذي يولد العنف والإرهاب يعني إنهاء السبوبة التي تُحتل تحت ذريعتها بلاد المسلمين، ويقبع بها الطغاة على عروش الحكم في البلاد، ويفرضوا الرعب بها على الشعوب.

الحملة التي نظمتها الجماعة الإسلامية على مستوى محافظات مصر من شمالها إلى جنوبها آتت ثمارها، وتأثر بها الكثير من الشباب الذين كادوا أمام الهجمة الدموية الشرسة أن تتخطفهم أنياب التكفير ويسقطوا في دياجير هذا المرض العفن، ويتحولوا إلى كتائب من الخوارج الذين يصولون ويجولون في استحلال دماء وأعراض العباد.

وقد أصر السيد الدكتور عصام الدين دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية على أن يقود الحملة بنفسه رغم ظروفه الصحية، وذلك من قبيل استشعاره خطورة الأمر ولما فتح الله به عليه من غزير علم وساطع برهان في هذا المجال الذي لا يشق له فيه غبار.

كما كان له كبير الفضل في العبور بالجماعة الإسلامية أثناء ذروة الانقلاب الدموي المسلح إلى شاطئ العقل وإعلائها لصوت الحكمة والسلام، وجنوحها إلى ضرورة الحل السياسي الذي يلبي مطالب المؤيدين والمعارضين، كما لم يقبل الوقوع في حضيض التآمر على الرئيس الشرعي المنتخب ليخسر وحزبه وجماعته رصيدهم في قلوب الجماهير، بل وقفوا موقفا وسطاً ومنصفاً حاز احترام الخصم قبل الصديق.

ماذا يعني القبض على السيد دربالة في هذا التوقيت؟

إنها رسالة واضحة لا لبس فيها إلى الشباب، الذي تأثر بدعوة ومنهج دربالة في صفاء ونقاء العقيدة والبعد عن الغلو والتكفير والتفجير، مفادها أن هذا هو مصير أمثاله ومصير كل داعية إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة دون ممالأة للظالمين والركون إليهم والتحول إلى بوق نفاق للسلطة.

إنها رسالة واضحة للشباب: أمامكم خيار من اثنين، إما العمالة التامة والعبودية الكاملة، وإما الذهاب إلى التكفير والتفجير، أما الوسطية ونبذ العنف والعمل السلمي فلا مكان له، وها هو الدليل، فالذي كان بينكم منذ قليل يحدثكم في مخاطر التكفير والتفجير يُساق إلى المعتقل ومنه إلى النيابة حيث النسخة المطبوعة الجاهزة .

هل للقبض على السيد عصام دربالة تفسير غير هذا عند العباقرة الذين لم يعد لهم هم ورسالة وهدف وغاية سوى الانتقام لما جرى للمخلوع مبارك؟

كلنا يعلم أن حكاية اللص ستنتهي في النقض بعد أن ينسى الناس قليلا، وهذه لا تشغلنا  بقدر ما يشغلنا عقول ومقدرات وطن ودولة لا يرى القائمون على حكمها الآن فيها متسعاً وحقاً لأمثال فريد إسماعيل الذي مات بالغيبوبة في المعتقل دون أن تتحرك له منظمات حقوق الأرمن المصرية؛ لأنه ليس من الأرمن، والتي يبدو أنها في غيبوبة من شدة حزنها على ضحايا الأرمن.

جاء قرار القضاء بعدم حظر الجماعة الإسلامية قراراً موفقاً، وأحدث دوياً على الصعيد الداخلي والدولي كنا سنتناوله بأبعاده في وقت لاحق، ومما لا شك فيه أنه سجل نقطة في صالح الانقلاب بما بعث به من رسائل للداخل والخارج، ثم يأتي قرار القبض على السيد دربالة الآن ليبدو وكأنه إفساد للقرار والحكم، وتفريغ له من مضمونه ورسالة سيئة للمنطقة التي يمكن أن تكون مركز التقاء مقبول بين الطرفين المتنازعين على السلطة إذا تجردا وقررا ذلك.

