ملفات وتقارير

"ألبوم العائلة".. توثيق للنكبة بعدسات فلسطينية (صور)

تضم عملية جمع الصور خمسة باحثين موزعين على المحافظات الفلسطينية - الأناضول
تضم عملية جمع الصور خمسة باحثين موزعين على المحافظات الفلسطينية - الأناضول
تجوب الفتاة حنين صالح، مدن وبلدات الضفة الغربية، منذ نحو أربعة أشهر، تجمع صورا وشهادات فلسطينية؛ لتوثيقها ضمن مشروع "ألبوم العائلة"، الذي يقوم عليه المتحف الفلسطيني؛ لجمع صور من الذاكرة الفلسطينية توثّق محطات هامة من حياة الفلسطينيين قبل نكبة عام 1948 وخلالها. 

صالح التي تعمل منسقة إعلامية وباحثة ميدانية في المتحف الفلسطيني (غير حكومي) تقول لوكالة الأناضول: "نعمل بأسلوب علمي وبحثي دقيق، نجمع الصور العائلية من العائلات الفلسطينية، نرفقها بمقابلات مطولة مسجلة صوتيا، حول الصور ومكانها ومناسبتها وأسماء الأشخاص فيها وحتى مصورها".

وتضيف الفتاة بينما تتفقد ألبوما لعائلة فلسطينية مقدسية يعود تاريخها إلى زمن الحقبة العثمانية في فلسطين (1516- 1914م): "لقد دققنا بابا مميزا، وجدنا كنوزا مخبئة لدى العائلات الفلسطينية، وثّقت حقبات هامة في حياة الشعب الفلسطيني، منها سياسية وأخرى اجتماعية وحتى رياضية".



وتتابع: "جمعت مئات الصور، ولا يزال العمل متواصلا، وبات في ذاكرتي آلاف القصص إلى جانب زملاء آخرين يعملون في مواقع مختلفة من فلسطين التاريخية".

وتشير الفتاة صالح إلى صور تمسكها بيديها قائلة: "هذه الصور تم توثيقها من سيدة عجوز تسكن برام الله (وسط الضفة الغربية)، بعد أن هجّرت عائلتها من عكا (شمال فلسطين)".

وتحكي قصة الصورة التي هي عبارة عن زوجين التقطا صورة لهما بيوم زفافهما، قائلة: "السيدة تقول إن الصورة لجدها وجدتها، وكان يعمل جدها تاجرا لبيع البرتقال، وقد اشترى فستان زفاف عروسته من باريس".



ومن بين صور المتحف صورة لـ"الشهيد" عبد السلام البرقاوي الذي تم "اغتياله" من قبل قوات الانتداب البريطاني خلال ثورة عام 1936 (التي استمرت إلى عام 1939 بين مقاتلين فلسطينيين والجيش البريطاني ومسلحين يهود)، بحسب صالح.

واستطاع الباحثون في المتحف جمع نحو 3500 صورة قديمة، تم تحويلها إلى صور رقمية، بحسب رنا العناني، مديرة العلاقات العامة والإعلام في المتحف الفلسطيني.

وتحتفظ بعض المتاحف الفلسطينية بمقتنيات ووثائق فلسطينية لما قبل "النكبة" الفلسطينية، فيما لا يتوفر لدى السلطة الفلسطينية أرشيف خاص بـ"النكبة" ولحياة الفلسطينيين خلالها، بحسب العناني.



وتقول عناني: "الأرشيف الفلسطيني ضاع، بين الحروب والتنقل، ولذلك ارتأينا البحث في أرشيف العائلة الفلسطينية، وتحويله إلى صور رقمية لعرضها عبر موقع إلكتروني مختص سيكون متاحا خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، لتصبح في متناول الزوار حول العالم".

وتضيف: "فكرة المشروع مهمة، ولم نكن نتصور أن نحصل على هذا الكم من الصور، وعلى شخصيات وأحداث ووقائع لم تذكر ولم يعرفها أحد مسبقا".