القبض على السيد دربالة الذي رفض رفضاً قاطعاً الخروج من مصر، واختار البقاء على الخروج، وأن يبذل قصارى جهده للسعي للخروج بمصر من النفق الذي دخلت فيه، يكفأ اليوم بالزج به إلى المعتقل ونيابة أمن الدولة.

"فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"
التعليقات (11)
سامي علي
الإثنين، 05-10-2015 04:29 م
وماذا فعلت انت ياحسن الخليفة عثمان لهذا الدين العظيم وللمسلمين؟
أبوبكرعمر
الخميس، 13-08-2015 02:17 ص
لأنه يحركناشرع ودين لاهوى ولاجهل فأناعلي الدرب ساءيرون
أم احمد
السبت، 16-05-2015 12:07 م
ان التطرف الديني يتناقض مع الفكر ا?سلامي الوسطي وليس له علاقة بتاريخنا ا?سلامي إنما يعود إلى إساءة هذه الجماعات المتطرفة للدين واستغلالها بعض إلاراء في التراث ا?سلامي وتأويلها لتلك النصوص بما يخدم أهدافها ورؤاها المشبوهة . ? أحد ينكر وجود آراء متطرفة ووجود فقهاء وعلماء لهم رؤية متشددة فرضتها ربما الضروف المحيطة بهم لكن ان تسقط تلك الجماعات الآراء المتطرفة على عصرنا فهذه جريمة. فلما تنامت صورة العنف والتطرف وضعف صوت العقل أدركت الجماعة ا?سلامية وعلى رأسها الجبل الأشم الدكتور عصام الدين دراسة خطورة الهجمة الدموية وقاد حملة ?نقاذ عقول الشباب من ا?ختطاف جوبه با?عتقال س/من ينشر النظرة الوسطية ويغرس الخصائص العظمى في الاسلام من السماحة واليسر والتعايش ارهابي؟؟؟ أم من يستحل دماء وأعراض العباد؟؟؟ فما أحوجنا اليوم لهذا المقال الذي يزيل اللبس وينير العقول بصدقه من أنامل رجل يحمل بين جوانحه صفات الرجولة المتناهية رجلآ يغاور الرجال على المعاني السامية ا? وهو ا?ستاذ حسن الخليفة عثمان
امين عبدالعظيم
الخميس، 14-05-2015 05:31 م
اللهم فك كربه وكرب جميع العتقلين نحن لاننسى فضل الشيخ عصام علينا وهو رجل خلوق مجاهد مثابر في دعوته
أبو صفوان
الخميس، 14-05-2015 04:07 م
لا أعلم لماذا قرأ البعض كلمات الكاتب من زاوية معينة.. لقد ذكر كاتب المقال مواقفا للشيخ عصام دربالة لا تخص أحدا بعينه.. فمحاربة الغلو والتطرف وآفة التكفير لا تخص فريقا بعينه.. ولكنها أمراض عامة تعاني منها الأمة.. فليس هناك أي داع لإنزالها على جهات بعينها ومن ثم الهجوم على الشيخ عصام دربالة بناء على فهم غير صحيح.. إذا كنت ترى أن الأمة لا تعاني من مثل هذه الأمراض فأنت لا تعيش معنا في عالمنا.. وإن كنت لا تعلم أن الشيخ عصام دربالة كما أسهم في علاج هذه الآفات تحدث أيضا عن إجرام المجرمين وطغيانهم فأنت أيضا لا تعيش في عالمنا.. جهاد ونضال الشيخ عصام دربالة أمر لا ينكره إلا مكابر أو جاهل.. وكذا الجماعة الإسلامية.. ومن غير الإنصاف أن تؤاخذ جماعة بفعل أو قول شخص أو أكثر.. ولو أرادت الجماعة الإسلامية الجبن أو التنازل لكان ذلك من أسهل ما يكون.. وما اعتقال الشيخ عصام دربالة إلى دليل لا يقبل الجدال على ثباتها.. ولو كانت على غير ذلك الحال.. لكان حرا طليقا.. فاتقوا الله فيما تقولون