وتوضح أنه "بات لدينا صور لقادة وسياسيين واجتماعات للقيادة العربية في فلسطين قبل النكبة، وصور لضباط فلسطينيين في الجيش العثماني، وصور من الحياة اليومية، والعمل التطوعي، وتطور الجامعات الفلسطينية والحركة الطلابية".

وتلفت إلى أنه "ما يميّز الصور أنها برؤية فلسطينية، مجردة، حقيقية لا تحمل التحريف".



ويعد المشروع، بحسب عناني، مهما؛ لأنه "يكتشف كنوزا من الصور والمعلومات المتعلقة بفلسطين وخاصة القديمة قبل 1948، ومراحل مهمة وأحداثا تاريخية".

وبدأ المتحف الفلسطيني بتوثيق وجمع الصور وتحويلها إلى رقمية في رام الله والقدس، ثم انطلق إلى باقي محافظات الضفة الغربية، ومنذ أسابيع بدأ في الأراضي المحتلة عام 1948 (الداخل الفلسطيني)، بحسب عناني.

وتضم عملية جمع الصور خمسة باحثين موزعين على المحافظات الفلسطينية فضلا عن ثلاثة موظفين تقنيين للتعامل مع الصور إلكترونيا.

وتقول عناني: "المشروع يشمل قطاع غزة، والشتات الفلسطيني، وخاصة الأردن، ولبنان"، مشيرة إلى "استثناء مخيمات سوريا لما تمر به من حالة اقتتال داخلي".

وفي ظل زخم الصور التي تتدفق على المتحف الفلسطيني، تنهمك "نتالي المصري" في إدخال الصور عبر "السكانر (ماسح ضوئي)" لتحويلها إلى صور رقمية، وسط حالة ذهول يومي، بحسب قولها.

تقول الفتاة: "قرأت عن النكبة وحياة شعبنا قبل النكبة وبعدها، لم أتخيّل أننا كنا نعيش بهذا الشكل الذي تظهره الصور، كنا نعيش حياة مليئة بالفرح، وحتى الترف.. أسواق، ونواد رياضية، وحياة اجتماعية مميزة".

وتشير إلى أنها تعمل على إدخال الصور بجودة عالية، لتبقى بجودة مرتفعة لكي ترفع عبر موقع إلكتروني خاص بدقة عالية أمام الجمهور حول العالم، مرفقة بشروحات عن كل واحدة منها.

وتوضح عناني أن "الصور ملك للعائلات الفلسطينية التي تحرص عليها، حيث يتم تحويلها إلى صور رقمية، وإعادتها لأصحابها"، مشيرة إلى أن "بعض العائلات تتبرع بالصور للمتحف الفلسطيني نهائيا".

والمتحف الفلسطيني غير حكومي مدعوم من مؤسسة "التعاون"، وهي مؤسسة فلسطينية تأسست عام 1983 من فلسطينيي الشتات، مسجلة بجنيف ومكتبها الرئيس برام الله. ويتخذ المتحف مبنى متواضعا في مدينة رام الله للشؤون الإدارية، على أن يتم افتتاح مبناه بشقيه الإداري والمتحف بالقرب من جامعة "بير زيت" إلى الشمال من رام الله منتصف العام القادم 2016.

و"النكبة"، مصطلح يطلقه الفلسطينيون على استيلاء "المجموعات اليهودية المسلحة" على أراض فلسطينية وتهجير أهلها عام 1948، لإقامة الكيان الإسرائيلي، وعلى إثر ذلك هُجّر الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم وفقدوا مساكنهم، وتوزعوا على بقاع مختلفة من أنحاء العالم.

ويُحيي الفلسطينيون ذكرى ما يطلقون عليه "النكبة" في 15 أيار/ مايو كل عام (وهي توافق ذكرى قيام دولة إسرائيل)، بمسيرات احتجاجية، وإقامة معارض تراثية تؤكد على حق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.
التعليقات (0)

خبر عاجل